الرئيسية » أخبار
أحد النواب البرلمانيين يعزم تقديم استقالته

الرباط - المغرب اليوم

تتداول وسائل الإعلام المغربية، هذه الأيام، خبر عزم أحد النواب البرلمانيين، الذي قضى في مجلس النواب 6 ولايات، تقديم استقالته من مجلس النواب وفسح المجال لابنته من أجل ولوج قبة البرلمان، بما أنها كانت وصيفته في اللائحة الانتخابية بموجب انتخابات 2016. الأمر الذي يمكن القول معه إن الحياة السياسية المغربية ستعرف نوعًا جديدًا من الممارسة السياسية، يتمثل في "توريث" المنصب البرلماني، سواء حصل ذلك التوريث في حياة المورِّث أو بعد وفاته.

وتعتبر هذه الواقعة، إن حصلت، ليست حالة فريدة في المغرب، وإنما لها سوابق لولاها لما تم تكرارها، بل لها ما يشرعنها داخل مؤسسات الدولة المخول لها السهر على احترام الدستور وحماية الحقوق والحريات، والإشارة هنا إلى قرار المجلس الدستوري رقم 14/949 الصادر بتاريخ 23 ديسمبر/ كانون الأول 2014، في "قضية استقالة ميلود الشعبي"، حيث كانت أول حالة من هذا النوع في ظل دستور 2011. وقد ترتب على القرار ما يلي: "شغور المقعد الذي كان يشغله السيد ميلود الشعبي، المنتخب عضوًا في مجلس النواب في الدائرة الانتخابية المحلية القنيطرة، مع دعوة المرشح الذي يرد اسمه مباشرة في لائحة الترشيح المعنية بعد آخر منتخب في نفس اللائحة لشغل المقعد الشاغر، طبقًا لمقتضيات المادة 90 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب".

ويذكر أن الراحل ميلود الشعبي، النائب البرلماني السابق، تقدم باستقالته إلى رئيس مجلس النواب في ديسمبر / كانون الأول 2014، وهي الاستقالة التي تعدّ سابقة في التجربة البرلمانية المغربية المنبثقة عن دستور 2011. لقد صدر القرار في حوالي 400 كلمة، ولم يرد في حيثياته إلا استدلالًا واحدًا وهو المتعلق بالمادة الـ90 من القانون التنظيمي للمجلس النواب (سنشير إليه في المقبل من فقرات بـ ق. ت. م. ن)، دون أن يلتفت إلى باقي المواد ذات الصلة، والحال أن هذا القرار الذي شرّع إمكانية التنازل عن المقعد البرلماني دون خوض انتخابات جزئية يكتسي ملاحظات عديدة نختصرها في نقطتين:

أولاهما: بنى المجلس الدستوري قراره على استدلال واحد، وهو المتعلّق بالمادة الـ90 من (ق.ت.م.ن). والحال أن هذه المادة لم تتطرق نهائيًا لوضعية استقالة النائب البرلماني، وإنما نظم من خلالها المشرع الحالات التالية: الإلغاء الجزئي لنتائج اقتراع من قبل المحكمة الدستورية؛ حالة الوفاة؛ إعلان إقالة نائب لأي سبب من الأسباب؛ حالة تجريد نائب من عضويته بسبب التخلي عن انتمائه للحزب السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات؛ التجريد لأي سبب آخر غير فقدان الأهلية الانتخابية؛ حالة شغور مقعد بسبب تعيين النائب المعني بصفة عضو في الحكومة. فإذا حصلت أي من هذا العوارض، يمكن للسلطات المكلفة بتلقي التصريحات بالترشيح أن تستدعي المترشح الذي يرد اسمه مباشرة في لائحة الترشيح المعنية، بعد آخر منتخب في نفس اللائحة لشغل المقعد الشاغر، شريطة أن يكون في وضعية قانونية تسمح بذلك. وهذا ما يسمى بالتعويض.

لكن الملاحظ على المادة الـ90 أنها لم تُنظّم حالة الاستقالة، وإنما فقط أبرزت ستة أسباب كلها تكون خارج رغبة النائب البرلماني (إقالته، موته، وقوعه في حالة التنافي،...)، أما الاستقالة فهي فعل إرادي يُعبّر من خلاله النائب عن عدم رغبته في الاستمرار في نيابته لأسباب تخصّه. وهذا أمر مخالف للإقالة التي تأتي ضد رغبة النائب. ومن ثمّ، كان على السادة أعضاء المجلس الدستوري أن يُعملوا هذا التمييز قبل اتخاذ قرارهم في "قضية الشعبي"، ما دامت المادة الـ90 لا تنظم حالة الاستقالة الصادرة عن الإرادة الحرة.

النقطة الثانية: بما أن المادة الـ90 من (ق.ت.م.ن) لا تفيد في اتخاذ قرار بخصوص استقالة الشعبي، فإنه كان لزامًا على المجلس الدستوري أن ينتبه إلى أحكام المادة الـ91 من القانون نفسه، وهي المتعلقة بالإعلان عن انتخابات جزئية بسبب شغور المنصب، وليس اللجوء إلى مسطرة التعويض كما هو حال أحكام المادة الـ90. وهكذا، جاءت المادة الـ91 بستة أسباب تُوجِب إجراء انتخابات جزئية؛ وهي: إذا لم يتأت إجراء العمليات الانتخابية أو إنهاؤها إما لعدم وجود ترشيحات أو امتناع جميع الناخبين عن التصويت أو لأي سبب آخر؛ إذا لم تحصل أي لائحة على نسبة الأصوات المطلوبة للمشاركة في عملية توزيع المقاعد في الدائرة الانتخابية المعنية؛ إذا ألغيت نتائج الاقتراع كليًا؛ إذا أمرت المحكمة الدستورية بتنظيم انتخابات جديدة على إثر إبطال انتخاب نائب أو عدة نواب؛ إذا قررت المحكمة الدستورية تجريد عضو من عضويته بسبب فقدانه للأهلية الانتخابية؛ إذا تعذر تطبيق أحكام المادة الـ90 أعلاه.

نستفيد من المادة الـ91 أن الأسباب الستة التي أوردَتْها لا تطبَّق على حالة الاستقالة؛ لكن السبب السادس ربما يُسعف في إيجاد مُسوّغ يمكن البناء عليه، إذ يتّضح أن المجلس الدستوري غير مختص فقط في البتّ في القضايا التي يوجد فيها نص واضح، بل بإمكانه أيضًا أن يجتهد في تأويل النصوص فيما يخدم القيم الديمقراطية، وهو الأمر الذي لم يُوفّق فيه قضاة المجلس الدستوري بخصوص "استقالة الشعبي"، حيث إن قضاة المجلس لم يعطوا القضية الكثير من اهتمامهم، وتسرّعوا في إصدار قرارهم. فلو أعملوا ملكة الاجتهاد لكان بإمكانهم الرجوع إلى السبب السادس من المادة الـ91 الذي بموجبه تتم الدعوة إلى انتخابات جزئية، بما أنه "تعذر تطبيق أحكام المادة الـ90"، أي أنه ينبغي أن يصدر القرار بالإعلان عن شغور المنصب، وبالتالي وجوب إقامة انتخابات جزئية يتبارى فيها مترشحون جدد، بما أن النائب الذي فوّضه السكان النيابة عنهم في مجلس النواب لم يشأ القيام بمهمته بمحض إرادته دون إجبار من الغير؛ وهو ما يُخلّ بالتعاقد بينه وبين ناخبيه، مما يمنع اللائحة التي فاز بموجبها من أن تنال حق تعويض نائبها المستقيل بأحد المترشحين الذين شاركوه اللائحة، لأنه لو تم فتح المجال لِتصرفات كهذه لَتحوّلت إلى طرق يمكن أن تُستغل في إفساد المهمة الانتخابية؛ فمثلا يمكن لمرشح قوي يمتلك مقومات النجاح في مجلس النواب أن يترشّح باسم لائحة معينة، ثم بعد أشهر يقدم استقالته كي يعوّضه وصيفه في اللائحة، ويذهب هو للترشح في انتخابات مجلس المستشارين.. ومن ثمّ، يستطيع إيصال أكثر من مرشح إلى قبة البرلمان. أو في حالة وجود مرشح طاعن في السن ويمتلك شعبية وسط السكان؛ لكن وصيفه في اللائحة، الذي هو قريبه، لا يتوفر على المؤهلات الشعبية... ومن خلال مسطرة التعويض عن طريق الاستقالة، يمكن لوصيف وكيل اللائحة أن يلج قبة البرلمان دون عناء (كتبنا هذه الفقرات في الأيام القليلة التي أعقبت قرار المجلس الدستوري في قضية ميلود الشعبي، أي قبل ورود قضية "توريث" المنصب من لدن النائب المتحدث عنه في بداية هذا المقال).

ويمكن القول إن قرار المجلس الدستوري قد جانب الصواب، وفتح المجال لممارسات سلبية في المستقبل. إن هذا القرار لحقه عَوار قانوني في الشكل كما في الاستدلال، وافتقد للجهد العقلي الواجب في الحالات النادرة؛ وهو ما يستدعي من المشرّع تدارك النقص الموجود في القانون التنظيمي لمجلس النواب، وأن يُدرج حالة الاستقالة في المادة الـ91 حيث تؤدي إلى انتخابات جزئية، وإلا فإن مسطرة التعويض ستضر بالعملية الانتخابية، ويتحول فيها وكيل اللائحة إلى ما يشبه "أرنب السباق"، كما يمكن للمحكمة الدستورية أن تعيد النظر في القرار السابق للمجلس الدستوري، عندما يعرض عليها القانون التنظيمي لمجلسي البرلمان.أما في غياب ذلك، فإن المشهد السياسي المغربي سيعرف نموذجًا آخر من نماذج إفساد اللعبة السياسية، والمتمثل في "توريث" الانتداب البرلماني للأقرباء بينما المُوَرِّث لا يزال على قيد الحياة.

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الكشف عن حصيلة مجلس النواب المغربي في السنة الأولى…
النواب المغربي يُصادق بالإجماع على مقترح قانون يتعلق بالنظام…
مجلس النواب المغربي ينتخب رئيساً جديداً للجنة الداخلية بعد…
مجلس المستشارين المغربي يُوافق على إحداث لجان موضوعاتية حول…
رئيس مجلس المستشارين يُلزم شركات النظافة باحترام وتسوية حقوق…

اخر الاخبار

ترامب يرفض عرضاً من هاريس لمناظرة ثانية ويقول فات…
فاطمة الزهراء المنصوري تُؤكد أن الذين حاولوا الهجرة الجماعية…
البحرية الملكية تُحبط محاولة العشرات من المرشحين للهجرة السرية…
حزب الأصالة والمعاصرة يدعُو لتمديد صلاحية جواز السفر المغربي…

فن وموسيقى

احتفاء بفيلم "رحلة 404" لمنى زكي عقب ترشحه للأوسكار
منى زكي تُعبر عن سعادتها الكبيرة بترشيح فيلمها "رحلة…
سميرة سعيد تؤكد أن ألبوم قويني بيك من أحلى…
ظافر العابدين يبدء ثالث تجاربه في الإخراج بفيلم صوفيا…

أخبار النجوم

فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي
أشرف عبد الباقي يكشف أسباب ابتعاده عن السينما
حميد الشاعري يتنازل عن بصمة صوته لتقديم أغانٍ جديدة…
الفنان عمرو دياب يتألّق عند سفح أهرامات الجيزة

رياضة

حكيم زياش ينتقد المغرب والدول التي تدعم الإبادة الجماعية…
هاري كين وجريزمان يتنافسان على جائزة لاعب الجولة في…
ميسي يعود للملاعب بعد غياب شهرين للإصابة
انتخاب عادل هالا رئيساً جديداً لنادي الرجاء الرياضي لمدة…

صحة وتغذية

دواء مضاد للاكتئاب قد يساعد في علاج أورام المخ
التعرض إلى الضوء في الليل يُزيد من خطر زيادة…
عقار تجريبي يساعد مرضى السرطان على استعادة الوزن
جدري القردة يُؤجل النسخة الرابعة من المؤتمر الدولي للصحة…

الأخبار الأكثر قراءة

مجموعة العدالة الاجتماعية في مجلس المستشارين المغربي تدرس قانون…
البرلمان المغربي يُصادق بالإجماع خلال جلسة تشريعية على مقترح…
مجلس النواب المغربي يُعدل نظامه الداخلي ويقر مدونة الأخلاقيات…