اعتبر مراقبون كثر أن اختيار خليفة لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، من بين أطر الوزارة والعارفين بدهاليزها، مؤشر إيجابي على قدرة الوزير الجديد على مواجهة الصعاب والتحديات المطروحة بشكل ملح على الوزارة والبلاد بمختلف مكوناتها.
التفاؤل الذي عبر عنه البعض، لا يمنع حسب آخرين من أن أحمد البواري، الذي حل محل صديقي في منصب وزير الفلاحة، يواجه صعوبات وتحديات جمة، يفرضها توالي سنوات الجفاف الذي أثر سلبا على القطاع الفلاحي ومكانته بالمملكة.
في هذا السياق، يرى الخبير المحلل الاقتصادي الطيب أعيس أن التحدي الأول الذي يواجه وزير الفلاحة الجديد، هو “توفير اللحوم للمغاربة والزيتون وزيت الزيتون، وخفض أسعار المواد الغذائية”.
وأشار أعيس إلى أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 ألغى أو خفض من قيمة الرسوم الجمركية على مجموعة من المواد المستوردة، مثل اللحوم التي أعفيت، معتبرا أن هذا الحل “ليس هو المناسب، لأننا بهذا التوجه سنشجع الفلاح الأجنبي ونقتل الفلاح المغربي”، على حد وصفه.
وأضاف الخبير الاقتصادي موضحا ضمن تصريح لهسبريس، أن هذا الخيار “سيكون له أثر إيجابي على المستهلك على المستوى المتوسط، فيما ستكون له آثار كارثية على المستوى البعيد، فبدل أن نشجع الفلاح المغربي، نتجه لتشجيع الفلاح الأجنبي من خلال هذه الاختيارات”، مؤكدا أن وزير الفلاحة الجديد مطالب بـ”تدارك هذه المسألة ومعالجة الوضع القائم”.
وطالب أعيس بالعمل على تشجيع الإنتاج الوطني والفلاحين المغاربة، خاصة الصغار والمتوسطين الذين من الواجب على الحكومة حمايتهم، لأنهم هم الذين “يزودون التعاونيات بالحليب والجزارين في المناطق النائية باللحوم”.
وأفاد المتحدث بأن مسألة الماء أساسية في القطاع الفلاحي، مشددا على أن وزير الفلاحة مطالب بإيجاد الحلول اللازمة لتوفير مياه السقي، بتنسيق مع وزير التجهيز والماء، إما عبر الربط بين الأحواض المائية أو تحلية مياه البحر، فضلا عن تعزيز بنيات السدود.
ودعا أعيس الوزير الجديد إلى العمل على استعادة توهج البحث العلمي في المجال الزراعي، الذي قال إنه كان “جد متطور في الثمانينات والتسعينات، لأن مجموعة من الشركات التابعة للدولة كانت تشتغل في البحث الزراعي وتطويره عبر المنابت التجريبية التي كانت تساهم في تطوير البحث العلمي”، وهو الأمر الذي شدد على “استرجاعه”.
من جهته، قال رياض أوحتيتا، خبير في المجال الفلاحي، إن أهم التحديات التي ستواجه الوزير هي “مسألة الوقت، لأن لا أحد يعلم أن الحكومة المقبلة ستبقى مشكلة من الأحزاب نفسها أم لا”، مؤكدا أن التحديات التي يواجهها القطاع “لا يمكن تدبيرها في سنتين أو سنة ونصف، لأن السنة الأخيرة تكون سنة انتخابية”.
وأضاف أوحتيتا، ضمن تصريح لهسبريس، أن عددا من الأمور الاستعجالية ستواجه المسؤول الحكومي الجديد، خاصة مسألة تدبير “الماء، وهو تخصصه، والعمل على الحد من الزراعات التي تستنزف المياه وإيجاد حلول بديلة للحفاظ على الثروة الحيوانية”.
وأكد الخبير ذاته الحاجة إلى استراتيجية بعيدة المدى في تدبير أزمة اللحوم والثروة الحيوانية، معتبرا أن المدة المتبقية من عمر الحكومة لن تسعف الوزير إلا في وضع “الأسس وبناء الاستراتيجية الجديدة التي سيسير عليها القطاع الفلاحي”، مؤكدا أهمية إعطاء الأولوية للزراعات التي ينبغي تحقيق الاكتفاء الذاتي منها، كالحبوب والقطاني.
وشدد المصرح لهسبريس على دعم الأعلاف البديلة في إطار مخطط الجيل الأخضر، والأعلاف غير المكلفة ماديا ومائيا، معتبرا أن هذا التوجه يمكن أن “يقلص من تكلفة الإنتاج، ويوفر لنا الثروة الحيوانية مستقبلا”.
واعتبر أوحتيتا أن الوزير البواري مطالب بالعمل على استرجاع ثقة الفلاح المغربي في “الحرفة التي يمارسها، وذلك باعتماد بطاقة مهنية، لأنها ستساهم في تسهيل وتيسير أي برامج تنموية، وسيعمل هذا الإجراء بشكل غير مباشر على ضخ دماء جديدة في شرايين البنية الفلاحية، بما فيها العنصر البشري”.
قد يهمك أيضا:
صديقي يترأس حفل الانطلاقة الرسمية للسنة الدراسية 2024-2025 للتكوين المهني الفلاحي
ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة المغربي للمساءلة البرلمانية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر