باريس مارينا منصف
ترى بعض الدول الأوروبية أن مطالب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بشأن بقاء بلاده في الاتحاد الأوروبي "كثيرة"، ويبدو أن البعض أيضًا يعارض خطة كاميرون بشأن إعادة التفاوض، ويخلقون أمامه بعض العقبات.
ويحضر كاميرون وجهًا لوجه مع شركائه في الأوروبي في قمة أخيرة في برروكسل، وتُظهر المعطيات أن وثيقة التعديلات التي طلبها من الاتحاد لا تلقى الكثير من الصدى، ومن بين هذه الدول فرنسا التي ترتبط مع بريطانيا بعلاقات دبلوماسية منذ العام 1066، والتي من المتوقع أن تكون الدولة الأكثر صخبًا ومعارضة لخطة كاميرون.
ويبدو أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند نفسه معارض بشدة لأيّة فكرة تحقق رغبة بريطانيا، على غرار ما فعله سلفه شارل ديغول في رفضه أول محاولة بريطانية للانضمام إلى السوق المشتركة في الستينات.
ولا تعتبر فرنسا نفسها مطيعة جدًا لقرارات الأوروبي عندما تجد أن الأمر يناسبها، وكانت الأمور دائمًا تسير في محاولة لإرضاء حاجات ورغبات باريس من سياسة الزراعة المشتركة، وحتى إعطائها مقعد ثانٍ غير ضروري ولا مبرر في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ.
وتأتي على قائمة المعارضين لخطة كاميرون بلجيكا، التي تعتبر عاصمتها بروكسل بمثابة عاصمة الاتحاد الأوروبي، وتعتبر من الدول التي أعيد توحيدها في القرن الـ19 وهي مقسّمة إلى قسمين هما الجنوب والغرب الفرنسي، والشمال والشرق الفلمنكي، ويوصف ساستها بالبيروقراطيين الذي سيعارضون أيّة فكرة جديدة.
وانضمت إسبانيا مثل بريطانيا في وقت متأخر إلى الاتحاد الأوروبي، وكانت أنظمته وضعت بالفعل، وعانت هذه الدولة من العجز الاقتصادي الذي سببه اليورو أكثر من أيّة دولة أخرى في الأوروبي باستثناء اليونان، ويتجه نصف شبابها إلى العمل في المناطق الأكثر ازدهارًا مثل كاتالونيا، وهي متخوفة من تخفيف النظام المالي الخانق في منطقة اليورو وما قد يتبعه من ركود، وهذا ما جعلها من الأصوات المعارضة لخطة بريطانيا.
وتأتي المجر كدولة صغيرة من دول شرق أوروبا معارضة لخطة بريطانيا، راغبة في الحدّ من الفوائد المدفوعة لمواطني الاتحاد الأوروبي الذين يعملون في بريطانيا، مع أن هذه الدولة هي الوحيدة التي وضعت سياجًا ضد المهاجرين، ولكن يبدو أن حرية الحركة العزيزة وحماية نفسها ينطبق عليها فقط وليس على بريطانيا.
وتشترك هذه الدول الأربع في الخوف من أنه في حالة نجاح بريطانيا في تحطيم أو تخفيف قيود الارتباط في الاتحاد الأوروبي، فإن هذا سيؤثر على دول أخرى تجعلها ترغب في اتباع المسار ذاتها، وهي تسعى لإضعاف مسار كاميرون التفاوضي، وفتحت هذه المعارضات الجدية أعين البريطانيين على حقيقة أن اقتراح سطحي وصغير من كاميرون لاقى كل هذا الرفض، فما بال الإصلاحات الجدية؟ متسائلين بشأن نفوذهم ودورهم الحقيقي في القارة.
ويتعالى صوت الكثيرين من البريطانيين بأنهم "ليسوا في حاجة لتدخل وإهانة أوروبا وتقبلها بطيب خاطر، وعلى كاميرون أن يكفّ عن مساومته العبثية ويحزم حقائبه ويغادر منصبه.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر