قال راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، الخميس، إن القارة الإفريقية “تتوفر على كافة إمكانيات النهوض وتحقيق التنمية المستدامة، من أراضي صالحة للزراعة ومعادن استراتيجية، وموارد بشرية”، موضحا أنها “في حاجة إلى تمويلات كبرى، وإلى التكنولوجيات والمهارات”، مفيدا أن “المبادرة الأطلسية تشكل فرصة تاريخية لجلب الاستثمارات ورؤوس الأموال وتوطين المشاريع، وأن الهدف يظل هو تحقيق الصعود الإفريقي، وتمكين شعوب القارة من العيش الكريم من خلال الشغل الضامن للكرامة والخدمات الاجتماعية من تعليم وصحة وحماية اجتماعية”.
وشدد الطالبي، في كلمته خلال افتتاح اجتماع رؤساء البرلمانات الوطنية في الدول الإفريقية الأطلسية، أنه “على العالم أن يدرك أن تحقيق هذه المشاريع سيكون عاملا حاسما في الاستقرار، بالقضاء على الفقر وتوفير السكن اللائق، والماء والكهرباء والتكوين والمعرفة لمجموع سكان القارة، واحتواء الأزمات، والوقاية من النزاعات، والقضاء على جذور التشدد والتطرف والإرهاب الذي يستهدف أكثر من بلد إفريقي”.
ولفت رئيس مجلس النواب إلى أن تحويل هذه المشاريع إلى أوراش، ثم إلى منجزات، يتطلب الإرادة السياسية الجماعية، والبرغماتية، وإلى العمل الجماعي، واستحضار مصالح إفريقيا أولا، وإلى الثقة والصدق، مبرزا أن المؤسسات التشريعية في بلداننا مدعوة إلى المساهمة الحاسمة في تحويل هذه المبادرات إلى مشاريع ملموسة من خلال المواكبة المؤسساتية، والتحفيز على الانخراط فيها، وتعبئة الرأي العام لتَمَلُّكِها والإيمان بها وبمردوديتها.
وحتى تكون الجهود منسقةً، اقترح الطالبي “تشكيل شبكة برلمانية من ممثلي المؤسسات التشريعية في البلدان الإفريقية الأطلسية، لتنسيق الاتصالات والترافع على المستوى الدولي، ولجعل هذه المبادرة ضمن برنامج عمل ومناقشات مؤسساتنا وحواراتها وتعاونها مع باقي المؤسسات الوطنية والفاعلين الاقتصاديين والمدنيين والرأي العام في كل قطر معني”.
وفضلا عن المشاريع والشراكات التي ينخرط فيها القطاع العام والقطاع الخاص المغربي، في العديد من البلدان الإفريقية، أورد الطالبي إن “بلادنا، تضع رهن إشارة القارة، تجهيزاتها الأساسية خاصة الطرق، والموانئ والمطارات، كحلقات لربط إفريقيا في ما بينها ومع باقي بلدان العالم، مستثمرة موقعها الاستراتيجي”، كما أن “المغرب يضع رهن إشارة أشقائه الأفارقة، شراكاته الإقليمية والدولية وما تتيحه من إمكانيات في التجارة والمبادلات والدعم المتبادل”.
وأفاد الطالبي “لدينا في التجارب الدولية التي تأسست على الوحدة والتكتل، وتفضيل منطق العمل المشترك والشراكات والتضامن والتكامل، العديد من الدروس. وعلينا أن نتوجه إلى المستقبل ونعطي لاتحادنا الإفريقي، والتكتلات الإقليمية الإفريقية بعدا وجوهرا نفعيا اقتصاديا تضامنيا، ونستثمر التكامل الذي تتيحه جغرافياتنا ومواردنا من أجل إفريقيا الجديدة، ومن أجل ترسيخ الأمل لدى الشباب الإفريقي وجعله يثق في إمكانيات قارته”.
واسترسل رئيس الغرفة الأولى “يعلمنا التاريخ منذ القدم أن البلدان التي تقدمت وكان لها السبق التجاري والصناعي هي التي عاندت أمواج البحار والمحيطات وغامرت بحثا عن الأسواق والثروات. وكلما أدارت الشعوب ظهرها للبحر غمرتها الأمواج من الخلف”.
وأردف أن المبادرة التي “نجتمع حولها ومن أجلها اليوم واحدة من المشاريع التي ستحدث تحولا استراتيجيا في إنماء القارة واندماجها وتقدمها. وبقدر انفتاح هذا المشروع على مجالات جيوسياسية واقتصادية كبرى عديدة، بقدر انفتاحه على المستقبل المليء بالتحديات وفي مقدمتها مواجهة الإرهاب والاتجار في البشر، وربح الرهانات وفي مقدمتها رهان التنمية المستدامة وجعل كلمة إفريقيا مسموعة ومؤثرة في الجيوسياسية الدولية”.
واعتبر أن “ما يزيد من قيمة مسلسل البلدان الإفريقية-الأطلسية، تكامله مع مبادرة أخرى أطلقها الملك محمد السادس في نونبر 2023 بشأن تمكين بلدان الساحل الإفريقية التي لا تتوفر على منافذ بحرية، من الولوج إلى المحيط الأطلسي مع ما يتطلبه ذلك من منشآت وتجهيزات أساسية استراتيجية من طرق وسكك حديدية، وخدمات ووسائل النقل. ويتعلق الأمر بمبادرة أخرى تضامنية نبيلة يمكن أن تمتد إلى العمق الإفريقي، ما ييسر قيام قارة مترابطة ومتواصلة ومفتوحة على العالم”.
وأكد أن مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب المخطط له أن يمر عبر 13 بلدا إفريقيا في اتجاه أوروبا، يشكل حلقة مركزية أخرى في التكامل الإقليمي والاندماج القاري، ويشكل دعامة أساسية لمسلسل التكامل بين البلدان الإفريقية الأطلسية، وييسر حصول العديد من البلدان على الطاقة باعتبارها محركا للاقتصاد.
وأبرز الطالبي “إننا إذن إزاء مبادرات طموحة، تتكامل في ما بينها وتشكل حلقات مركزية في البناء الإفريقي المأمول”، موردا أنه “بعد أن كانت إفريقيا خلال الحرب الباردة مجالا للتجاذب والصراع بين قُطْبي العالم، أصبحت الآن موضوع تنافس دولي، إذ تسعى القوى الاقتصادية الكبرى والصاعدةّ، كل من جانبه، ووفق مصالحه، إلى الحصول على مواقع متميزة في العلاقات الاقتصادية مع بلدان القارة وضمان مصالحها بقارتنا، لكن مع كل دولة على شكل انفرادي”.
ووواصل رئيس مجلس النواب “إذا كان تنويع الشراكات مشروعا وإيجابيا، فإنه ينبغي بناؤها على الاحترام المتبادل والعدل، والإنصاف والربح المشترك، والتوازن، ونقل المهارات والتكنولوجيات، وينبغي أن تكون منتجة للشغل، وأن تكون مداخل للتحديث والتجهيز”.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر