بقلم : سامر أبو هوّاش *
يكفي أن يحبّنا الملاك العظيم
في سمائه الناصعة
يراه أطفالنا واقفا في البعيد
ضامّا يديه في رسم قلب
فيبتسمون
تراه نساؤنا ملوحا بياسمينة بيضاء
فيغمضن عيونهن مرّة
وإلى الأبد
يرى رجالنا أجنحته الزرقاء
الصافية كسماء
فتنخطف قلوبهم
ويشدّون الرحال إليه
لم يعد مهما أن يحبّنا أحد
القذائف حرّرتنا من آذاننا
التي كنا نسمع بها كلمات الحبّ
والصواريخ حرّرتنا من عيوننا
التي كنا نرى بها نظرات الحبّ
والكلمات السود حرّرتنا من قلوبنا
التي كنا نرعى فيها تعاويذ الحبّ
لم يعد مهما أن يحبّنا أحد
في هذا العالم
"يبدو، على أية حال، أنه كان حبّا من طرف واحد"
يقول شيوخنا المتعبون من فكرة الأرض
ويقف شاعرنا في الأفق البعيد
ويصرخ: "أنقذونا من هذا الحبّ القاسي"،
ثم يهمس معتذرا
عن تفاؤل صبيانيّ عابر:
ليس على هذه الأرض
ما يستحق الحياة
لم يعد مهما أن يحبّنا أحد
تعبنا من كلمات تقال ولا تقال
ومن أيد تمتدّ ولا تمتدّ
ومن عيون ترى ولا ترى،
تعبنا من أنفسنا
في هذا الليل الطويل
وتعبنا من تشبّث أمهاتنا
بما بقي منّا
ومن صخرة نحملها على ظهورنا
لعنة أبدية
ونمضي بها من هاوية إلى هاوية
ومن موت إلى موت
ولا نصل
ليس مهما، بعد اليوم، أن يحبّنا أحد
ولا أن يرافقنا أحد في جنازة أنفسنا
ها نحن نمضي بصمت إلى تيه أخير
نمسك أيدي بعضنا بعضا
ونتقدّم وحيدين في صحراء العالم،
في لحظة ما
يلتفت طفل واحد منا إلى الوراء
يلقي نظرة أخيرة على الركام
يقول وهو يذرف دمعة وحيدة:
لم يعد مهمّاً أن يحبّنا أحد
.
سامر أبو هواش كاتب من فلسطين*