الدارالبيضاء-فاطمة القبابي
كشف أخصائي نفسي واجتماعي في مجال الإعاقة عبد الصمد بانة، إن أبرز العوائق التي يعاني منها الأشخاص في وضعية إعاقة، تتمثل أولا في الصعوبات التي يواجهونها في الإدماج المهني والمدرسي؛ موضحًا أن ذوي الإعاقة يُرفضون في أغلب المؤسسات التعليمية، من لدن مدراء المؤسسات العمومية، بدعوى أن الأساتذة في المدرسة العمومية غير خاضعين للتكوين قصد تدريس هذه الفئة الاجتماعية، ومتابعتها، ناهيك عن غياب الأقسام المخصصة لاستقبال هذه الفئة من المتمدرسين.
وأورد بانة أن هناك عوائق أخرى تهم المنهاج ومحتوياته، منها عدم تكييف البرامج الدراسية وقدرات الأشخاص في وضعية إعاقة؛ مما يتطلب من الشخص المعاق بدل جهد مضاعف، فضلا عن غياب إستراتجية واضحة لدمج هذه الفئة مما يجعل الإدماج المدرسي في منزلة بين المنزلتين.
وأكد الأخصائي في مجال الإعاقة لـ " المغرب اليوم" أن دور وزارة التربية الوطنية في الاهتمام بالشخص المعاق يكمن في تطبيق الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة ، وكذا قانون الإطار المغربي 97-13 الذي يتوخى إدماج ذوي الإعاقة في المدارس العمومية وتوفير الظروف الملائمة؛ من برامج دراسية تلائم هذه الفئة، وتوفير أساتذة وأطر مختصين في المجال.
وعن سؤال بشأن الجهة الوصية والدعم الذي تقدمه وزارة التربية والتعليم، لذوي الإعاقة أوضح المتحدث أن مسؤولية هذا الملف تتحملها وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين المهني؛ لأنها الجهة الوصية على قطاع التمدرس ، أما فيما يخص مهمة الوزارة فتكمن في ضرورة تقديم منح مالية، وأقسام مدمجة داخل فضاء المدرسة العمومية للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة، ومساعدتها على توفير الظروف الملائمة لإدماج ذوي الإعاقة في المدرسة، مشيرا إلى أن من حق الجمعية الانفراد بالتسيير والتدبير لهذه الأقسام.
وبخصوص الترسانة القانونية التي لازالت حبرا على ورق، أكد عبد الصمد أن المشرع الدولي والمغربي سن عدة اتفاقيات وقوانين هدفها إدماج هذه الفئة مصرحًا أنه من أبرز هذه القوانين؛ الدستور المغربي 2011 ولاسيما الفصلين 32 و 34 الهادفين إلى تكافؤ الفرص والمساواة بين الجميع في التعليم، والشغل والعيش الكريم، وأيضًا قانون الإطار المغربي 97-13، وكذا الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة والتي صادق عليها المغرب في أبريل 2009 ، وأصبحت إلزامية لتطبيقها، لدمج الأشخاص في وضعية إعاقة سواء مدرسيا أو مهنيا أو اجتماعيا . موضحًا أنه بالرغم من وجود هذه الترسانة القانونية فغياب الرؤية الواضحة لتجسيدها يحرم هذه الشريحة الاجتماعية من مكاسب كثيرة ، مفسرًا أن القطاعات الحكومية تتملص من المسؤولية. قائلا: "فمثلا وزارة التربية الوطنية تعتبر هذا الملف من شأن وزارة التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية والعكس أيضًا "وبالتالي غياب جهة معينة للتحاور يجعل هذه القوانين صعبة التجسيد على أرض الواقع" .
وأقرّ عبد الصمد بانة أن هناك عدد مهم من الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة، "لكن قليلة هي الجمعيات التي تتوافر على رؤية واضحة للعمل الجاد والمنتج" موردًا مثال جمعية "أناييس" بالدار البيضاء، واتحاد الجمعيات العاملة في مجال التوحد بالرباط، وأشاد المصدر ذاته بالدور الهام الذي تقوم به جمعية "أناييس" في هذا الباب، مؤكدا أنه لا يضاهيها أحد سواء من ناحية البرامج التربوية المقدمة للأشخاص في وضعية إعاقة أومن جهة المواكبة النفسية والاجتماعية لهؤلاء الأشخاص، وكذا تتبع إدماجهم في سوق الشغل، وهو ما جعلها تحصل على شهادة الجودة ISO من منظمة الصحة العالمية.
ونوه الأخصائي في مجال الإعاقة بالجهود التي يبدلها اتحاد الجمعيات العاملة في مجال التوحد من خلال العمل على جودة البرامج التي تقدمها، وكذا التكوينات الرفيعة المستوى للأطر وكذا للأسر، مضيفا أنه "بفضل هذه الجمعية تحسن العديد من الأطفال وانتقلوا من أسوء الحالات إلى أحسنها ، وبفضلهم أصبح التعامل مع إعاقة التوحد من الأمور السهلة بفضل البرامج التربوية المعروفة في المجال".
ولم يخف المختص في مجال الإعاقة موقفه اتجاه بعض الجمعيات التي أصبحت تسترزق من الإعاقة ولا تقدم لهؤلاء الأشخاص أي مساعدة تذكر بقدر ما تكرس إعاقتهم في المجتمع، وذلك بجلب أطر بدون خبرة في المجال، وتشغيل الأشخاص الذين لا تتعدى مستوياتهم الثالثة إعدادي أو الثانية باكالوريا" مؤكدًا أن مجال التربية الخاصة بصفة عامة يلزمه أطر في المستوى العالي من التعليم والتكوين ، وخريجي المعاهد العليا والكليات المتخصصة؛ " حتى يتسنى لهم التعامل وإعطاء الأشخاص في وضعية إعاقة ما يستحقونه من مواكبة نفسية واجتماعية بالطريقة السديدة" .
وأشار المتحدث نفسه إلى أن هناك تحسن في مجال تعلم الأشخاص في وضعية إعاقة وذلك بفضل الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة التي ضحت بالغالي والنفيس ، حتى صارت الامتحانات الاشهادية مكيفة ، وتراعي ذوي الإعاقة بالرغم من أن هذا الأمر محصور في مدينة الرباط وبكيفية أقل بمدينة الدارالبيضاء ، في حين نلاحظ غياب تام لهذه الجمعيات أو للمختصين في مجال الإعاقة بأغلب مناطق المملكة. قائلا : "على مستوى الباكالوريا وحسب بلاغ الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط - سلا - القنيطرة فإن 34 شخصًا من ذوي الإعاقات المختلفة بمدينة الرباط حصلوا على شهادة الباكالوريا في الدورة العادية والاستدراكية ، من أصل 50، وأكد عبد الصمد بانة أن هناك مجموعة من الحلول يمكن للجهات المعنية أن تتبناها قائلا: "من زاوية نظري المتواضعة أن أبرز الحلول لإدماج أكبر عدد ممكن، هو تحمل المسؤولية لكل قطاع حكومي أو غير حكومي ، يهتم بذوي الإعاقة، وإنجاز خطط إستراتجية واضحة المعالم لإدماج هذه الفئة تتبنى مقاربة شمولية لا من ناحية البرامج أو الولوجيات، وكذا بناء عدد كبير من المراكز في كافة مناطق المغرب ، تكوين أطر جادة للاشتغال في هذا المجال، بالإضافة إلى استحضار الأشخاص في وضعية إعاقة، أثناء إنشاء أو إنجاز أي مشروع كيفما كان نوعه، وكذا تبنى مقاربة دامجة، وحق التعليم للجميع، تفعيل القوانين والمواثيق الدولية والوطنية على أرض الواقع .
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر