المـُـهَـرِّج
آخر تحديث GMT 08:35:12
المغرب اليوم -
نادي لو هافر الفرنسي يقوم بتعليق عضوية أحد مشجعيه والذي يبلغ 6 أعوام فقط بسبب تصرفاته في الملعب إصابة 79 شخصاً نتيجة أعمال عنف بين المشجعين خلال مباراة لكرة القدم بين فريقي كارل زييس جينا وضيفه خيمي لايبزيغ 6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور نادي فيورنتينا يكشف تطورات الحالة الصحية للاعبه إدواردو بوفي الذي تعرض لإصابة مفاجئة خلال مواجهة ضيفه إنتر ميلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ينعي ضحايا التدافع المميت في مباراة كرة القدم في غينيا ويُقدم تعازيه لأسر المتوفين والاتحاد الغيني حكومة غينيا تُعلن مقتل 56 شخصاً فى حادث تدافع أعقاب احتجاجات المشجعين على قرارات طاقم التحكيم خلال مباراة لكرة القدم شركة الخطوط الجوية النمساوية تُعلن تمديد توقف الرحلات الجوية إلى طهران وتل أبيب حتى 31 يناير المُقبل استشهاد أحد عناصر أمن الدولة اللبنانى جراء استهدافه بصاروخ موجه من طائرة مسيرة إسرائيلية فى النبطية انفجار جسم غريب في في العاصمة السودانية الخرطوم واستمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع وزارة الدفاع الروسية تُعلن قصف عدد من المطارات العسكرية الأوكرانية ومراكز مراقبة للطائرات بدون طيار خلال 24 ساعة
أخر الأخبار

المـُـهَـرِّج

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - المـُـهَـرِّج

بقلم: يوسف ناصف

هَبَطَ من على خشبةِ المسرحِ، وسَبَقَتْهُ رُوحُه للقبر ! ليس ضروريًّا أن يُدفَنَ جسدُكَ لتصبح ميتًا .  خرجَ من الأبواب الخلفيَّة، ناظرًا لِقَدَمَيه، مُتعجِّباً كيف تحملانه إلى الآن !  كُلَّما رفع رأسه استقيظت الأفكارُ المزعجةُ، وسيطر عليه شبحُ الإخفاق .  ظنَّ أنه ممثِّل جيِّد، يمتلك جميع الأدوات والمهارات اللازمة لذلك، لم يعرف أنَّ هذا اليوم هو يوم سعده وشقائه : يوم سعده لوقوفه للمرَّة الأولى -ممثلاً- أمام جمهور مُتحمِّس للتَّصفيق، حتَّى للسَّخافات ! لم يعلم أنه يومًا سوف يخلد فى خلايا مخِّه المُخصَّص للذِّكريات المؤلمة . صَعدَ مُجبَرًا، فوقف وقَفَاهُ للجمهور وأخذ يرقص ويقفز ويُهلِّلُ : أنا المُهَرِّجُ اضحكوا ...  يعلم أنه فيلم من أربعينيات القرن الماضي يُعادُ تمثيلُه على مسرح مُلَوَّن ! فكان يوم شقائه أيضًا .  الفُرصةُ مُهَيَّئةٌ الآن لإفراز بعض مِن C9H13NO3 (هرمون تفرزه غُدَّة الكظر، التي تقع فوق الكُلية مُباشرةً) إنه الأدرينالين ، يجري في عروقي الآن ، يسبح في دمي بكلِّ حُريَّة ؛ ليقوم بعمله !  ضوضاءُ الشَّارعِ وتداخُلُ الأصواتِ لم يُقنِعاه بفعل شيءٍ ما، اعتاد عليه عندَ الغضب والنَّوم .  وقفَ في وسط الطَّريق يحاولُ تذكُّر حُكم الاستمناء عندَ المذاهب الأربعة، وهل استمناء العقل يجوز أم هناك خلاف ؟ وهل الاستمناءُ اليدويُّ للعقل ينقُضُ الوضوءَ ويُوجِبُ الاغتسال ؟!   داخلَ عربة المترو : المشهد مُكَرَّر ... زِحامٌ شديدٌ ، البشر عاشق ومعشوق ! يتشاركون كلَّ شيءٍ ويتقاسمونه : الهواء، التُّراب، العرق ... يجري بينهم، ويسقطُ من أعلى إلى أسفل، يتبخَّرُ على الوجوه، ويتكثَّف عند سمائهم فتسقطُ أمطارُ الطِّيبة، فتبتهج وتتفاءَلُ ...  _ آلو ....  قالتها من تحت نقابها بصوت خافت جدًّا .  _............  _ والله بحبك ، وما أقدر أعيش من غيرك .  _................  _ بجدّ خلاص مش زعلان ؟  _.............  _ بحبك بحبك .  ابتَسَمَتْ ، نعم ابتَسَمَتْ ، لم يكن يحتاجُ لمشاهدة فمها ليعلمَ ؛ فقد اتسعت حدقتا العين بقدرٍ كافٍ لفضحها ! كما سقطت بعضُ قطراتِ النَّدى فبلَّلَتْ خمارها .   وَضَعَ يَدَه في جيب بزَّته وأخرج مُذَكِّرةً صغيرةً، وكَتَبَ :  _ كوي البدلة والقميص .  _ كتابة مُذَكِّرة الأستاذة ليلى .  _ صاحب البيت .  _ يَكْش تولع بقى .  _ الاتصال برنا، وماتنساش تقول لها بحبك وحشتينِي؛ علشان زعلت المرَّة اللي فاتت.  _ هُوَّ انت بتبُصَّ عليَّ ليه يا أستاذ ياللي جنبي ؟   شَعَرَ ببعض الحرج وابتسم ابتسامةً خفيفةً، وقال في هدوء :  _ أنت في مترو الأنفاق، إذًا أنت مُرَاقَب .   وَضَعَ مُفَكِّرتـَه في مكانها، وتهيَّأ لِلنُّزول .   الأوضاع مقلوبة الآن . لِمَ يتذكَّر كلَّ ما يحدثُ على خشبة المسرح كُلَّما نظر إلى أسماء المحطَّات المكتوبة أعلى باب القطار ؟  مَحَطَّة ، ثُمَّ مَحَطَّة ، ثُمَّ مَحَطَّة ... مَحَطَّات  جمع مؤنث سالم على وزن (مَفْعَلَة) (مَفَعْلَات) مَحَطَّة ... مَحَطَّات !  يعلم أنَّ أغلب مَن حوله في العَرَبة لا يعرفون الكثير عن أمورٍ يُجيدُها منذُ نُعُومة أظافره.  المُمَثِّلون أكثر من البشر !  تذكَّر حركة قميصه المُعلَّق فوق مقبض شُبَّاكه، فَزِعَ وظَنَّ أنه شبحٌ يحاولُ أن يُمازِحَه، ونَسِيَ أنَّ الهواء والقميص قد يتقمَّصان دورَ شبحٍ مُخيفٍ ...  المُمَثِّلون أكثر من البشر !   هبطَ صاحبُ البزَّة من العربة يتمتم بانفعال : أغبياء .  صعدت مكانه امرأة أربعينية، تجرُّ وراءَها طفلاً سمينًا تُدَحرِجُه وراءَها بشكلٍ عجيب !  _ماما ... اعملي لى بيتزا لَمَّا نروَّح .  _ اِنت مش لِسَّه واكِلها امبارح عند خالتك ؟  نظر لها غاضبًا، وانفتحت نافورة بكاء من عينيه !  _ أنا عايز بيتزا .  _ حاضر يا حبيبِى هاتصل بخالتك، وأعرف الطَّريقة وأعملها لك .   نظر لها مُتَحَمِّسًا، وانحنَى نحوَها :  _ 4 أكواب دقيق، 1 ملعقة ملح، 1 ملعقة سُكَّر، ربع كوب زيت، وكوب ماء ونص، حلقات البصل والفلفل الرُّومي، وجبن مودزريللا ، وسجق مُقَطَّع حلقات .  ابدَئي بعمل العجين : بخلط المقادير الجافَّة جيدًا، ثُمَّ أضيفي الزَّيت واخلطيه جيدًا حتَّى يصبح الخليط مُشابهًا لِفُتات الخبز، أضيفي الماء تدريجيًّا ؛ حتَّى تحصُلي على عجين مُتَمَاسِكٍ ، غَطِّيه واتركيه جانبًا حتَّى تخمتر لمدة ساعة .  سخِّني الفُرن، افردي العجين بشكل رفيع، أضيفي له الصَّلصة، رُشِّيه بنصف كِمِّـيَّة الجُبن، ثُمَّ البصل، ونوِّعي الفلفل والسُّجق المطبوخ.  اخبزيه مِن 15 إلى 20 دقيقة ؛ حتَّى ينضُج ، أطفئي نار الفُرن ثُمَّ انثري كِمِّـيَّةً من الجُبن، وأدخليها الفُرن من غير أن تُشعِلي النَّار، واتركيها لتذوب، وقدِّميها ساخنةً !   لم تنزعج مِمَّا قاله هذا الفُضُوليُّ، بل أخرجت من حقيبة ابنها المدرسيَّة قلم رصاص وقَطَعَتْ ورقةً من كرَّاسته، وأعطهما له .   أخذهم منها، وكتبَ الطَّريقة وذيَّلَها بتوقيعه ... المُهَرِّج   لِصُنعِ بيتزا إيطاليَّة جيِّدة لابُدَّ أن تصنعها بنفسك ... يتذكَّر هذه الجُملة جيِّدًا   يعشقُ صناعة السَّعادة ؛ فهي هوايته المُفَضَّلَة ... طالما حلمَ بصناعةِ جزءِ منها فوق خشبة المسرح !   بدأت الأمور تستقر، ويتباطأ خفقانُ قلبه، وبدأ يشعرُ أنَّ جسمه أصبح أخفَّ من الهواء، نظر عبر زُجاج الباب، توقَّف قطار على الرَّصيف الآخر .  رآها تبتسمُ وتحرِّك يديها بحركات للشَّخص فى المقعد المقابل لها، تقول له بالإشارة :  _ أنا أسعدُ مخلوقة على وجه الأرض، ونفسي آخدك في حضني أوي .  _ ..........  _ اليوم ده الوحيد اللي اِتمنِّيت إني أتكِّلم وأصرخ فيه، نفسي أقول : بحبك، بحبك، وكلّ النَّاس دي تسمع وتفهم أنا بقول إيه .  _..............  لوَّح بيده من القِطار الآخر ؛ ليلفتَ نظرها إليه ، شاهدته .  قال لها بالإشارة :  _ أنا أسمع وأتكلَّم، وأنا شاهد على حبك ....  _ اِنت مين ؟  _ أنا المُهَرِّج   تحرَّك القطارُ، وغابت صاحبةُ الابتسامة .  تُشبِهُ العذراءَ المرسومة في الكنيسة المجاورة لمنزله . الاثنان لا يتحدَّثان، فقط يتألَّمنَ ويبتَسِمنَ في رضا .  بدأت الدُّنيا تهتزُّ من تحت قدميه، يشعرُ أنه خفيف !  يسقطُ في هدوءٍ، تحمِلُه الأجساد، لا يستطيعُ السُّقوط بِحُرِّيـَّة .  يُرفَعُ سِتارُ المسرح، فيعمُّ الصَّمتُ المكانَ، تُضاءُ الأنوارُ، ويخرجُ للجُمهور،  يقول بأدب :  "أنا مُمَثِّلٌ جيِّد، لا أحبُّ التَّصفيقَ، أحبُّ الحياةَ، وأصنعُ السَّعادة، وأعرف الكثير من أمور الحياة" .  كان هذا حُلمَه الذي شاهده قبل أن تتبرَّع إحداهُنَّ وتـُغرِقَ وجهَه بالعِطر، ليفيقَ مِن إغمائه !

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المـُـهَـرِّج المـُـهَـرِّج



GMT 13:16 2023 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

القلب الممتلىء بالوجع

GMT 08:05 2023 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

لم يعد مهمّاً بعد اليوم أن يحبّنا أحد

GMT 11:49 2023 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

فلسطين والقدس الأبية

GMT 06:45 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لماذا أكتب لك؟؟ وأنت بعيد!!

GMT 06:41 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أنا النزيل الأعمى على حروف الهجاء ( في رثاء أمي الراحلة)

GMT 11:34 2023 الخميس ,07 أيلول / سبتمبر

السقيفة الملعونة

GMT 10:22 2023 السبت ,26 آب / أغسطس

أنت الوحيد

GMT 13:49 2023 الأربعاء ,23 آب / أغسطس

سأغتال القصيد

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 21:47 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد يخلد ذكرى لاعبه الراحل أسامة فلوح

GMT 09:12 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

الحريات الفردية من منظور القانون الجنائي

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 02:39 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أفضل العطور الرجالية التي تجذب النساء في 2019

GMT 08:49 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

أمينة كرم تكشّف سبب مُغادرتها قناة "طيور الجنة"

GMT 03:19 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تنتهي من نقل مسجد أثري يعود إلى العهد الأيوبي

GMT 16:21 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

لينغارد يكسر صمت لاعبي "مانشستر " بشأن رحيل مورينيو

GMT 19:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع كونراد رانغالي آيلاند في جزر المالديف

GMT 06:17 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عُلماء يكشفون أسباب كذب الأطفال ويؤكدون "أمر طبيعي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib