طوَقّت إشكاليات شائكة تهم مواضيع تتعلق بالمخزونات الوطنية الطاقية وأسعار المحروقات ومجال المناجم واستغلالها غير المشروع في المغرب، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، مساء أمس الثلاثاء، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين.
وتفاعلاً مع سؤال شفوي آني حول موضوع “محاربة الاستغلال غير المشروع للثروات المعدنية”، طرحه فريق التجمع الوطني للأحرار، لم تُنكر وزيرة الانتقال الطاقي وجود “مستغلين بطريقة غير مشروعة للثروة المعدنية في بعض المناطق، خاصة بالذكر جهتَـيْ درعة تافيلالت والشرق”.
ولم تتوان الوزيرة، خلال جوابها، في الطلب من السلطات المحلية وحثَّها على “ملاحقة مستغلي المناجم بطريقة غير مشروعة بشكل شبه يومي”.
“إن محاربة هذه الظاهرة تضعها الوزارة من أولوياتها وتسعى إلى القضاء عليها بالإمكانيات المتوفرة بتنسيق مع وزارة الداخلية”، تقول بنعلي، مفيدة بأن “القانون الذي ينظم استغلال المناجم يشترط الحصول على تراخيص تسلّمها الإدارة المكلفة بالمعادن، كما ينص على عقوبات في حق كل من يُمارِس أيّ نشاط منجمي خارج الضوابط القانونية”.
ونبهت المسؤولة الحكومية إلى أن “الاستغلال المنجمي غير المشروع” بالمغرب يظل-في بعض الأحيان-محفوفاً بمأساة “بعض الوفيات”.
وتابعت بأن وزارتها “تكثف المراقبة الميدانية للعاملين في المناجم، وملاحقة المخالفين”، مؤكدة أن “الوزارة عملت في أقاليم جهة الشرق على وضع حد للأنشطة المنجمية العشوائية، من خلال خلق عدة تعاونيات وشراكات لتنظيم العمل في مناجم الرصاص والزنك والفحم الحجري، بما يسعى إلى احترام معايير السلامة”، على حد تعبيرها، قبل أن تتعهد بـ”تكثيف الجهود خلال السنة المقبلة لاستكمال الإصلاح التشريعي للقانون المنظّم للمناجم”.
سوق المحروقات
في موضوع “إجراءات تطوير نظام الاحتياطي في قطاع النفط” (طرحه الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية) و”تداعيات إشكالية الطاقة على الاقتصاد الوطني وعلى القدرة الشرائية للمواطنين” (الفريق الحركي)، وجّه الفريق الحركي بمجلس المستشارين سهام نقد لاذع إلى سياسة الوزارة والحكومة في تدبير قطاع المحروقات بالمغرب.
وقال أحد مستشاري الفريق الحركي: “إن ما يشهَدُه سوق المحروقات في المغرب من تقلبات لا يخلو من تداعيات تعود بالسلب على القدرة الشرائية للمواطنين”.
ووصف المستشار ذاته، ضمن تعقيب على جواب وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، الأمر بـ”ضبابية في رؤية الحكومة لتدبير هذه السوق”، وزاد: “الوزارة المكلفة بالطاقة ليست قادرة على تقنين السوق، ولا هي قادرة على تقديم بدائل ناجعة لدعم القدرة الشرائية”.
الفريق المعارض كال للوزارة التي تدير بنعلي حقيبَتها اتهامات بـ”الفشل في دعم مهنيي النقل الطرقي، في ظل الأثر الواضح لارتفاع أسعار مجموعة من المواد الأساسية والمنتوجات الفلاحية والسلع والخدمات”، وفق تعبيره.
وتابع متسائلا: “لماذا تترد الحكومة في تفعيل المادة الرابعة من قانون حرية الأسعار والمنافسة التي تمنحها حق تسقيف الأسعار مؤقتا؟ ثم لماذا لم تُراجع الضرائب وتعيد تشغيل مصفاة سامير؟”.
تخزين المواد السائلة
تفاعُل وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، مع أسئلة المستشارين، خلال الجلسة نفسها، شمل موضوع القدرات التخزينية من المواد السائلة، قائلة إن “المغرب يتوفر على قدرات تخزينية تفوق مليونَيْ متر مكعب”.
وفي تفاصيل حديثها عن “الإجراءات المتخذة لضمان تزويد المغرب بالمواد البترولية والقدرات التخزينية للمواد البترولية السائلة والغازية”، أوردت الوزيرة أن “94 في المائة منها متصلة بالموانئ، و582 ألف متر مكعب بالنسبة لغازَي “البوتان والبروبان”، 89 في المائة منها متصلة بالموانئ.
وأقرت المسؤولة الحكومية بأن “مادة البوتان التي نواجه فيها مشكلاً”، سيصل إنجاز القدرة الإجمالية الإضافية إلى 220 ألف متر مكعب بغلاف مالي يقدر بـ660 مليون درهم في أفق 2024، موزَّعة على المحمدية والجرف الأصفر، ونعتزم توزيعها أكثر”.
“البوتان”.. 41 يوماً من الاستهلاك
بسطت بنعلي معطيات محيّنة دالة تبرز أن “الاحتياطي من غاز البوتان بالمغرب يصل إلى 537 ألف متر مكعب؛ أي ما يمثل تقريبا 41 يوما من الاستهلاك، أزيد من 60 في المائة منها تتركز في مدينة المحمدية”. أما الاحتياطي من غاز “البروبان” فيُقارب 45 ألف متر مكعب؛ أي ما يمثل 42 يوما من الاستهلاك، حسب معطيات وزيرة الانتقال الطاقي.
وأشارت المتحدثة إلى أن وزارتها أطلقت مع وزارة التجهيز والماء في أكتوبر 2022 لجنة للتخطيط متعلقة بالبنيات التحتية للمواد الطاقية، من أجل تخطيط تدفقات الطاقة بطريقة متوازنة وإعداد البنيات التحتية اللازمة من أجل تحسين القدرة التنافسية اللوجيسكية للمغرب والحفاظ على الأمن الطاقي للمملكة.
حالياً، تورد بنعلي، تستفيد الوزارة من نتائج هذه الدراسة التي اشتغلت عليها مع وزارة التجهيز والماء لتنزيل “نظام جديد لتدبير المخزون الاحتياطي في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص”، مشددة على “تحيين خارطة الطريق من أجل تطوير قطاع الغاز الطبيعي الذي سيمكّن من حل مشاكل الفيول والبوتان”.
وتعتزم وزارة الانتقال الطاقي، بحسب بنعلي، “إطلاق طلبات العروض قبل نهاية هذه السنة أو في بداية السنة المقبلة على الأكثر، ما سيُمَكن من المساهمة في تعزيز الأمن الطاقي للمملكة”.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر