طهران ـ المغرب اليوم
إنها حيلة قديمة، كلما تصل القوى المؤيدة للإصلاح إلى الحكم تقابل من القوى المحافظة التي تلعب دور الشبح، بالتخويف من "الغزو الثقافي"، في محاولة لحشد التقليديين ضدهم.
ويقوم المتشددون بالتعبئة ضد الرئيس حسن روحاني، مضيقين الخناق على الحرية الثقافية والاجتماعية، في محاولة لأن يظهروا للناخبين أن الرئيس الوسطي لا يعمل على الوفاء بالوعود في برنامجه الانتخابي بفتح المشهد الثقافي والسياسي في إيران.
لكن الشباب الإيراني - نحو 60 في المائة من السكان أعمارهم تحت 30 سنة – ردوا على ذلك بأن تحدوا فلترة المواقع الإلكترونية من خلال استخدامهم الشبكات الاجتماعية ومقاومة القواعد الصارمة التي تحكم التفاعل الاجتماعي في حياتهم اليومية. وهذا الأسبوع، اغتنم حرس الثورة فرصة "سعيد في طهران" وهو فيديو يبين ستة من الشباب الإيراني يرقصون على أنغام أغنية "سعيد" Happy لفاريل ويليامز. وكان المغني وكاتب الأغاني الأمريكي قد دعا الجمهور لنشر إصداراتهم الخاصة من الأغنية عبر الإنترنت، وقد ظهرت مئات منها عبر العالم.
وتم تصوير النسخة الإيرانية بواسطة هاتف أيفون، ثم تحميلها على شبكة يوتيوب في شهر نيسان (أبريل) ونالت نحو 160 ألف مشاهدة. وهي تبين ستة شباب إيرانيين من الرجال والنساء يرقصون على أسطح المنازل وفي أزقة العاصمة، منتهكين حظرا يمنع ظهور المرأة في أماكن عامة بدون الحجاب، ويمنع كذلك الرجال والنساء من الرقص معاً.
تم اعتقال "الإيرانيين السعداء" يوم الثلاثاء من قبل أشخاص من السلطة القضائية المتشددة، الذين عرضوا المجموعة – كما هو متوقع - على التلفزيون الرسمي، وهو معقل للقوى المناهضة للرئيس، وبثوا اعترافاتهم على الهواء. لكن يبدو أن البث أدى إلى نتائج عكسية، إذ ارتفع عدد مشاهدات الفيديو إلى 879 ألف مشاهدة، وحظي الشبان بدعم متنوع في الشبكات الاجتماعية. وتم نسخ الفيديو على مواقع أخرى وشاهده نحو مليون شخص خلال الأسبوع الماضي.
وبعد ضغوط من الجمهور الإيراني والدولي، وبإيعاز من الرئيس روحاني تم الإفراج بكفالة عن "الإيرانيين السعداء" يوم الأربعاء، لكن المخرج بقي قيد الحجز.
وعلى الرغم من أن "تويتر" محظور، كتب الرئيس روحاني في تغريدة "السعادة حق لشعبنا. لا يجب أن نكون قساة كثيراً تجاه تصرفات سببها الفرح".
لكن يظل المحافظون الإيرانيون ثابتين في معركتهم مع الإصلاحيين فيما يخص الشبكات الاجتماعية والثقافية. وقد ظهرت بالأمس تقارير غير مؤكدة تقول إنه صدر قرار بمنع "إنستاجرام"، تطبيق تبادل الصور.
وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة بأنه يجب رفع الرقابة عن شبكة الإنترنت، عجزت حكومة روحاني عن إزالة فلترة الشبكات الاجتماعية، خاصة "فيسبوك" و"تويتر"، ما يشكل خيبة أمل كبيرة لمؤيديه. وقال الرئيس "يجب أن نعترف بحقوق مواطنينا في الوصول إلى شبكة الإنترنت العالمية".
وكان رد صادق لاريجاني، رئيس السلطة القضائية الإيرانية، قوياً حين قال "هؤلاء الذين لا يعتقدون في الطبيعة السامة لشبكة الإنترنت، من الواضح أنه ليست لديهم أي فكرة عنها" ودافع عن فلترة الشبكة قائلا "إنها مثل وضع سياج من الأسلاك الشائكة حول المستنقع لحماية الشباب الإيراني من أعداء البلاد". ووصلت الحروب الثقافية حتى إلى مهرجان كان هذا الأسبوع، بعد قيام الممثلة الإيرانية ليلى حاتمي، وهي عضو لجنة التحكيم في مهرجان كان 67 للأفلام في فرنسا، بتقبيل رئيس المهرجان جيل جيكوب، على خده، حيث أدينت هذه اللفتة من قبل وسائل الإعلام المتشددة في إيران. وقالت لاله افتخاري، وهي عضو برلمان من المتشددين، إن هؤلاء الممثلين الذين يتخطون "الحدود الحمراء" للنظام الإسلامي، يجب "ألا يكون لهم أي مكان" في السينما الإيرانية، وحثت وزارة الثقافة على الرد على "مثل هذه التصرفات".
وحاولت حكومة روحاني تفسير سلوك ليلى حاتمي، لكنها كانت حريصة على عدم الدفاع عنه. وقال على جنتي، وزير الثقافة "أعتقد أنها أخذت على حين غرة حين قبلت جيكوب يعقوب، لكن مثل هذا السلوك غير مقبول".
وقال غمار فلاح، وهو عالم اجتماعي "لو وقعت هذه الحوادث قبل 30 سنة، فإنها كانت ستعتبر أعمالاً إجرامية".