القاهرة - المغرب اليوم
هو ليس اكتشافا جديدا ، ولكن هذه المرة مأ اعلن عنه هو ان كوكب الشرق السيدة ام كلثوم من أهالي مدينة الناصرية العراقية ، وسبب هذا الاعتقاد والقناعة هو ان الناصرية وصوت السيدة هو توأمة لأجمل الذكريات وربما هي الصوت الأكثر أممية وشيوعية في توزيع مواسم العشق والحنين والحب بين بيوت المدينة ،لهذا فان صوتها التصق بصور الحيطان وأغلفة المجلات ونعوش الشهداء ومواسم الثورات ،وهي الوحيدة التي لا يختلف عليها الجميع من معتنقي المذاهب الدينية والسياسية ، لهذا فأن أم كلثوم تمثل بالنسبة للناصرية اللحظة التي تصنع لنا الرعشة ورسالة الغرام والحنين الى طفولة الشارع وأريكة المقهى.
ولدت أم كلثوم في مدينة الناصرية مع دخول اول مذياع نوع فيلبس ــ صناعة هولندية ثم لحقها راديو السيرا ثم في منتصف الستينات جاءنا الغزو الياباني مع راديو سانيو وسوني والناشيونال وقد حرص الإباء من أولئك الذين يعتقدون ان الأنوثة لن تنضح إلا مع سماع السيدة ، والذكور يعتقدون ان صوتها يساعد الى بلوغ المراد في الهوى سريعا .حرصوا ان يقتنوا هذا المذياع الذي بث اول أغنياتها اليهم في أغنية سلو قلبي ، ثم صنعت أغنيتها يا ليلة العيد بهجة لطفولتنا من ان العالم والمرجع قد رأى العيد وان المدافع بدأت اطلاق مدافعها.
غير ان سحر الصوت ظل يمتلك دهشته وطقوسه في مدينة من ان الحيـــــاة التي تمضي بنا من الرحم الى القبر ، وكل هذه المسافة تشاغلها محــــطات عمرٍ طويل ترويه أجفاننا بالنظرة والحرفْ والسَماع.
هذه المرأة (أم كلثوم) جمعت كل حياتنا في حنجرتها . ولنتخيل لأول مرة كيف تصير الحنجرة قنينة عطر ونجعل من الانتظار سلوكاً غامضاً لطرقات أقدارنا بين متاهة ورصاصة غامضة من قناص في الجانب الآخر أو حديث عابر في باص يحمل الجنود وزوار مراقد كربلاء في طريق واحد والسائق يحمل ثمالته في شريط كاسيت ويضع صوت أم كلثوم بوصلة لمسارِ وجهته ، فيغالبنا نعاس من اللذة وتذكر كل الذين هم في قائمة الانتظار : الأم .الزوجة .العشيقة .المقهى .بيت البغاء .الشارع.البار . سماع تغريد عصافير شجرة السدر في باحة البيت . تنفس رائحة النهر وتأمل ما بقي من خربشات ذكريات تدونها الأيام على دكات جسر المدينة ، السوق ، حوانيت بيع الحمام وطيور الكناري وصاحب فرن الصمون وسيارات الفورد الخشب التي كانت تنقل ذهولنا وحرارة أجسامنا المرتفعة من القرية إلى مشفى المدينة أذن هي حقيقة أن أم كلثوم تمت للناصرية بصلة وربما هي ولدت فيها قبل ان تولد في كل مدن الشرق العربي وتسحر أحلامنا برائعتها المنعشة (فكروني).
وقد يهمك ايضا:
يسرا عبد الرحمن تُصمم ديكور مخصص لكوكب الشرق "أم كلثوم"
تجدد النزاع القانوني على تراث أم كلثوم وشركتان تؤكّدان أحقيتهما بالتسجيلات
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر