الرباط -المغرب اليوم
جيما نونو كمبا، تتربع على عرش برلمان جنوب السودان؛ كأول امرأة في هذا البلد تصل المنصب، بعد مسار سياسي طويل بدأته في شبابها.وتتوج كمبا بذلك مسيرة حافلة في العمل السياسي والكفاح المسلح؛ ظلت تتدرج في السلم، حتى اختارتها الحركة الشعبية (الحزب الحاكم)، لرئاسة البرلمان الانتقالي.وينظر في جنوب السودان، إلى اختيار امرأة لهذا المنصب، كنقلة كبيرة في مسار الحراك السياسي بالبلاد، رغم أن الخطوة جاءت استجابة لضغوط عديدة مارسها المجتمع المدني، من أجل الحفاظ على نسبة تمثيل المرأة بـ35% بحسب نصوص اتفاق السلام المنشط.
من هي جيما نونو كمبا؟
ولدت عام 1966، وتنحدر من ولاية غرب الاستوائية، ثم عاشت بعد ذلك في مخيم للاجئين في وسط أفريقيا، لتلتحق بالمدرسة الثانوية من 1983 إلى 1986 في جوبا.تابعت كمبا دراستها الجامعية في ناميبيا، وتخصصت في الإدارة العامة، بدءا من 1999، وحتى 2002.في التسعينيات، نشطت كمبا في الحركة الشعبية، فأهّلها ذلك إلى تمثيل الحركة في المفاوضات مع الحكومة السودانية عام 2002، في محادثات السلام بكينيا.
بعد التوقيع على اتفاق السلام الشامل عام 2005 بين حركتها وحكومة الخرطوم، عُينت عضوا ب البرلمان القومي للسودان.ثلاث سنوات بعد ذلك تولت كمبا منصب والى ولاية غرب الاستوائية (مسقط رأسها) كأول امرأة تشغل المنصب، حتى إجراء الانتخابات العامة في أبريل 2010.
الإخفاق الأول
في هذا العام ترشحت لمنصب الوالي؛ لكنها خسرته لصالح المرشح المستقل آنذاك بنغازي جوزيف بكاسورو، ليتم تعيينها في منصب وزيرة للبنية التحتية.
تشغل كمبا حتى الآن منصب الأمين العام المكلف لحزب الحركة الشعبية الحاكم بقيادة الرئيس سيلفا كير ميارديت، إلى جانب منصبها في الحكومة كوزيرة للشؤون البرلمانية.ومنذ التحاقها المبكر بالكفاح المسلح الذي كانت تخوضه الحركة الشعبية ضد حكومة الخرطوم في منتصف تسعينيات القرن الماضي، استطاعت رئيسة البرلمان المؤقت، أن تلعب أدوارا كبيرة مع رفيقاتها بالمنظومة في التعريف بأهداف الثورة والنضال.عادت كمبا لمقاعد الحكومة بعد اندلاع الحرب الأهلية في جنوب السودان، عام 2013 وزيرة للكهرباء والسدود حتى عام 2015.
حلّ الرئيس سيلفا كير جميع هياكل حزبه في نفس العام، وكلّف جيما نونو كمبا بتسيير الأمانة العامة للحزب لحين انعقاد المؤتمر العام، وهو الموعد الذي ما يزال معلقا.تعتبر جيما نونو كمبا من الوجوه النسائية الثابتة التي ظلت الحركة الشعبية لتحرير السودان تحتفظ بها خلال فترة حكمها التي بدأت منذ العام 2005 حتى الآن.
ماذا يعني تعيين كمبا في المنصب؟
بالنسبة لجيما نونو كمبا فإن تولى منصب رئيس البرلمان الانتقالي بجنوب السودان، ستكون واحدة من أصعب المهام التي تنتظرها على الإطلاق، وذلك بسبب القضايا التي سيتم التطرق لها، في ظل وجود كبير للمعارضة المسلحة وبقية المجموعات السياسية الأخرى.
وتقول كمبا عن هذا التحدي في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية": "إنها مهمة صعبة جدا ، لكنني سأحاول جهدي العمل من أجل خلق حالة من التوافق بين مختلف الأطراف داخل البرلمان الانتقالي، لتنفيذ اتفاق السلام المنشط".ويرى البعض أن تعيين المرأة القوية في البرلمان جزءا من ترتيبات تقوم بها الحركة الشعبية لإبعادها عن قيادة التنظيم؛ تمهيدا للانتخابات العامة، التي تحتاج لشخصية سياسية أخرى تتولى الأمانة العام للحزب.
لكن بيتر جيمس، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي يرى في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن تولى جيما نون كمبا رئاسة البرلمان القومي، يمثل انتصارا للمرأة في جنوب السودان في عموم الأحوال، برغم صعوبة المهام التي تنتظرها خلال الفترة المقبلة.
بيد أنه أضاف قائلا: "صحيح أن اختيارها للمنصب من قبل رئيس الحزب يمكن أن يحسب كانتصار للمرأة، لكن التجربة السياسية لكمبا ستواجه تحديات عديدة، فهي لا تتمتع بالحسم والصرامة، وغير منفتحة على أطراف اللعبة السياسية، و غارقة في الصراعات المحلية، التي قد تضر بها في الفترة المقبلة، فالحركة الشعبية لم تكن أمامها خيارات عديدة لذلك حظيت كمبا بالمنصب".
وتنتظر البرلمان الانتقالي الجديد بقيادة جيما نونو كمبا، مهام عديدة، متمثلة في إجازة القوانين التي تتوافق مع اتفاق السلام المنشط، إلى جانب سن تشريعات جديدة تتعلق بالإصلاحات الاقتصادية والمالية التي نصت عليها اتفاقية السلام نفسها بجانب إدماج الاتفاقية في الدستور، بعد أن تفرغَ لجنة صياغته من أعمالها.وفي سبتمبر/أيلول 2018، وقعت الحكومة والمعارضة المسلحة بدولة جنوب السودان، اتفاق سلام بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تم بموجبه تشكيل حكومة انتقالية ممثلة لجميع الأطراف الموقعة، دون استكمال جميع هياكلها، حتى الآن.
قد يهمك ايضا: