نجاة النرسي تؤكد أن التطلع إلى مجتمع العدالة لا يمثل تهديدًا للنساء في المغرب
آخر تحديث GMT 01:31:19
المغرب اليوم -

أوضحت أنه يستلزم إرادة سياسية يرافقها عمل تربوي عميق

نجاة النرسي تؤكد أن التطلع إلى مجتمع العدالة لا يمثل تهديدًا للنساء في المغرب

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - نجاة النرسي تؤكد أن التطلع إلى مجتمع العدالة لا يمثل تهديدًا للنساء في المغرب

جامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء
الرباط - المغرب اليوم

قالت الدكتورة نجاة النرسي، أستاذة بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن التطلع إلى مجتمع العدالة والإنصاف، حيث الحميم لا يشكل موقع تهديد للنساء، يستلزم إرادة سياسية يرافقها عمل تربوي عميق يشرك المجتمع برمته في إحداث تغيير في لغة الهيمنة، والربط بين اللامساواة في العمل واللامساواة في البيت، إضافة إلى الاشتغال على العدة المفاهيمية للهيمنة، ولغتها التي تخترق المقررات الدراسية والمواعظ الدينية ووسائل الإعلام والأفلام والمسلسلات والإعلانات وشبكات التواصل الاجتماعي.

جاء هذا خلال محاضرة ألقتها الباحثة عن بعد، بدعوة من جمعية "أكورا للثقافة والفنون"، تحت عنوان: "الحميم والألم: تأملات في العنف ضد النساء خلال الحجر الصحي".

وأوضحت الباحثة أن ظاهرة العنف الذي تتعرض له النساء داخل البيوت "كادت تنسينا إسهاماتهن المشرقة في المجتمع، لا سيما أنهن كن في طليعة الأطر التي وفرت العناية للمرضى داخل المستشفيات، على حساب راحتهن وراحة أسرهن، وأنهن عبر امتهانهن لمهن لم تكن منظورة (عاملات النظافة، عاملات فلاحيات، عاملات صناعيات...) كن يخاطرن بحياتهن في سبيل لقمة عيش مُرَّة".

ونبهت النرسي إلى أن العنف ضد النساء حضر بشكل قوي في الخطاب السياسي والإعلامي الدولي مؤخرا، واستندت في ذلك إلى نداء الأمين العام للأمم المتحدة الذي دعا فيه إلى إرساء السلم في البيوت وحماية النساء من العنف المنزلي، مذكرة بإحصائيات لحالات العنف ضد النساء في كل من كندا وفرنسا وإيطاليا، لتخلص من كل ذلك إلى أن العنف ضد النساء ظاهرة كونية متجذرة في الممارسة اليومية للمجتمعات.

وعلى المستوى الوطني، ذكرت مؤلفة كتاب "تحولات أسطورة أونمير: الإنتاج، التلقي والتخييل" أن رئاسة النيابة العامة سجلت 892 شكاية تتعلق بالعنف ضد النساء، في الفترة ما بين 20 مارس و20 أبريل الماضيين، وأنه تم تحريك الدعوى العمومية في 148 قضية منها، غير أن الجمعيات النسائية التي تمارس في الميدان اعتبرت أن هذه الأرقام ضعيفة بسبب الأمية الأبجدية والرقمية للمعنفات، وعسر الحصول على المعلومة، وعلى وسائل لتعبئة الشكايات الالكترونية وبعثها من حواسيب أو هواتف ذكية، وإنترنت، علاوة على صعوبة التنقل خلال فترة الحجر الصحي، وتعذر خروجهن من البيوت.

وبناء على تحليلها لمجموعة من الشهادات المؤثرة لضحايا العنف، خلصت الباحثة إلى أن الفضاء الخاص ما يزال في منأى عن المساءلة، وأن "البيت هو أخطر مكان بالنسبة للنساء، كما صرحت بذلك المنظمات النسائية في رسالة إلى عدة وزارات"، موردة: "بذلك، فإن النساء المعنفات خلال وضعية الحجر الصحي أصبحن يكرهن بيوتهن ويتمنين الهرب منها، وهي البيوت التي من المفترض أن تكون مكانا للسكينة والأمن".

كما أن البيت بالنسبة إليهن، تقول المتحدثة، تحول في ظروف الحجر من فضاء حميم إلى فضاء لتهديدهن واستهداف سلامتهن النفسية والجسدية، وتحول إلى "مكان ينتهك فيه حقهن في الاحترام والكرامة والحماية، كما أن هذا البيت تحول من عش مثالي للأحلام إلى مكان واقعي يقترف فيه العنف النفسي والجسدي مع الإفلات من العقاب".

وبذلك، أصبح البيت/الفضاء الحميم، حسب منسقة ماستر "النوع الاجتماعي: الخطاب والتمثلات بكلية المحمدية"، مصدرا للخطر، وفضاء للألم بالنسبة للنساء المعنفات، لذا من الضروري أن يغدو الفضاء الخاص سياسيا، وأن يرفع شعار: "الخاص شأن سياسي"، وهو شعار يكتسي قيمة تحليلية وإجرائية، لأنه يفتح المجال أمام مساءلة الفضاء الخاص الذي لم يُنظر إليه قط على أنه سياسي.

واستنتجت الباحثة أنه بفضل هذا الشعار أصبح الاضطهاد الجماعي سياسيا. و"بما أنه سياسي، لم تنحصر تجربة العنف فقط على التاريخ الفردي، بل أخذت بعدًا آخر يمكن من مساءلتها وتدارسها، وخصوصا تغييرها".

"من هذا المدخل: الخاص هو سياسي، حدثت طفرة كبيرة في النضال النسائي من أجل إحقاق الحقوق وحماية النساء، فهو يمتح مشروعيته من أسئلة تتعلق بالمسكن من حيث هو فضاء حميم، ويتحول الحميم إلى رهان سياسي. وعلى سبيل المثال، لم يكن ممكنا خوض معركة Me-too، وBalance ton porc، وحركة Masaktach ضد التحرش، ودينامية جسدي حريتي، وخارجة على القانون، لو لم يتم استحضار السياسي في صلب ما كان مقصيا من السياسي"، تقول النرسي.

وعليه، اعتبرت الدكتورة النرسي أن العنف ضد النساء الذي يوجد في قلب الطرح القاضي بأن الخاص هو شأن سياسي بامتياز، يكتسي بعدا كونيا. وهو ما يطرح، بحسبها، وبإلحاح، سؤال كيف ولماذا تستمر هذه الظاهرة في التواجد حتى في الديمقراطيات العتيدة؟ ولماذا تستمر رغم وجود القوانين الرادعة؟

وجوابا عن هذه الأسئلة، أثارت الباحثة مسألة اشتغال عدد من الدراسات والأبحاث في العلوم الإنسانية على هذه القضية، وتقديمها عددا من التفسيرات الأنثروبولوجية والإثنولوجية عن نشأة وتكون واستمرار هذه الظاهرة المتصلة اتصالا عضويا بالهيمنة الذكورية.

وفي هذا السياق، اقترحت الباحثة نظرية "التباين التفاضلي بين الجنسين" (valence différentielle des sexes La) لصاحبتها فرنسواز إيريتيي (Françoise Héritier) كأفق للإجابة عن هذه الأسئلة وتفسير ظواهر استمرارية الهيمنة الذكورية التي تبرر العنف وتشرعنه، حيث سيتم، منذ العصر الحجري القديم، وضع ثلاث قواعد كبرى، تسندها قاعدة رابعة تتعهد بإحكام إغلاق النسق، وهي الأسس التي تشكل خلفية تنظيم العلاقة بين المؤنث والمذكر.

وهذه القواعد هي: الحيلولة دون تمتع النساء بالحق في حرية التصرف في أجسادهن، ومنع النساء من الوصول إلى المعرفة، ومنعهن من الوصول إلى السلطة. والرابط بين كل هذا هو الإرساء التدريجي للغة الهيمنة التي تمر عبر الازدراء والتحقير والتنقيص، أي ما يطلق عليه عموما الصور النمطية، أو الأحكام المسبقة، أو الكليشيهات، وهي صور نمطية لا تنمحي لأنها بنيوية ومهيكلة لتفكيرنا في المذكر والمؤنث وخصائصهما، إنها لغة الهيمنة عينها.

وأعطت الباحثة مثالا بالعدد الهائل من الصور النمطية التي تم تداولها طيلة الحجر، والتي تستهدف النساء وأجسادهن وأدوارهن وحتى كينونتهن.

وأشارت النرسي إلى أن كل المجتمعات الإنسانية قدمت تعريفا للمذكر والمؤنث في النظام المفهومي، بالاستناد إلى مقولات ذهنية ثنائية ومتباينة، مثل: الأعلى والأسفل، الحار والبارد، الجاف والرطب، الثقيل والخفيف، الخشن واللطيف، القوي والهش... هذه المقولات المجنسنة هي، علاوة على ذلك، تراتبية، بحيث إن المقولة الإيجابية في جميع الثقافات هي تلك التي تناسب المذكر، أما المقولة السلبية فتفرد للمؤنث.

وهذا التباين التفاضلي هو نموذج معرفي قوي للغاية، توارثته الإنسانية بواسطة التربية عبر الأجيال، وتشبعت النساء طريقته في التفكير، وأصبحن يسهمن في استدامته واستمراريته ونقله إلى الأجيال المتتالية بشكل طبيعي وسلس، تقول الأكاديمية ذاتها.

وأكدت الباحثة أنه من الممكن أن تتحول معطيات كثيرة، لكن اللامساواة تظل ثابتة لدى جزء كبير من البشرية، وتظل الهيمنة وأساسها المعرفي اللغوي قائمين رغم تقدم البشرية، ولغة الهيمنة تلك تبرر العنف وتسمح بالتطبيع معه.

وقد اعتمدت الباحثة هذه النظرية في تفسير عدد من الصور النمطية التي تم تداولها طيلة الحجر الصحي، والتي تستهدف النساء وأجسادهن وأدوارهن وحتى كينونتهن، وانتهت إلى خلاصات أشارت فيها إلى أن أي محاولة للقضاء على العنف ضد النساء والحد من آلامهن داخل المجالين الخاص والعام ستبوء بالفشل إذا لم تأخذ في الاعتبار تفكيك المقولات المعرفية التي تضفي الشرعية على التراتبية الجنسية بل تؤسسها وتدعمها.

قد يهمك أيضَا :

جامعة الحسن الثاني تُخصِّص جوائز تشجيعية لمكافأة التميز في البحث العلمي

نواة جامعية بتخصصات مختلفة ترى النور قريبًا في ابن سليمان المغربية

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نجاة النرسي تؤكد أن التطلع إلى مجتمع العدالة لا يمثل تهديدًا للنساء في المغرب نجاة النرسي تؤكد أن التطلع إلى مجتمع العدالة لا يمثل تهديدًا للنساء في المغرب



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بوخارست - المغرب اليوم

GMT 13:35 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:23 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

مصنع تيسلا ينتج كميات كبيرة من خلايا بطارية ليثيوم أيون

GMT 11:28 2015 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

قطيع غنم يفاجئ طلاب ثانوية في تاوريرت بدخوله إلى مدرستهم

GMT 00:20 2016 الخميس ,06 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة حلى الفقع

GMT 15:53 2014 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

القرفة تساعد فى وقف تقدم مرض الشلل الرعاش

GMT 04:44 2017 الثلاثاء ,06 حزيران / يونيو

"المكرمية" فن كامل يتصدر أحدث صيحات ديكور صيف 2017

GMT 13:37 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib