استطاع البريطاني المتعصب لجماعة "داعش" والمتهم بكونه متطرف جديد فرّ من المملكة المتحدة متجهًا إلى منطقة الحرب التي يسيطر عليها التنظيم في سورية برفقة زوجته وأطفاله الأربعة، في الوقت الذي كان قد أطلق فيه سراحه بكفالة لإدانته بإرتكاب جرائم إرهابية.
وأدرج في قائمة المحرضين على الإرهاب بدعمه لجماعة "المهاجرون" المحظورة نشاطها وتأكيد جواز سفره على ضرورة تسليمه، إلا أن سيدهارتا ذر البالغ من العمر 32 عامًا من التهامستو والذي يُعرف أيضًا باسم أبو رميساء قد تمكن من مغادرة لندن نحو باريس قبل الوصول إلى سورية عبر تركيـا، وذلك في غضون 24 ساعة من إطلاق سراحه على إثر إلقاء القبض عليه في عام 2014. كما أنه يعتقد بأن ذر Dhar قد تقابل مع مايكل آديبولاجو أحد المتورطين في مقتل الجندي المسلح لي ريغبي.
ويسعى جهاز الاستخبارات البريطاني MI6 جاهدًا إلى التعرف على هوية ذلك المتطرف الذي يتحدث باللهجة الإنجليزية وما إذا كان هو ذلك الجهادي الذي ظهر في فيديو جماعة "داعش" وهو يقوم بتنفيذ الإعدام بحق خمسة من العملاء البريطانيين المزعومين عبر إطلاق النار صوب رؤوسهم.
وزار منزل عائلة ذلك الجهادي الكائن في بالمرز غرين Palmers Green شمال لندن ليلة الأثنين من الضباط الذين يرتدون ملابس مدنية، وقضوا نحو 90 دقيقة مع الأثنين من شقيقاته. إلا أن اسكوتلاند يارد رفضت التعليق عن السبب وراء وجود هؤلاء الضباط هناك.
وعبّرت إحدى شقيقات ذر وتدعى كونيكا عن صدمتها عندما شاهدت ذلك الفيديو الدموي، مؤكدة على أنه إن صح قيام شقيقها بذلك فسوف تقتله بنفسها. وأشارت إلى أنها لا تعلم ماذا سوف تفعل السلطات في سبيل التعرف على هوية ذلك القاتل ولكنها تريد أن تتحقق ما إذا كان شقيقها هو من ظهر في فيديو الإعدام.
ونشر رجل المبيعات في السابق صورة له لاحقًا وهو يحتضن طفله في الوقت الذي يلوح فيه بالرشاش الآلي AK-47 بغرض التهكم على الأجهزة الأمنية التي ارتكبت خطأً بعدم منعه من الهرب. وقبل قيامه بنشر الصورة، تهكم ذر على الشرطة عبر موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" بعدما تمكن من الهرب متغلبًا علي النظام الأمني في بريطانيـا.
وظهر عام 2014 قبيل الفرار من المملكة المتحدة، على الهواء مباشرة ضمن برنامج يذاع علي شاشة بي بي سي BBC معلنًا دعمه لجماعة "داعش" عند سؤاله عن السبب وراء انضمام البريطانيين المسلمين إلى جماعة "داعش". وصرّح خلال هذه المقابلة التي أجريت معه بأن المسلمين انتظروا 90 عامًا من دون دولة خلافة، فضلًا عن أن العديد من شرائع القرآن لا تطبق، مشيرًا إلى أنه بات هناك دولة للخلافة، ومن ثم فهناك اعتقاد بأن العديد من المسلمين في سبيل الإنضمام إليها.
وقالت والدته سبيتا ذر إنها لا تستطيع التيقن من أن ذلك المتطرف الذي ظهر في فيديو الإعدام الأخير لجماعة داعش هو ابنها، فقد كانت آخر مرة تراه فيها قبل عامين من سفره إلى سورية. إلا أنها عبرت عن صدمتها بحيث لم تتخيل أبدًا بأن يكون له علاقة بالإرهاب واصفًا إياه بالخجول وشديد الإحساس.
ورجّح الخبير في شؤون الإرهاب رافايللو بانتوتشي مدير دراسات الأمن الدولية في معهد الخدمات الملكية المتحدة بأن صوت المنفذ لعملية الإعدام يتشابه كثيراً مع صوت ذر مستشهداً بصوت أبو رميساء من خلال مقاطع فيديو جماعة المجاهدون Muhajiroun. فهو بحسب ما يقول يجيد إستخدام اللهجة الإنجليزية ويستخدم كلمات دالة علي أنه من لندن.
وزعمت أيضاً مجلة فايس VICE الإخبارية الإلكترونية والتي أجرت لقاءاً مع ذر عام 2014 بأن صوت منفذ الإعدام ونمط الخطاب يتشابه كثيراً يقترب كثيراً من البريطاني الهارب. ومن المحتمل بأن يكون الصوت قد تم تركيبه علي مقطع الفيديو عقب تصويره، إلا أن خبير اللغويات جان سيتر والأستاذ بجامعة ريدينغ Reading رجح خلال حديثه إلي الدايلي ميل الإلكترونية MailOnline بأن الجهادي المتشدد كان يتحدث في المشهد.
وكتب ذر تعبيرًا عن انتمائه إلى جماعة "داعش" وأهمية المعركة ضد الغرب، أن " تنظيم الدولة الإسلامية سوف يعاقب الطغاة في الغرب ". كما كتب أيضًا " جيش الخليفة أبو بكر البغدادي قادم، أبشروا أيها المسلمون ". وجاء ذلك بعد أن ظهر طفل في فيديو يرتدي زياً عسكرياً وشارة سوداء مكتوب عليها داعش باللون الأبيض وهو يعلن عن أنهم سوف يقتلون الكفار الملحدين.
وأكد جد ذلك الطفل البالغ من العمر أربعة أعوام على أنه إبن خديجة داري التي نشأت في لويشام Lewisham جنوب لندن من أبوين مسيحيين من أصل نيجيري وإعتنقت بعدها الإسلام في سن المراهقة. وبينما أعرب عن دهشته عندما شاهد الصورة إلا أنه ليس بيده القيام بشئ، مؤكدًا على أنه لم يتحدث إلى ابنته منذ أسابيع.
وكان ذر قبل أسابيع قليلة من إلقاء القبض عليه، قد أعلن بأنه على إستعداد للتخلي عن جنسيته البريطانية إذا كان ذلك سوف يساعده على السفر، فيما أخبر مذيعة برنامج 60 Minutes كلاريسا وارد والذي يذاع علي شاشة سي بي إس الإخبارية CBS News عند الحديث عن التطرف في المملكة المتحدة بأنه غير قادر على مبادلة مشاعر الحب مع والدته نظراً لأنها غير مسلمة.
وأعرب دايفيد كاميرون عن إستيائه من ظهور الأطفال في مقاطع فيديو مثل تلك التي تحرض علي الإرهاب والقتل، مشيراً إلي أن هذا الفيديو لا يعبر سوى عن فقدان هذه الجماعة المتطرفة لمزيد من الأراضي فضلاً عن خسارة مزيد من التعاطف معهم من جانب أي شخص. وصرح المتحدث بإسم السيد كاميرون إلي أنه جاري فحص محتوي الفيديو مع إبقاء رئيس الوزراء علي علم بكافة المستجدات أولاً بأول.
وأكد قدامى المحاربين البريطانيين على أن ذلك الفيديو ما هو إلا علامة على اليأس، في أعقاب معاناة جماعة داعش الإرهابية من تراجع شديد وفقدان السيطرة على مناطق عديدة في سورية والعراق مثل عودة سيطرة الحكومة العراقية على مدينة الرمادي.
وكان مجلس الأمن الدولي قد قرر عقب دعوة جميع الأعضاء بسبب الهجمات التي وقعت في باريس بضرورة مضاعفة جهودها من أجل القضاء علي جماعة داعش. وإستجابة لهذه الدعوة، فقد كثفت الطائرات البريطانية من دون طيار إضافة إلي طائرات تايفون المقاتلة و كذلك طائرات تورنادو من غاراتها علي سورية. وأسفرت إجمالي هذه العمليات عن مقتل 396 إرهابياً في الفترة من تشرين الأول / اكتوبر من عام 2014 وحتي تشرين الأول / اكتوبر من عام 2015
ونشر التنظيم المتطرف فيديو ترويجي آخر الشهر الماضي، فقد خرج مقاتل من جماعة داعش يتحدث باللغة الروسية ويهدد الرئيس فلاديمير بوتين قبل قيامه بذبح مشتبه في كونه جاسوس أمام عدسات الكاميرات. وتعهد الجهادي بالإنتقام من بوتين رداً علي الغارات التي يشنها الطيران الروسي وتستهدف جماعة داعش والمقاتلين المتمردين في مساعدة منها للرئيس بشار الأسد.
يذكر أنه وفي مقابلة أجريت معه عام 2013 من جانب فايس الإخبارية Vice، فقد تحدث سيدهارتا ذر عن تحوله في أعقاب أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر، حيث وصف ديفيد كاميرون و النواب بالدعاة الحقيقيين للكراهية والعنف، والذين يسمحون للجنود بإطلاق رصاص التطرف علي الرجال والنساء والأطفال في أفغانستان.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر