دافوس ـ كونا
قال تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي هنا اليوم ان اللجوء الى الاقتصاد صديق البيئة والمعروف بالاقتصاد الاخضر هو السبيل الوحيد لضمان معيشة تسعة مليارات نسمة هم تعداد سكان العالم المتوقعين عام 2050.
واوصى التقرير الصادر عشية افتتاح اعمال الدورة 43 للمنتدى المتواصلة حتى ال27 من يناير الجاري بضرورة العمل بأربع توصيات تسهم فى مواجهة التحديات المناخية التي يتعرض لها الكوكب الازرق.
وتبدأ تلك التوصيات بتجديد التزام قادة مجموعة العشرين بأن النمو الأخضر هو الطريق الوحيد للنمو المطرد والتنمية وتقديم تقرير عن التقدم المحرز في الاستفادة من الاستثمار الخاص في هذا المجال.
وتشير التوصية الثانية الى أهمية قيام الحكومات بتسريع الجهود للتخلص التدريجي من دعم الوقود الأحفوري وتمكين التجارة الحرة من زيادة التقنيات صديقة البيئة وتوسيع الاستثمار في الاقتصاد الذي يساعد في التعامل مع التغيرات المناخية المتطرفة.
في حين تتوجه التوصية الثالثة الى وكالات التمويل العامة التي يجب عليها مضاعفة الجهود لتعبئة رؤوس الأموال الخاصة للاستثمار في البنية التحتية التي يجب بدورها ان تكون صديقة للبيئة وذلك باستخدام الأدوات والممارسات التي أثبتت جدواها.
في الوقت ذاته يمكن للمستثمرين وفق التوصية الرابعة الاستفادة من الاستثمار صديق البيئة ولكن من خلال اتباع "نهج استباقي" افضل مما عليه الحال الآن وذلك بالتعاون بين هيئات المستثمرين وتوسيع نطاق الشراكات مع الوكالات العامة للنهوض بحلول تمويل جديدة.
ويرى التقرير ان امكانية رفع مستوى تمويل القطاع العام الى اقل من 36 مليار دولار في الانفاق السنوي سيفتح شهية رأس المال الخاص للتمويل ومن ثم سد الفجوة الاستثمارية التي يحتاجها العالم في المجالات صديقة البيئة ما سيؤدي الى النمو الاقتصادي المستدام الذي يؤدي بدوره الى تحقيق اهداف التعامل مع التغيرات المناخية السلبية العالمية.
ويستند التقرير الى حقيقة ما تمر به مختلف دول العالم من تداعيات التغيرات المناخية السلبية على شكل كوارث طبيعية متزايدة ومكلفة لاسيما مع الحكومات التي تعاني ضائقة مالية اذ يمكن للاستثمار في الاقتصاد الاخضر ان يساعد على استقرار درجات الحرارة في العالم بتكلفة أقل من ال50 مليار دولار التي وافق الكونغرس الامريكي عليها مؤخرا لاعادة اعمار ما دمره الاعصار (ساندي).
وقال مدير مبادرات تغير المناخ في المنتدى الاقتصادي العالمي توماس كير في تقديم التقرير "ان تخضير الاقتصاد هو السبيل الوحيد لاستيعاب تسعة مليارات نسمة على سطح الكوكب الازرق بحلول عام 2050".
واكد ان "هناك العديد من الحالات الناجحة التي استهدفت الحكومات أموالها العامة استراتيجيا لتعبئة مبالغ كبيرة من الاستثمارات الخاصة في صالح البنى التحتية صديقة البيئة والتي اثبتت جدواها".
ويستند التقرير في مخاوفه الى البيانات التي تؤكد ان تغير المناخ يتسبب بالفعل في خمسة ملايين حالة وفاة سنويا تكلف الاقتصاد العالمي أكثر من 2ر1 تريليون دولار أمريكي أي ما يعادل 6ر1 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي العالمي السنوي.
واشار الى تكبد الولايات المتحدة وحدها في عام 2012 خسائر قيمتها أكثر من 110 مليارات دولار بسبب الكوارث المتعلقة بالطقس متوقعا ان ترتفع تكلفة تبعات تغير المناخ وتلوث الهواء مجتمعة الى 2ر3 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي العالمي بحلول عام 2030 ستتحمل البلدان الأقل نموا في العالم العبء الأكبر التي تعرضت لخسائر تصل الى 11 في المئة من ناتجها المحلي الاجمالي.
ويؤكد التقرير "ان زيادة الاستثمارات في الطاقة الخضراء والبنية التحتية ستدفع عجلة التنمية المستدامة وتسهم في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وفي الوقت ذاته ستؤدي الى انتعاش النمو الاقتصادي العالمي".
ويوضح التقرير ان الحكومات تحتاج الى تدابير مثل الضمانات والتأمين والحوافز اضافة الى دعم سياسي صحيح يوجه ميزانياتها المالية العامة ثم تنجح في جذب رأس المال الخاص للاستثمار الأخضر صديق البيئة.
ويشدد على وجود حاجة ماسة لمثل هذه الاستثمارات لتجنب الآثار المدمرة المحتملة لتغير المناخ والظواهر الجوية المتطرفة التي شهدتها أنحاء كثيرة من العالم في عام 2012 اذ يتفق العلماء على أن الطقس المتطرف أصبح "قاعدة جديدة" ويأتي بتكلفة ضخمة ويؤثر سلبا على النظام الاقتصادي العالمي.
ويحذر من انه بدون اتخاذ مزيد من الاجراءات فان العالم قد يشهد ارتفاعا في متوسط درجات الحرارة العالمية بنسبة اربع درجات مؤوية بحلول نهاية هذا القرن ما يمكن أن يؤدي الى زيادة التأثيرات المدمرة بما في ذلك موجات الحرارة الشديدة والعواصف الاستوائية الأكثر كثافة وانخفاض المخزون الغذائي العالمي وارتفاع مستوى سطح البحر وانعكاس كل هذا على ملايين البشر.
ويرى التقرير ان زيادة الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة بنسبة 17 في المئة من عام 2010 الى عام 2011 يجعل من أزمة المناخ فرصة للاستثمار التي يمكن أن توفر فرص عمل تشتد الحاجة اليها كما تعم بالفوائد على المجتمع اذ شهد العقدان الماضيان تقدما كبيرا في ايجاد أسواق مربحة للتقنيات صديقة البيئة.
وقال رئيس المكسيك السابق ورئيس تحالف نمو العمل الأخضر فيليبي كالديرون في التقرير "انه من الواضح أننا نواجه أزمة مناخ لها آثار مدمرة على الاقتصاد العالمي ولكن يمكن عن طريق فتح الاستثمار الخاص في الزراعة والمياه والطاقة النظيفة أن نجعل الاقتصاد العالمي والبيئة أكثر مرونة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر