الرباط-رشيدة لملاحي
أكد العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء، على إصراره بالدفاع عن مغربية الصحراء وتعهده بالضحية من أجل قضيتها، مشددًا على أنه لا ينبغي أن يبقى المغرب متفرجًا وينتظر الحل من الخارج، بل أن يشرع في عملية الممارسة الديمقراطية من قلب الصحراء، من خلال التنمية الاقتصادية التي ينبغي أن تسير في مستوى أعلى مما كانت عليه لكي تحقق الرخاء لسكان مناطق جنوب المغرب.
وقال رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، محمد بودن، في حديث خاص لـ"المغرب اليوم"، إن "الخطاب الملكي وضع حقائق جديدة ومعطيات واقع جديد أمام الأطراف المعنية بالمساهمة في ملف الصحراء بحيث نستنتج من خطاب الملك على أن قضية الصحراء بالنسبة للمغرب هي قضية وجود وتواجد".
وبشأن تذكير العاهل المغربي بموقف الراحل محمد الخامس وتاريخ قضية الصحراء المغربية، أكد الأستاذ بودن، أن "الخطاب الملكي جاء مقدمًا لحقائق تاريخية تنطلق من رابطة البيعة ومن ذلك التاريخ الذي عكس فيه خطاب الملك الراحل محمد الخامس في 25 فبراير 1958، إدراكًا لتحرير الأراضي المغربية في الصحراء، قبل استقلال الجزائر وهذه الفكرة لا تخلوا من معاني ودلالات وقوف المغرب إلى جانب الجزائر، وتعني كذلك أن المغرب يمتلك حججًا لا يمكن الالتفاف عليها"، مضيفًا أن "الخطاب الملكي قدم عناصر ضمان حل للملف في إطار السيادة المغربية وليس خارجها وجدد التأكيد على لاءاته في القضية".
وتابع بودن توضيحه أن الخطاب الملكي، أبرز اشتغال المغرب على الواجهتين الداخلية والخارجية الأولى محورها الإنسان والتراب والثانية مؤطرة بالثوابت المرجعية والفانون الدولي، كما حدد الإجراءات المطلوبة للتعامل مع الملف، مشيرًا إلى أن "الخطاب جعل البوليساريو مجرد نكرة وأشار للجزائر مباشرة في كشف لنواياها ورد على التهرب المستمر من الاعتراف بدورها المحوري في تحريك البوليساريو، إلى جانب أن ملك البلاد أعطى صفة المواطنة لعدد من سكان مخيمات تندوف، ووصفهم بالأبناء وهي إشارة معززة للشعور الوطني وتداولها في أوساط المخيمات سيكون مؤثرًا".
وشدد المتحدث نفسه، على أن الخطاب الملكي تضمن إشارة مهمة مفادها عدم إمكانية اللجوء للثقافة من أجل إثارة النعرات، فالثقافة تبقى ملكًا للجميع في مغرب الجهات، مردفًا "أن الخطاب الملكي وضع الجميع أمام مسؤولياته في هذه القضية كما تضمن الخطاب "ثالوث قيمي" تم رفعه مرارًا في ساحات الاحتجاج مفاده "الحرية، الكرامة، العدالة اجتماعية"، مضيفًا أن الخطاب الملكي حدد السقف السياسي للقضية وأشار بشكل ضمني إلى ضرورة تعامل الأطراف المعنية بالمساهمة في القصية بنفس المنطق الذي حكم أو ما زال يحكم محاولات الانفصال في عدد من مناطق العالم".
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس، قد أكد في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء، على إصراره بالدفاع عن مغربية الصحراء وتعهده بالتضحية من أجل قضيتها، مستدلًا بخطاب جده الراحل الملك محمد الخامس، قائلًا: "نعلن رسميا وعلانية، بأننا سنواصل العمل من أجل استرجاع صحرائنا، في إطار احترام حقوقنا التاريخية، وطبقًا لإرادة سكانها".
وبيّن الملك السادس مشروعية مطالب المغرب بقوله: "فهذه الكلمات، في تلك الظرفية، لا تحتاج إلى تأويل، ولا يمكن لأحد أن ينازع في مصداقيتها، فهي أكثر من التزام، بل هي ميثاق ظل يجمع العرش بالشعب، كما تؤكد أن الصحراء كانت دائمًا مغربية، قبل اختلاق النزاع المفتعل حولها، وستظل مغربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مهما كلفنا ذلك من تضحيات".
وشدد العاهل المغربي على مواصلة المشاريع في المناطق الجنوبية وتوفير العيش الكريم لأبنائها، قائلًا: "لقد عاهدت الله على بذل الجهود للدفاع عن الوحدة الترابية للملكة المغربية"، وأضاف أنه لا حل للصحراء خارج مبادرة الحكم الذاتي، موجهًا رسائل سياسية قوية للجزائر، قائلًا: "فخطاب محاميد الغزلان التاريخي يحمل أكثر من دلالة، فقد شكل محطة بارزة في مسار استكمال الوحدة الترابية، وأكد حقيقة واحدة، لا يمكن لأي أحد إنكارها، هي مغربية الصحراء، وتشبث الشعب المغربي بأرضه.
فمباشرة بعد استقلال المغرب، وقبل تسجيل قضية الصحراء بالأمم المتحدة سنة 1963، وفي الوقت الذي لم تكن فيه أي مطالب بخصوص تحرير الصحراء، باستثناء المطالب المشروعة للمغرب، بل وقبل أن تحصل الجزائر على استقلالها، قبل كل هذا، أكد جدنا، آنذاك، الحقوق التاريخية والشرعية للمغرب في صحرائه".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر