أكدت وزارة الصحة في قطاع غزة إن الغارات الإسرائيلية قتلت أكثر من 70 شخصاً في شمال وجنوب غزة، بينما داهمت القوات الإسرائيلية أحد آخر المستشفيات العاملة في شمال القطاع. وأكد عاملون في قطاع الصحة في غزة أن من بين القتلى تسعة أطفال من عائلة واحدة، في مدينة خان يونس في الجنوب.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه يتحقق من التقارير الواردة من خان يونس، مشيراً إلى أن قواته تعمل في منطقة مستشفى كمال عدوان بناءً على معلومات استخباراتية "تتعلق بوجود إرهابيين".
وتعرض مبنيان سكنيان على الأقل في حي المنارة في خان يونس جنوب شرق غزة، لضربات جوية إسرائيلية فجر يوم الجمعة، وفقاً لوكالة الدفاع المدني في غزة.
وقال محمود بصل، المتحدث باسم وكالة الدفاع المدني في غزة إن أربعة عشر شخصاً، بينهم تسعة أطفال، قتلوا عندما أصيب منزل عائلة الفارعة، بينما قُتل ستة أشخاص آخرين في غارة ثانية على منزل قريب.
وقالت إحدى الناجيات من القصف تدعىً أم الأمير الفرّا إن "الصواريخ سقطت بجوارنا، ودُفنا تحت الأنقاض. قُتل أطفالي وأختي".
كما أكدت إحسان الفارعة، أن ابنها عيسى البالغ من العمر خمس سنوات قُتل أيضاً، ولم يكن هناك سوى نساء وأطفال في المنزل.
ونشر الدفاع المدني مقطعاً مصوراً قال إنه يُظهر طواقم الإنقاذ وهم ينتشلون جثث الأطفال من منزل عائلة الفرّا، كما تم التقاط صور لنفس الأطفال في وقت لاحق داخل أكياس جثث في مستشفى غزة الأوروبي القريب.
ونُقلت جثث ثلاثة أطفال آخرين إلى مستشفى ناصر في خان يونس.
وأفادت وزارة الصحة في غزة في وقت سابق أن إجمالي عدد القتلى بلغ 38 شخصاً في خان يونس مساء الخميس وفجر الجمعة، فيما أدانت ما وصفته بـ "عدة مجازر" من قبل الجيش الإسرائيلي.
ولم يصدر تعليق فوري من الجيش الإسرائيلي، لكنه أصدر صباح الجمعة بياناً قال فيه إنه "قضى على العديد من الإرهابيين من الجو والأرض وفكك العديد من البنى التحتية الإرهابية" خلال اليوم الماضي.
وأدانت منظمة أطباء بلا حدود في بيان مقتل حسن صبح في 24 أكتوبر/تشرين الأول إثر عملية عسكرية إسرائيلية في خان يونس، جنوب غزة.
وأضافت أطباء بلا حدود، أن حسن البالغ من العمر41 عاماً كان يعمل مع أطباء بلا حدود منذ عام 2019، وكان زوجاً وأباً لسبعة أطفال.
وأشارت المنظمة إلى أن حسن هو ثامن شخص يُقتل في قطاع غزة من طواقمها منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والثاني خلال أسبوعين فقط، مؤكدة أن إسرائيل ما تزال "تتبنى تجاهلاً صارخاً لحياة المدنيين في حربها على غزة، ويجب أن يتوقف هذا على الفور" بحسب المنظمة.
في غضون ذلك، قالت وزارة الصحة في غزة إن القوات الإسرائيلية داهمت مستشفى كمال عدوان، واحتجزت مئات المرضى والطواقم الطبية والنازحين بداخله.
وقال عيد صبح مدير التمريض في المستشفى إن إنه "عند منتصف الليل وصلت دبابات وجرافات جيش الاحتلال إلى المستشفى. بدأ ترويع المدنيين والجرحى والأطفال عندما بدأت القوات الإسرائيلية بفتح النار على المستشفى".
وقال صبح، إن القوات الإسرائيلية تراجعت عندما وصل وفد من منظمة الصحة العالمية مع سيارة إسعاف وقام بإجلاء 40 مريضاً. ومع ذلك، عادت الدبابات لاحقاً إلى المنطقة المحيطة وفتحت النار على المستشفى، مستهدفة مخازن الأكسجين، قبل أن تطلب من الطاقم الطبي والمرضى مغادرة المكان.
وأظهر مقطع مصور نشر على وسائل التواصل الاجتماعي، مدير المستشفى، الدكتور حسام أبو صافية، وهو يتحدث عبر الهاتف أثناء تجوله في جناح مزدحم، حيث بدت نافذتان محطمتان وسقف متضرر، وقال: "بدلاً من تلقي المساعدات، نتلقى دبابات، دبابات تقصف المبنى".
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن الوكالة فقدت الاتصال بالعاملين في مستشفى كمال عدوان.
وأضاف أن "هذا التطور مقلق للغاية بالنظر إلى عدد المرضى الذين يتلقون العلاج والأشخاص الذين يحتمون هناك".
وأكد أن فريق منظمة الصحة العالمية وصل إلى المستشفى في وقت متأخر من ليلة الخميس "وسط الأعمال العدائية في المنطقة المجاورة"، وقام بنقل ثلاثة وعشرون مريضاً وستة وعشرون ممرضاً إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة، وقاموا بتسليم وحدات من الدم ومستلزمات الطوارئ والجراحة.
وأضاف أن "مستشفى كمال عدوان يعاني من اكتظاظ شديد، إذ يستقبل نحو 200 مريض، ويتعرض بشكل مستمر لحالات صادمة ومروعة. كما أنه مليء بالمئات من الأشخاص الذين يبحثون عن مأوى".
من جانبه يقول الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته "تعمل في منطقة مستشفى كمال عدوان في جباليا، بناء على معلومات استخباراتية بشأن وجود إرهابيين وبنى تحتية إرهابية في المنطقة".
وأضاف أنه "في الأسابيع التي سبقت العملية، سهلت قواته إجلاء المرضى من المنطقة مع الحفاظ على خدمات الطوارئ".
وعلى صعيد دبلوماسي، حث وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، على الضغط على إسرائيل بسبب تدهور الوضع الإنساني والنزوح الجماعي للمدنيين في شمال غزة.
وقال في بداية اجتماع في لندن: "ننظر إلى شمال غزة ونرى تطهيراً عرقياً يحدث، وهذا يجب أن يتوقف".
وحذر الصفدي أيضاً من أن الشرق الأوسط يقف على "شفا حرب إقليمية"، مضيفاً أنه في كل مرة يلتقي فيها بلينكن، تزداد الأوضاع سوءاً "ليس بسبب عدم محاولتنا، ولكن لأن لدينا حكومة إسرائيلية لا تستمع إلى أحد، ويجب أن يتوقف ذلك".
وأضاف الصفدي بأن "السبيل الوحيد لإنقاذ المنطقة من ذلك هو أن تتوقف إسرائيل عن الاعتداءات على غزة ولبنان وتوقف الإجراءات أحادية الجانب، وغير القانونية في الضفة الغربية، والتي تدفع الوضع أيضاً إلى الهاوية".
ويعتقد العديد من الفلسطينيين أن الجيش الإسرائيلي ينفذ ما يُعرف بـ "خطة الجنرالات" في الشمال، وستؤدي إلى التهجير القسري لجميع المدنيين والمقدر عددهم بنحو أربعمئة ألف شخص إلى الجنوب، يليها حصار لأي مقاتلين متبقين من حماس.
و نفى الجيش الإسرائيلي وجود مثل هذه الخطة، وقال إن هجومه في جباليا يهدف إلى إحباط عودة حماس.
ويلتقي بلينكن بالقادة العرب ووزراء الخارجية في المملكة المتحدة بعد جولة دبلوماسية في الشرق الأوسط.
ويُعتقد أن الولايات المتحدة تعمل على خطة لما بعد الحرب في غزة، في محاولة للحصول على موافقة الدول العربية على الرغم من جمود مفاوضات وقف إطلاق النار وملف الرهائن في غزة.
وقال بلينكن إنه يجري محادثات هامة "حول إنهاء الحرب في غزة ورسم مسار لما سيأتي بعد ذلك"، مضيفاً أن هناك "شعوراً حقيقياً و ملحاً في التوصل إلى حل دبلوماسي" للصراع بين إسرائيل وحزب الله في لبنان.
قال فولكر تورك المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إن الحرب في غزة تشهد "أحلك لحظاتها" في شمال القطاع.
وأضاف تورك أنه "في الوقت الذي نتحدث فيه، الجيش الإسرائيلي يخضع شعباً بأكمله للقصف والحصار وخطر المجاعة". ودعا زعماء العالم إلى التحرك مشيراً إلى أنه على الدول واجب بموجب اتفاقيات جنيف لضمان احترام القانون الإنساني الدولي.
ولم يصدر رد فوري من الجيش الإسرائيلي، لكنه قال إن قواته قتلت "مئات الإرهابيين" وأجلت 45 ألف مدني في جباليا منذ عودتها إلى المنطقة للمرة الثالثة في السادس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري بهدف "منع مقاتلي حماس من إعادة تجميع صفوفهم هناك".
وأفادت التقارير بمقتل مئات الفلسطينيين وتشريد عشرات الآلاف منذ عودة القوات الإسرائيلية إلى جباليا.
وتشير تقارير أممية إلى أن السكان غير القادرين على إخلاء المنطقة "يعيشون في ظروف يائسة بشكل متزايد، مع نفاد المواد الغذائية وغيرها من الإمدادات الأساسية".
وحذرت مفوضية حقوق الإنسان الجمعة، من أن جميع سكان شمال غزة يتعرضون لقصف "متواصل"، وسط أوامر لمئات الآلاف بالانتقال دون ضمانات بالعودة.
وقال تورك إن "الوضع يتفاقم يوماً بعد يوم بشكل لا يمكن تصوره"، مشيراً إلى أن "سياسات وممارسات الحكومة الإسرائيلية في شمال غزة تخاطر بإفراغ المنطقة من جميع الفلسطينيين. نحن نواجه أفظع الجرائم، التي قد تصل إلى جرائم ضد الإنسانية"، على حد وصفه.
وأضاف أنه "من غير المقبول على الإطلاق أن تعمل الجماعات الفلسطينية المسلحة بين المدنيين، وفقاً للتقارير، بما في ذلك داخل ملاجئ النازحين، وتضعهم في طريق الأذى".
وقال تورك إن الدول في جميع أنحاء العالم - وكلها أطراف في اتفاقيات جنيف - يجب أن تتحرك الآن لدعم عمل المفوضية.
وأضاف: "هذه معايير مقبولة عالمياً وملزمة تم تطويرها للحفاظ على الحد الأدنى من الإنسانية. أناشدكم أن تضعوا حماية المدنيين وحقوق الإنسان في المقام الأول وألا تتخلوا عن هذا الحد الأدنى من الإنسانية".
وأشار تورك إلى أنه "حينما يكون هناك خطر الإبادة الجماعية، فإن جميع الدول ملزمة قانونياً بمنعها. حتى الآن، تجنب كبار مسؤولي الأمم المتحدة بشكل كبير استخدام كلمة إبادة جماعية فيما يتعلق بغزة. ولطالما اتهمت إسرائيل الأمم المتحدة بالتحيز ورفضت الاتهامات بأنها ارتكبت جرائم حرب".
وقالت إسرائيل الخميس، إنها ستُرسل رئيس وكالة المخابرات الإسرائيلية (الموساد) إلى الدوحة يوم الأحد للقاء مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ورئيس الوزراء القطري، في إطار جهود المستمرة لاستئناف محادثات وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن.
جاء ذلك بعد أن التقى وفد من حماس بمسؤولين أمنيين مصريين في القاهرة، وقالت حماس إنه لم يطرأ أي تغيير على شروطها للصفقة والتي تشمل الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة.
وبدأت إسرائيل حرباً في قطاع غزة رداً على هجوم نفذه عناصر من حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وأسفر عن مقتل حوالي 1,200 إسرائيلي واحتجاز 251 آخرين بحسب السلطات الإسرائيلية.
ومنذ بداية الحرب قُتل أكثر من 42,840 فلسطيني في غزة بحسب وزارة الصحة في القطاع.
في مارس/آذار الماضي، قتلت إسرائيل 19 فلسطينيا كانوا ينتظرون المساعدات عند دوار الكويت جنوب شرق مدينة غزة.
واليوم الجمعة، تكرر المشهد ذاته، إذ قتل 12 فلسطينيا على الأقل بغارات شنتها طائرات مسيرة إسرائيلية على مجموعة كانت تنتظر وصول مساعدات إنسانية في شمال قطاع غزة، بحسب ما أعلن الدفاع المدني.
وقال المتحدث محمود بصل، إن طواقم الدفاع المدني انتشلت 12 جثة وعددا من الجرحى بعد استهداف مسيرات إسرائيلية مجموعة من المواطنين ومركبة ينتظرون وصول المساعدات شمال مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، وفقا لوكالة "فرانس برس".
يأتي هذا بينما لم يكن شمال القطاع بحال أفضل، فبعد نحو أسبوعين على الحصار والقصف العنيف الذي شهده مخيم جباليا، اقتحمت القوات الإسرائيلية، اليوم الجمعة، مستشفى كمال عدوان، الوحيد الذي لا يزال يعمل في تلك المنطقة.
وأجبرت الطواقم الإسعافية والطبية على مغادرته وإجلاء المرضى.
كما اعتقلت عشرات المواطنين من المستشفى، وأجبرتهم على خلع ملابسهم.
ثم جمعتهم في ساحة واسعة بمحيط المستشفى، ولم يعرف مصيرهم حتى اللحظة.
و أكد مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن المنظمة فقدت الاتصال مع الموظفين في المستشفى. وحذر بتغريدة على منصة "إكس" من أن "هذا التطور مقلق للغاية بالنظر إلى عدد المرضى الذين يتم تقديم الخدمات إليهم والأشخاص الذين لجأوا إلى هذا المكان طلبا للحماية".
قد يهمك أيضــــاً:
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر