الرئيسية » طاقة
مفاعل اندماج نووي

واشنطن - المغرب اليوم

لطالما كان العلماء يرقبون الطريقة التي تولّد بها الشمس الطاقة بأعين حالمة، ثم يستغرقون بالتفكير في نموذج محاكاة يجلب لنا شمساً خاصة بنا على الأرض، هكذا سيصبح لدينا طاقة لا نهائية تمتد للأبد، هذا الحلم الذي يبدو مستحيلاً لم يعد بعيداً، بعد أن كشفت الحكومة الأمريكية عن خطتها لبناء مفاعل اندماج نووي أفضل من كل الموجودين حالياً، يحاكي الطريقة التي تولد بها الشمس والنجوم الطاقة عن طريق الاندماج، وربما ينهي كابوس اعتمادنا على الوقود الأحفوري إلى الأبد.

كيف يمكنك أن تضع الشمس .. في علبة ثقاب؟

المنشآت النووية الحالية لدينا تقوم بما يسمى “الانشطار النووي”، لتولد الطاقة بشطر النواة إلى نيوترونات أصغر ونواة، ومع إن هذه العملية فائقة الكفاءة، إذ أنها تولد طاقة أكثر بملايين المرات للكتلة مقارنة بالفحم، إلا إن هذا يتطلب إدارة مكلفة للغاية للنفايات المشعة الخطيرة، أما بالنسبة لعملية “الاندماج النووي” فهي بالمقابل، لا تنتج نفايات نووية مشعة أو أي منتجات وسيطة أخرى غير مرغوبة، كما إنها تولد كميات ضخمة من الطاقة عندما تندمج نواة ذرتين خفيفتين أو أكثر لتكونا نواة أثقل في درجات حرارة عالية بشكل لا يصدق، وهي فعالة جداً، يكفي أن تعلم أنها التي تمد الشمس بالطاقة للأربعة ونصف مليار سنة الماضية.

الفكرة هي أن العلماء كانوا يفكرون في “تصغير” هذه العملية، وبناء آلات يمكنها أن تقوم بعمليه الاندماج النووي في مساحة الصغيرة، لكنهم استمروا في هذه المحاولات لتوفير أجهزة الاندماج بشكل تجاري لمدة ستين سنة، لكن هذه الفكرة التي تشبه “وضع الشمس في علبة”، بدت أصعب من اللازم.

أكبر المشاكل في هذه المحطات، كانت في تطلبها لدرجات حرارة أكبر من التي تحتاجها مفاعلات الانشطار النووي، ففي الوقت الذي تحتاج هذه فيه تسخيناً يقدر ببضع مئات من الدرجات السليزية، فإن آلات الاندماج النووي تحتاج أن تحاكي الشمس، نحن نتكلم هنا عن ملايين من الدرجات السليزية، بل وإنها سوف تحتاج أكثر كدفعة انطلاق من الصفر، ما يعني أن عليها أن تصبح أسخن حتى من الشمس، أي ما يقدر بـ100 مليون درجة مئوية على الأقل، لعلك تفهم الآن سبب استحالة الأمر حتى الآن.

أقرب محاولة لهذا الحلم بالطاقة اللانهائية كان فريقاً من الفيزيائيين في مفاعل الاندماج Wendelstein 7-X stellarator في غرايفسفالد بألمانيا، بالإضافة إلى الباحثين في المفاعل الصيني China’s Experimental Advanced Superconducting Tokamak.

ما الذي جعل الحلم يخرج من دائرة الاستحالة ؟

 

خلال عملية “الاندماج النووي” فإن إلكترونات الذرات تنفصل عن النواة الخاصة بها، لتصنع سحابة خارقة الحرارة من الإلكترونات والأيونات، وهو ما يعرف بـ”البلازما”، لكن المشكلة مع هذه البلازما الغنية بالطاقة، هو في إيجاد طريقة لاحتوائها، لأنها توجد في درجات حرارة متطرفة (ما يصل إلى 150 مليون درجة سلزيوس، أو ما يساوي عشر أضعاف حرارة لب الشمس)، وأي مادة على الأرض، لن تنجح في أن تكون صُندوقاً جيداً لهذه الحرارة الجنونية.

ولكي تدرك مدى صعوبة الأمر، عليك أن تعرف أن جهاز الاندماج النووي الألماني تمكن من تسخين غاز الهيدروجين لما يصل إلى 80 مليون درجة سلزيوس، واستطاع الحفاظ على غيمة بلازما الهيدروجين لمدة ربع ثانية، هذا يبدو شيئاً ضئيلاً بالنسبة إليك، لكنه يعد خطوة هائلة، المفاعل الصيني زعم أنه هزم هذا الإنجاز، وأنه استطاع إنتاج بلازما من الهيدروجين في درجة حرارة 49.999 مليون درجة سليزية، وقام بالحفاظ عليها لمدة وصلت إلى 102 ثانية، لكن، حتى الآن، لا يوجد مفاعل واحد في العالم استطاع أن ينتج كمية ثابتة من الطاقة عن طريق “الاندماج النووي”، أقصى ما تستطيع فعله هو تسخين المواد بشكل كافٍ لبدء العملية، لكن المفاجأة حدثت عندما أعلن علماء الفيزياء في مختبر برينستون للبلازما أنهم تمكنوا من إيجاد الطريقة.

بما إن الأمر يشبه أن تضع شمساً داخل علبة، فإن الفريق قرر أن يعيد تصميم هذه العُلبة، باستخدام مواد أفضل وشكل أكثر بساطة، ومع إن آلات الاندماج النووي التقليدية التي تسمى “توك ماكس” تستخدم حقول مغناطيسية لاحتواء البلازما فائقة السخونة في الجهاز، إلا إن الفريق قرر بناء أجهزة كروية ومضغوطة أكثر، تشبه تفاحة لها لب داخلي، الفريق شرح أن التصميم الكروي ذي الثقب الأصغر يمكن أن يسمح بالسيطرة على البلازما بشكل يتطلب حرارة أقل بكثير من الحقول المغناطيسية، فالثقب الأصغر يسمح بإنتاج التريتيوم، الذي يعد نظيراً نادراً للهيدروجين، ويستطيع أن يندمج مع نظير آخر من الهيدروجين يسمى الديوتيريوم، لكي تنتج تفاعلات الاندماج.

يخطط الفريق أيضاً لاستبدال المغناطيس النحاسي الهائل في تصاميم الأجهزة الاندماجية التقليدية، بمغناطيسات عالية الحرارة وفائقة التوصيل، لأنها أكثر فعالية، حيث تستطيع الكهرباء أن تتدفق فيها في مقاومة تساوي صفر، ولحسن الحظ فلا يتوجب عليهم أن يبدئوا التصميم من الصفر، فهم سيطبقون تصاميمهم على مفاعلين اثنين موجودين بالفعل، الأول هو Mega Ampere Spherical Tokamak الموجود في المملكة المتحدة، والثاني هو National Spherical Torus Experiment Upgrade (NSTX-U) الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية.

مفاعلات مستحيلة .. الفيزياء كما لم نرها من قبل

هذه المنشآت سوف تدفع بعلم الفيزياء خطوة للأمام، وتطور معرفتنا بالبلازما في درجات الحرارة العالية، وإذا نجح هذا، فإنه سيضع الأساس العلمي لحل العقبات التي تواجهنا في مفاعلات الاندماج النووي، بتصاميم مضغوطة أكثر. سوف يكون علينا أن ننتظر لنرى النتائج، ونأمل أن نكون أقرب لحلم جلب الشمس على الأرض.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وزير الكهرباء السوري يتعهد بإعادة الكهرباء قريبا "إلى وضعها…
شركات الطاقة في المغرب توزع لوحات ذكية لأطفال العالم…
ماهر عزيز يؤكد أن الإدارة السياسية نفذت خطة جريئة…
اقتران القمر بـ كوكب الزهرة يكون ظاهرة فلكية تزين…
الكشف عن تهديد نووي كبير يهدد العالم

اخر الاخبار

أخنوش يؤكد أن الملك محمد السادس يتابع تعبئة الموارد…
لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب المغربي تُصادق على…
إيمانويل ماكرون يُشيد بجهود المغرب في مجال تدبير المياه
بوريطة يُرحب بقرار وقف إطلاق النار في لبنان ويدعو…

فن وموسيقى

الفنانة هند صبري ضمن قائمة أكثر النساء تأثيراً في…
منى زكي تحتفي بعرض فيلمها "رحلة 404" في هوليوود…
الكويت تسحب الجنسية من الفنان داوود حسين والمطربة نوال
حسين فهمي يكشف تفاصيل تحضيره لمهرجان القاهرة السينمائي في…

أخبار النجوم

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب…
أحمد العوضي يقبل تحدي أحد متابعيه في ركوب الخيل
مي عمر تدافع عن محمد سامي بعد تسريب فيديو…
حسام حبيب يهاجم شقيق محمد رحيم بسبب شيرين

رياضة

الخليفي يحسم موقف باريس سان جرمان من ضم نجم…
غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس…
محمد صلاح يؤكد أن مباراته أمام مان سيتي ستكون…
"الفيفا" يُعلن حصول ملف استضافة السعودية لكأس العالم 2034…

صحة وتغذية

التحفيز العميق للدماغ يعيد القدرة على المشي لمريضين مصابين…
إجراء جراحي يعكس أضرار سرطان الساركوما ويعيد استقلالية المرضى
وزير الصحة المغربي يؤكد أنه لا يمكن وضع تشريعات…
السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

الأخبار الأكثر قراءة