مغربيات يخاطرن بحياتهن بين الطرق الوعرة لتهريب البضائع من إسبانيا
آخر تحديث GMT 06:05:02
المغرب اليوم -

بينما يعانين من قلة الأجر و الإهمال الصحي و تجاهل الحكومتين

مغربيات يخاطرن بحياتهن بين الطرق الوعرة لتهريب البضائع من إسبانيا

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - مغربيات يخاطرن بحياتهن بين الطرق الوعرة لتهريب البضائع من إسبانيا

مغربيات تهرب البضائع من إسبانيا
باب سبتة- المغرب ـ  سعيد بونوار

باب سبتة- المغرب ـ  سعيد بونوار تخاطر نساء مغربيات بين الطرق الحدودية الوعرة بحياتهن لحمل بضائع التهريب، بين مدينة تطوان وسبتة (الثغر المغربي المحتل من قبل الإسبان شمال المغرب)،  بينما لا تهتم الأجهزة الأمنية الإسبانية بالتدقيق في وجوهن التي اعتادوا على رؤيتها كل يوم، فالعابرات (المورو)، حينما يهرولن عند الغروب في اتجاه بوابة الحدود (الوهمية) المعروفة باسم "معبر طارخال"، فهن مجبرات على نقل بضائع التهريب على ظهورهن كل يوم لإيصالها إلى الأباطرة القابعين في قصورهم بعد أن يقطعن عشرات الكيلومترات يوميًا ركضًا، مقابل مبلغ زهيد  قد لا يكفي لإعالة أسرهن، دون تأمين ولا تغطية صحية ولا اعترافًا رسميًا، وسط تجاهل للسلطات في كلتا الضفتين.
فالمغرب "المنهوك" ببضائع التهريب من المنطقة الحرة الإسبانية سبتة، يدير ظهره لأطنان البضائع التي تلج أسواقه دون أداء رسوم جمركية أو ضرائب، وفي منافسة غير متوازنة للإنتاج المحلي أو الاستيراد القانوني، ويرى القائمون على تدبير الشؤون الاقتصادية المغربية أن هؤلاء النسوة اللواتي يتحملن وزر نقل البضائع لفائدة مهربين كبار يضيع على المغرب ما مقداره  1.75 مليار درهم ( أي حوالي227 مليون دولار) سنويًا.
أما إسبانيا الباحثة عن التخفيف من حدة أثقالها وأعبائها الاقتصادية مع الأزمة العالمية تجد في المنفذ المغربي جنيًا لأموال طائلة تضعها المهربات في الحسابات البنكية الإسبانية، وينشطون بها دورة المال والأعمال والإنتاج في أوروبا.
و يذكر أن هؤلاء النساء أضحين عارفات بخبايا السياسة والمال، رغم أميتهن الشديدة، وهن ملزمات كل يوم بولوج  مدينة سبتة عبر الحدود، والاتجاه نحو محلات ومخازن كبرى مبنية بشكل عشوائي غير بعيد عن البوابة الحدودية، وعليهن حمل ما يفوق طاقتهن من السلع والبضائع على اختلاف أنواعها، الغالي منها والرخيص، الأثواب والأحذية والألبسة والأغطية والمواد العدائية وحتى المنزلية، وهن مجبرات على العودة قبل غروب الشمس بقليل، ووضع حمولتهن "المهربة" في مخازن أخرى في مدينة تطوان التي لا تبعد إلا بعض كيلومترات ثم تدخل دورة أخرى من التهريب في اتجاه محلات وأسواق في الدار البيضاء والرباط والقنيطرة وغيرها من المدن المغربية.
و يمكن للمرأة العاملة في تهريب البضائع أن تحمل الملايين على ظهرها من قيمة السلع، لكنها في النهاية لن تحصل إلا على "الفتات"، وهو عبارة عن بضع دريهمات تعود بها إلى الأسرة حيث يكون الزوج المعول عليه في الإنفاق عاطلا ينتظر زوجته المنهكة، فالمدينة التي تحتضن أكبر سوق لبضائع التهريب في المغرب بل وفي إفريقيا لا توجد بها مصانع أو معامل لاحتواء عدد العاطلين، وهو ما يدفع الكثير من أبنائها إلى تعاطي تهريب البضائع أو تريب المخدرات.
و تعاني نساء تهريب البضائع معاناة شديدة، فالعمل اليومي قد يبدأ بسيل من الشتائم العنصرية والتزاحم الشديد مخافة أن تفرض السلطات الإسبانية منعا لولوج هؤلاء المدينة لطارئ ما، وقد ينتهي بحزن شديد، فحاملات البضائع المهربة مطالبات في كثير من الأوقات بأداء رشوة لحرس الحدود من الجانبين، وتجد المرأة المجدة في أحسن الأحوال عائدة إلى منزلها شبه مصابة أو متعبة بـ50درهما (ما يقرب من 6 دولارات).
أغلب العاملات في تهريب البضائع من المسنات اللواتي قضين عقودا في مزاولة المهنة، بل إن منهن من تبلغ 75 عاما ومازالت مطالبة بالعمل كما لو أنها شابة، تقول فاطنة لـ"المغرب اليوم":"أنا أبلغ من العمر 70 عاما، لم أعد بالقوة التي كنت عليها في شبابي، وعلي أن أعمل بنفس النشاط، فصاحب البضاعة لا يهمه غير إيصال المطلوب إلى مخازنه إن أردت أن أعود بالدريهمات إلى بيتي".
وتضيف زميلتها خديجة:"نحن نعمل ليومنا، لا ضمانات لدينا، نكتفي بحمل الأمتعة التي لا نعلم في كثير من الأحيان ماهي، ومع ذلك فدورنا إيصال الحمولة سليمة".
وتتذكر عائشة صديقتيها بشرى والزوهرة اللتين توفيتا قبل عامين أثناء التدافع أمام الباب الحديدي، حينما قرر الأمن الإسباني إغلاق البوابة في وجوه حاملي بضائع التهريب، لقد أصيبت الكثيرات، ومع ذلك عدن للعمل في اليوم الموالي، فتحصيل القوت لا يحتمل الراحة أو التأجيل"، الغريب في القضية أن قاضي  التحقيق حفظ الملف لغياب الأدلة التي تحمل المسؤولية لهذا الطرف أو ذاك.
تنتهي مسارات الزمن بنساء التهريب إلى أمراض مزمنة، فالأثقال اللواتي كن يحملنها يوميا وهي تتعدى في أحسن الأحوال الـ100كيلو غراما، تحول أجسادهن إلى مرتع لإصابات بالغة.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مغربيات يخاطرن بحياتهن بين الطرق الوعرة لتهريب البضائع من إسبانيا مغربيات يخاطرن بحياتهن بين الطرق الوعرة لتهريب البضائع من إسبانيا



GMT 09:18 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يحتل المرتبة 107 عالمياً في "مؤشر حقوق المرأة "

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib