الرئيسية » تحقيقات

برلين - وكالات

يزداد عدد الأمهات من أصول عربية اللواتي يُعلن أطفالهن بأنفسهن وبدون زوج في ألمانيا وحاورت مع خبراء في الموضوع لمعرفة أسباب الظاهرة وما هي حقوق المعيلات الوحيدات ونظرة المجتمع إليهن. تعيل كل من السيد عائشة ع. والسيدة ع. سوزانه. أبناءهما لوحديهما منذ أن حصلتا على الطلاق. فزهيرة، ذات الأصول الفلسطينية، تزوجت بعد وفاة زوجها الذي أنجبت منه ابناً، لكن زواجها الثاني لم يكلل بالنجاح. أما سوزانه، ذات الأصول المصرية، فكانت متزوجةً من رجل أُسترالي لكنهما افترقا وهاجرت مع ابنتها إلى ألمانيا للدراسة. تقول زهيرة متحدثة عن تجربة إعالة ابنها لوحدها: "إنه عمل مُرهق ويتطلب مجهوداً كبيراً. فأنا ألعب دور الأب والأم في نفس الوقت، أرتب أموره وأحاول قدر الإمكان أن لا يكون محروماً من أي شيء". في كل يوم تُوقظ زهيرة ابنها من النوم وتحضر له الفطور لترافقه إلى المدرسة ثم تلتحق هي بمدرسة لتعلم المهن. أما السيدة سوزانه فتصف حالتها  قائلةً " المسؤولية الملقاة على الأمهات المعيلات الوحيدات أكبر بكثير من باقي المسؤوليات الأخرى في الحياة، لأن الأم يجب أن تقوم بكل شيء وبدقة من أجل ابنها، وتحمل هم الابن أينما ذهبت". وتضطر سوزانه إلى تأجيل محاضراتها في الجامعة أو تركها قبل الوقت المحدد لإحضار ابنتها من الحضانة أو لمرافقتها إلى الطبيب. وبالإضافة إلى المسؤوليات الكبيرة الملقاة على المعيلات الوحيدات، فإن العديد من المهاجرين العرب ينظرون إليهن نظرةً سلبيةً. تقول زهير في هذا الصدد: "بعض الرجال العرب عندما يتحدثون عن معيلة وحيدة يقولون: إنها امرأة جميلة لكنها تعيش لوحدها". وتضيف زهيرة أن البعض "يسعون إلى استغلال المعيلات الوحيدات جنسيا أو الزواج منهن كزوجة ثانية". وبدورها تؤكد سوزانه ما قالته زهيرة "الناس يتملكهم الفضول لمعرفة لماذا تعيش المرأة مع أبنائها بدون زوج. والعديد منهم يسألون هل أنت مطلقة؟ لماذا؟ أين تحصلين على المال إلخ." وتضيف سوزانه أن "العرب القادمين من مدن كبيرة كالقاهرة مثلاً يتفهمون وضعنا أكثر من المهاجرين المنحدرين من الأرياف والقرى". حسب المكتب الفدرالي للإحصاء لعام 2009 فإن عدد الأمهات المعيلات الوحيدات وأيضا الآباء المعيلين الوحيدين في ألمانيا تجاوز مليونا وستمائة ألف أم وأب. وبالنسبة للمساعد الاجتماعي عبد الرحيم المصطاف الذي يساعد كثيراً العائلات العربية والمسلمة في برلين، فإن النظرة السلبية للمعيلات الوحيدات سببها ثقافي بالدرجة الأولى "في الأوساط المحافظة يتم النظر للرجل كسترة للمرأة، وتُعتبر كل امرأة تدخل إلى العالم الذكوري بدون رجل كفريسة". ويضيف المصطاف أن "قداسة المؤسسة الزوجية عند المسلمين هو الذي يجعل العديد ينظرون إلى المعيلات الوحيدات كعاهرات أو كمتمردات" عكس المجتمع الأوروبي الذي "يتقبل هذا الوضع ويتعايش معه بشكل طبيعي". لا يُعتبر الطلاق وحده أو وفاة الزوج السببان الوحيدان وراء ظاهرة الأمهات المعيلات الوحيدات من أصول عربية في ألمانيا. فهناك عوامل أخرى يسردها المساعد الاجتماعي عبد الرحيم المصطاف "من أبرز الأسباب وراء هذه الظاهرة نجد التمرد على الحياة الزوجية، التشبع بالحريات الفردية في المجتمع الألماني، هروب الرجل أو الولادة الناجمة عن الاغتصاب". غير أن العائلات العربية في ألمانيا "لا تزال محافظةً وتحاول قدر الإمكان تجاوز تلك الحالة عكس بعض النساء الأوروبيات اللواتي يخترن تربية الأولاد لوحدهن لقناعات فكرية كالناشطات في الحركات النسائية مثلاً" على حد تعبير المصطاف. تنامي ظاهرة الأمهات المعيلات الوحيدات في المجتمع الألماني دفع المُشرع لسن قوانين تضمن الحقوق المادية والمعنوية لحمايتهن من المشاكل التي قد تترتب على اتخاذ خطوة الطلاق مثل "التهديد بخطف الأولاد"، على حد تعبير المحامية الألمانية تولاي كيزيلاي وتضيف أن "القانون الألماني يهمه بالدرجة الأولى أن يتمتع الأطفال بحياة سعيدة ومريحة وهذا هو معيار ترك إعالة الأولاد للأم أو للأب". وفي حال تعرض الأبناء لمعاملة سيئة فإن "السلطات المعنية تتدخل لحماية الأبناء وتُرسلهم إلى مؤسسة خاصة لرعايتهم وقد تتعرض الأم أو الأب لعقوبات بسبب ذلك". ولمساعدة الأمهات المعيلات والوحيدات على تجاوز المشاكل التي تعترضهن "هناك أرقام هاتفية مجانية لمؤسسات تهتم بوضع النساء وتقوم بالتدخل عند الحاجة. كما أن الدولة تتكفل بمصاريف المحامي لطلب الطلاق في حال عدم توفر المعنية بالأمر على إمكانات مادية للقيام بذلك" على حد تعبير المحامية كيزيلاي. حسب المساعد الاجتماعي عبد الرحيم المصطاف فإن تربية الأولاد من الأم لوحدها أو الأب لوحده "تكون له عواقب نفسية تتجلى في الحرمان من حب الأب أو الأم". لأن الطفل ـ حسب المصطاف ـ يحتاج إلى الأم والأب على المستوى التربوي. غير أن المحامية كيزيلاي تنظر إلى هذه النقطة نظرةً مُختلفةً وتبرر ذلك بالقول "رغبة العديد من النساء في أن يتلقى أبناؤهن التربية في أحضان الأب والأم معاً هو الذي يدفعهن لتحمل المعاناة والصبر على العنف الرمزي والمادي الذي يتعرضن له". وفي هذه الحالة فإن الضحية هم الأبناء الذين يتأثرون سلبياً بعدم التفاهم بين الأبوين. ورغم  صعوبة مسؤوليتهن وغياب الدعم المالي الكافي للأمهات المعيلات الوحيدات كزهيرة وسوزانه، إلا أنهن مصممات على تربية أبنائهن على أحسن وجه. فبينما تحلم زهيرة بأن ترى ابنها في المستقبل "رجلاً ناجحاً وصادقاً"، فإن سوزانه تحلم بأن تعيش ابنتها في "كرامة وحرية وتحظى بالاعتراف في المجتمع".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

أميركية تتزوج من روبوت محادثة مصنوعا بالذكاء الاصطناعي
إرتفاع أسعار الحليب المخصص للرضع في المغرب بسبب جشع…
إيران تقر قانوناً لحماية النساء من الإساءة الجسدية والنفسية
5 آلاف امرأة يرفعن قضية جماعية ضد شركة أميركية…
إيران تبدأ بأولى عمليات التوقيف المرتبطة بتسمم طالبات المدارس

اخر الاخبار

عائلات مغربية تأمل تدخلاً ملكياً لإنهاء معاناة أبنائهم العالقين…
انتخاب سويسرا لرئاسة مجلس حقوق الإنسان خلفاً للمملكة المغربية
رئيس الحكومة المغربية يترأس اجتماعاً حول إنعاش التشغيل
الإضراب المفتوح الذي يخوضه مستخدمو الصندوق المغربي للتقاعد يطرق…

فن وموسيقى

المغربية بسمة بوسيل تتحدث عن جوانب من حياتها الشخصية…
الفنانة هند صبري ضمن قائمة أكثر النساء تأثيراً في…
منى زكي تحتفي بعرض فيلمها "رحلة 404" في هوليوود…
الكويت تسحب الجنسية من الفنان داوود حسين والمطربة نوال

أخبار النجوم

إلهام شاهين تحصل على جائزة إنجاز العمر من مهرجان…
جمال سليمان يعلن رغبته في الترشح لرئاسة سوريا
سوسن بدر تشارك في دراما رمضان 2025 بـ 3…
إيمان العاصي تكشف تفاصيل مشاركتها في حفل جوائز the…

رياضة

المغربي أيوب الكعبي يُتوج بجائزة أفضل لاعب في الدوري…
الركراكي يطمح للتتويج ب"كان" 2025 ويؤكد أن المغرب لديه…
المغربي أشرف حكيمي يُتوج بجائزة الأسد الذهبي لسنة 2024
ليفربول يحسم تجديد عقد محمد صلاح لمدة موسمين

صحة وتغذية

تقنيات عديدة يمكن استخدامها للدخول في النوم سريعاً
بعد إقتحام مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة القوات…
التحفيز العميق للدماغ يعيد القدرة على المشي لمريضين مصابين…
إجراء جراحي يعكس أضرار سرطان الساركوما ويعيد استقلالية المرضى

الأخبار الأكثر قراءة