الرئيسية » نساء في الأخبار
نادية مراد

بغداد - نهال قباني

تعرضت نادية مراد، إلى أشد أنواع التعذيب والضرب، والانتهاكات الجنسية، تلك الفتاة التي لم تتعدِ حقبة العشرينات من عمرها، بين مئات النساء اللاتي اختطفهن تنظيم "داعش" بصحبة أخوتها ووالدتها، من القرية التي كانوا يعيشون بها في العراق، وذلك منذ أكثر من عامين.

وبالرغم من المعاناة التي عاشتها بين براثن التنظيم المتطرف، إلا أنها مازالت ترى نفسها محظوظة للغاية إذا ما قورنت بحالة أقرانها ممن يتبعون ملتها، والتي ينظر إليهم الداعشيون باعتبارهم كفار، وذلك لأنها تمكنت من الهرب في نهاية المطاف حيث وجدت طريقًا مفتوحًا أمامها للعيش في ألمانيا، بينما قتل الألاف منهم وذلك بعد استعبادهم.

ولم تكتف الشابة العراقية بالهرب، ولكنها دشنت حملة عالمية تهدف في الأساس إلى لفت انتباه العالم إلى محنة الإيزيديين الذين مازالوا يعانون في سجون "داعش"، والذين تمارس بحقهم انتهاكات العبودية الجنسية، وهي الحملة التي دفعت مجلس أوروبا إلى منحها جائزة فاتسلاف هافيل لحقوق الإنسان، الإثنين، والتي تحمل إسم الكاتب التشيكي الشهير، والذي تولى منصب رئيس الجمهورية في بلاده لمدة 14 عامًا، بعد سقوط الشيوعية.

وتأتي الجائزة التي حصلت عليها مراد، والتي تبلغ من العمر 23 عامًا، بعد اختيارها كسفير للنوايا الحسنة من قبل الأمم المتحدة لصالح ضحايا الاتجار بالبشر وذلك في الشهر الماضي، كما أن اسمها ذكر أيضًا على نطاق واسع كمرشح محتمل للفوز بجائزة نوبل للسلام، والتي فاز بها الرئيس الكولومبي يوم الجمعة الماضي. وخلال كلمتها التي استمرت لحوالي تسع دقائق أمام الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، قالت مراد "إنها تشترك مع السيد هافيل فيما تعرضت له من ظلم ومأساة والبحث عن بصيص من الأمل في ظل الظلام".

وأضافت "ربما أنهكني الحديث عما تعرضت له أثناء وجودي بين براثن التنظيم المتطرف، ولكن يبقى الأمر المهم أن ندرك أن هناك يزيديات أخريات يجري اغتصابهن الان"، موضحة أنها لن تعود إلى حياتها الطبيعية إلا تعود النساء الأخريات إلى حياتهن، عندما يصبح هناك مكانًا داخل مجتمعاتنا يمكن من خلاله حساب المجرمين على ما اقترفوه من جرائم.

ولاقت مأساة الفتاة العراقية انتشارًا واسعًا وتعاطفًا كبيرًا من قبّل قطاع كبير من الناس حول العالم، حيث سبق وأن أشاد بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والمحامية الشهيرة المهتمة بقضايا حقوق الإنسان أمل كلوني.

ولكن بالرغم من الدعم الكبير لقضيتها، إلا أن الطريق مازال شاقًا للغاية، حيث أن الإدانات التي يحملها المجتمع الدولي للتنظيم المتطرف ليست كافية لمحاكمة أعضاءه على الانتهاكات التي ارتكبوها، في ظل الحرب الشعواء المستعرة في سورية وشمال العراق.

ووصفت مراد الانتهاكات بأنها جريمة إبادة جماعية، حيث أنهم يجبرونهم على انكار دينهم لأنهم يعتبرونهم كفارًا، فقتلوا الرجال واستعبدوا النساء، خطفوا الأطفال من أجل تحويلهم إلى إرهابيين في المستقبل. والبنات في سن الثامنة يتم اختطافهن من قبل الميليشيات المتطرفة من أجل ضمهم في شبكة منظمة للجواري. وتقول الناشطة اللإيزيدية أنها التقت بنات صغيرات تعرضن للاغتصاب على الرغم من أنهن مازلن لم يدركن معنى الكلمة، والتقت كذلك بأناس فقدوا عائلاتهم بالكامل من جراء انتهاكات التنظيم المتطرف.

ولكن تبقى الحاجة لتعاون الحكومة العراقية حتى يمكن محاسبة الميليشيات المتطرفة العاملة مع التنظيم، خاصة وأن العراق وسورية لا يخضعان لولاية المحكمة الجنائية الدولية، حيث يمكن للحكومة العراقية السماح للمحكمة بالنظر في الجرائم التي ارتكبها التنظيم داخل أراضيها، وهو الأمر الذي مازالت لم تقوم به الحكومة حتى الان.

وربما تشعر الحكومة أن مثل هذا الإجراء سيفتح الباب أمام إجراءات مماثلة تجاه الميليشيات الموالية لها، كما أنه من الصعب التمييز بين "داعش" وغيرها عند الحديث عن جرائم الحرب التي أرتكبت في المناطق الخاضعة لسيطرتها في سورية والعراق. ويبدو أن الخيار الحالي، والذي يتم مناقشته من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، هو تشكيل لجنة مختصة للتحقيق في تلك الجرائم، سواء التي ارتكبت بحق اليزيديين أو غيرهم، وهو الأمر الذي دعت إليه الفتاة اليزيدية عند حديثها، وطالبت بتشكيل محكمة خاصة لمحاكمة مقاتلي "داعش" باعتبارهم مجرمي حرب. ولا يمكن أن نحتمل وجود جماعات متطرفة تذبح الشعوب وتدمر الحضارات والثقاقات، وذلك لضمان حرية الناس في تحديد حياتهم الشخصية، وبالتالي عدم السعي إلى فرض أفكارهم على أي شخص أخر.

وتابعت "علينا بقبول الحرية الدينية وقبول الاختلافات أينما ظهرت. يجب علينا كذلك أن نتأكد أن جميع البرلمانات تدرك وتعرف جيدا ماذا حدث لنا. وأكدت أن حوالي 18 شخصًا من عائلتها إما قتلوا أو اختفوا، موضحة أن اليزيديين، والذين اتخذ أجدادهم جبل سنجار مكانًا لحياتهم منذ عشرات السنوات، فشلوا في العودة لقراهم رغم طرد ميليشيات التنظيم المتطرف من المنطقة التي سيطروا عليها في آب/أغسطس 2014، منذ أكثر من عام.

وربما يكون السبب في ذلك قيام التنظيم المتطرف بتلغيم المنازل بالديناميت إبان خروجهم من المنطقة المتواجدة في شمال العراق، إضافة إلى القواعد الصارمة التي وضعتها حكومة كردستان لنقل السلع إلى الإقليم، وبالتالي أصبح من الصعب نقل المواد اللازمة لإعادة بناء الحياة في الإقليم من جديد. والغالبية العظمى من سكان العراق من اليزيديين، والذين يبلغ عددهم حوالي 500 ألف نسمة، يعانون من التشرد، حيث أنهم مازالوا يعيشون في الخيام التي خصصت لهم منذ عام 2014.

وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن غالبية اليزيديين لا يشعرون بالرضا من جراء عدم منح الفتاة اليزيدية نادية مراد جائزة نوبل، ولكنهم سعداء بتكريم مجلس أوروبا لها. وتقول الناشطة اليزيدية أمينة سعيد، والتي كانت عضوا في البرلمان العراقي، أنها شاهدت الحدث على الهواء مباشرة، وكانت تشعر بسعادة بالغة من جراء تكريم نادية، موضحة أن الفتاه ضحية للتنظيم المتطرف، وتكريمها يعني أن المجتمع الدولي يشعر بنا ويشعر بما نعانيه في المرحلة الراهنة من جراء انتهاكات التنظيم المتطرف بحقنا.

وتشير الإحصاءات إلى أن حوالي نصف مليون يزيدي تم اختطافهم من قبل تنظيم داعش  في 2014، بينما مازال هناك حوالي ثلاثة ألاف شخص مازالوا تحت الأسر في قبضة التنظيم المتطرف، وهو الأمر الذي أدى إلى زيادة الإصابة بالاكتئاب وزيادة معدلات الانتحار بصورة كبيرة. وفي خطابها أمام الأمم المتحدة في ايلول/سبتمبر الماضي، قالت الفتاة العراقية نادية مراد أن تكرار الحديث عن معانتها أصبح بمثابة عبء شديد عليها، موضحة أنها لم تتعلم إلقاء الخطابات، كما أنها كذلك لم تولد لتلتقي بزعماء العالم أو حتى لتحمل على عاتقها قضية بهذا الثقل.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

كامالا هاريس ابنة المهاجرين التي تسعى لصنع تاريخ كرئيسة…
النائبة الديمقراطية إلهان عمر تحذر من عودة ترامب للبيت…
السجون الإسرائيلية تفرض عقوبات انتقامية على الأسيرات الفلسطينيات
كامالا هاريس تتعهد بالعمل على إنهاء الحرب في الشرق…
الأميرة للا حسناء تُدشن الصرح المعماري "دار المغرب" في…

اخر الاخبار

سفارة المغرب في واشنطن تُسلط الضوء على التاريخ الاستثنائي…
فرنسا توجه دعوة خاصة للملك محمد السادس وترامب لحضور…
وزير الخارجية السعودي يؤكد أن العدوان الإسرائيلي على غزة…
خامنئي يحث حزب الله اللبناني على الموافقة على مخطط…

فن وموسيقى

النجمة ماجدة الرومي تُحقق نجاحاً كبيراً في حفل خيري…
المغربية فاتي جمالي تخوض تجربة فنية جديدة أول خطوة…
حاتم عمور يُؤكد أن ألبومه الجديد "غي فنان" عبارة…
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…

أخبار النجوم

شريف سلامة يكشف أسباب قلة أعمالة الفنية
حسين فهمي يردّ على انتقادات عمله بعد أيام من…
محمود حميدة يكشف سرّاً عن مشاركته في "موعد مع…
درّة تتحدث عن صعوبات تجربتها الإخراجية وسبب بكائها

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…
محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024

صحة وتغذية

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…

الأخبار الأكثر قراءة

استقالة كبيرة موظفي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر
كلينتون تُحذّر هاريس من مفاجأة في أكتوبر قد تدفعها…
كامالا هاريس تتعهد بمحاربة مجموعات تجارة المخدرات إن فازت…
كيت ميدلتون تظهر بحالة جيدة علناً للمرة الأولى منذ…
جورجينا رودريغز تتحدث عن رحلتها مع كريستيانو للسعودية في…