اللاذقية - سانا
يشكل مقهى أم كلثوم المفتتح حديثا في ساحة الشيخ ضاهر وسط مدينة اللاذقية حالة تراثية فريدة من نوعها في المحافظة إذ لا يمكنك إلا أن تلتفت للتفاصيل الصغيرة التي اعتمدها القائمون على المشروع من ناحية تصميم المكان واللوحات المنتشرة فيه وأجواء الطرب الشرقي إضافة إلى نوعيات الأطعمة التي تعتمد بالأساس على المطبخ العربي الغني والمنوع. نشرة سانا سياحة ومجتمع زارت المكان والتقت غسان مظلوم صاحب المطعم الذي تحدث عن نشأة المطعم قائلا "على اعتبار أنني أملك خبرة واسعة في قطاع المطاعم وكوني أشرفت على افتتاح وتأسيس وادارة أكثر من أحد عشر مطعما في مناطق مختلفة من المدينة ونظرا لانخفاض حركة السياحة في المدينة منذ بداية الأزمة وعدم وجود أي مقر ترفيهي مختلف عما اعتاده الناس في المحافظة أردت أن أطلق مشروعي الخاص الجديد والمبتكر والذي أديره بنفسي من بدايته لنهايته لافتا الى ان مشروعه عبارة عن مطعم تراثي شعبي يعطي إضافة جديدة للحركة السياحية ويعمل على دفعها ويقدم في الوقت عينه منتجا سياحيا جديدا بتفاصيل لها علاقة بتراثنا العربي". وحول سبب تسمية المكان باسم المطربة الكبيرة أم كلثومقال مظلوم اعتبر السيدة أم كلثوم جزءا من هوية كل مواطن عربي فهي زارت اللاذقية مرتين متتاليتين وأحيت حفلاتها في كل من مقهى شناتا والكازينو ووجدت أن العديد من الدول العربية أسست مقاهي شعبية حملت اسمها نظرا لمكانتها الفنية في قلوب الناس وأعجبت كثيرا بمقهى أم كلثوم الذي زرته في الإسكندرية فأردت استحضار التجربة الى اللاذقية بهدف تشجيع المستثمرين هنا على العمل ضمن مضامين جديدة بعيدة عن الحداثة التي بدأ يعتادها الناس وأصبحت طابعا لجميع المرافق السياحية في المحافظة. ويتسع مطعم ام كلثوم لحوالي80/ شخصا وقد تصدرت صورة كوكب الشرق المكان الذي صممه مظلوم مع الكادر العامل معه مشيرا الى ان المكان كان في المراحل السابقة عبارة عن مقهى شعبي هجره أصحابه لمدة أربعين عاما لكن موقعه في مركز المدينة القديمة جعله يفكر جديا في استثماره لاجتذاب جميع شرائح المجتمع بدون استثناء إضافة لرغبته بان يستوحي المقهى الجديد اجواء التراث الشرقي طامحا بان يجذب الشباب لهذا النوع من الفنون كونهم ابتعدوا عنه في الفترات الماضية. واشار إلى أن المقهى يقدم لرواده أغاني لعمالقة الفن الأصيل كما تعزف فرقة شرقية كل يوم خميس هذه الاغاني على الالات الشرقية الطربية منوها بالاغاني الوطنية للمطربة ام كلثوم التي كانت رمزا وطنيا أيام العدوان الثلاثي على مصر. واعتبر مظلوم أن تفاصيل المكان تحمل بصمة من أعمال الراحلة أم كلثوم فكل طاولة حملت اسم أغنية مشهورة من اغانيها إضافة لوضع مجموعة صور لعمالقة الفن على الجدران تترأسهم كوكب الشرق في أعلى الهرم وانتشرت الطرابيش الحمر كدلالة على عصر الخواجات الذين كانوا يتسابقون لحضور حفلاتها التي جسدها المقهى على شكل مسرح وهمي يضم أقنعة وحضورا إضافة لوجود ركن مرتفع سمي بالأطلال حيث أكد مظلوم نيته افتتاح مطعم مشابه يحمل اسم ام كلثوم بحيث يكون المكان أكبر وأوسع. ورغم أن افتتاح المطعم كان في بدايات فصل الشتاء إلا أن إقبال الناس وحيويتهم في التفاعل مع المكان حسب مظلوم كان جيدا ما شجعه على التفكير بشكل جدي للتوسع في أماكن أخرى إضافة لوضع برنامج صيفي يناسب توجه المكان الذي يبقي أبوابه مفتوحة لاستقبال الزبائن ليلا نهارا. بدوره قال حسن مز مدير المطعم ان ادارة المطعم حاولت استحضار روح كوكب الشرق في جميع تفاصيل المكان حتى في الأطعمة المقدمة لافتا إلى انه رغم تردد شريحة الشباب على القدوم في بداية الأمر الا أن فضولهم لاكتشاف المكان وعثورهم على شيء خارج عن المألوف دفعهم لتكرار التجربة أكثر من مرة ولا سيما خلال أجواء منتصف الليل التي تكون شرقية بحتة إذ لا تسمع خلالها إلا صوت ام كلثوم وأغانيها الأصيلة التي بدأ الشباب يعتادون على سماعها كجزء من تراثهم العربي. ورأى مز أن إطلاق هذا المشروع خلال الأزمة الراهنة في سورية دليل على رغبتهم بأن يبثوا روح الأمل والتفاوءل للشعب السوري وإيصال رسالة عن رغبته بالاستمرار في الحياة وعيش تفاصيلها والحفاظ على روحها التي تجمع كل التراث العربي ضمن ربوعها. من جهته قال شادي بشارة أحد رواد المطعم ان فكرة هذا المقهى دفعته للقدوم والتعرف على ما يقدمه المكان الذي يختلف عن الطابع العام للمقاهي الحديثة المنتشرة في اللاذقية والتي تأخذ بمعظمها الطابع الغربي حتى في أسمائها مؤكدا أن مقهى ام كلثوم يعبق بروح الاصالة والتراث وهو مكان يمكن أن ترتاده العائلات وتستمع باطيب المأكولات الشرقية.