واشنطن ـ يوسف مكي
اعترف جوهر تسارناييف، المشتبه به في تفجيرات بوسطن، أن شقيقه هو الذي قام بزرع القنبلتين في سباق الماراثون، وأنهما تعلما صناعة القنبلة من خلال مجلة دعائية "إرهابية" سيئة السمعة.وقال جوهر لمكتب التحقيق الفيدرالي، من سريره في المستشفى، في بوسطن، أنه وشقيقه تامرلان "قاموا بزرع القنابل المصنوعة في المطبخ، وأن السبب وراء هذا الهجوم هو الحرب في العراق وأفغانستان".
وبعد تحول حالة تسارناييف المرضية من "حرجة" إلى "مقبولة"، حيث أنه يتعافى من الجراح التي أصيب بها أثناء تبادل إطلاق النار مع الشرطة، خضع إلى التحقيق في المستشفى في حضور فريق من الـ "إف بي آي".
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أنه "اعترف بدوره في الهجوم بالقنبلتين، الذي استهدف خط نهاية ماراثون بوسطن، في 5 نيسان/أبريل الجاري"، وأضافت أنه وشقيقه لم يرتبطا مع أي جماعة إرهابية دولية.
وقال مدير متجر "نيو هامبشير" للألعاب النارية أن الشقيق الأكبر، المشتبه به في أحداث بوسطن، قام بشراء اثنين من معدات الهاون، من المتجر في شباط/ فبراير الماضي، مع 24 قذيفة لكل منها.
في حين أوضح نائب رئيس الشركة ويليام ويمر أن "عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي قاموا بزيارة مخزن سيبروك، الجمعة، وأجروا مقابلات مع الموظفين، وفحصوا أجهزة الكمبيوتر"، وأضاف أن "كمية البارود، التي يمكن جمعها من الهاون، لا تكون كافية لتفجير قنابل بوسطن"، وصرح بأن "تسارناييف دفع مبلغ 200 دولار نقدًا، ولكن أيضًا طُلب منه الحصول على صورة ضوئية من رخصة القيادة، لوضعها على كمبيوتر الشركة، وفقًا للسياسة المتبعة في المتجر"، ويقول والتون أن "الموظف الذي تولى عملية البيع، وصف ذلك بأنه إجراء روتيني".
وبينما ظهر جوهر متعاونًا، إلا أن لدى المحققين القليل من المعلومات عن شقيقه (26 عامًا)، الذي لقي مصرعه أثناء تبادل النار مع الشرطة، دون أن يبدي أي توضيح عن جريمته.
وفي صورة، ظهرت منذ أيام، بعد مقتل تامرلان، إتضح أن الشاب الغاضب، الذي لم يتمكن من تحقيق فكرته الخاصة عن الحلم الأميركي، قد وجد العزاء في شكل الإسلام المتطرف، الذي تبناه المحاربين في بلاده.
وما يبدو واضحًا هو تأثره بشدة، من إقامته الموقتة، التي استمرت أشهرًا قليلة، في العاصمة الداغستانية المسلمة محج قلعة، التي تقع على بحر قزوين.
وكان تامرلان قارئ متحمس للمواقع الجهادية، والدعاية المتطرفة، بما في ذلك المجلة، التي استلهموا منها صناعة القنابل، وهي إصدار إلكتروني يقدمه تنظيم "القاعدة" اليمني.
وخصصت هذا المجلة، التي تصدر باللغة الإنكليزية، لنشر رسالة "القاعدة"، كما تتضمن تعليمات عن كيفية صنع المتفجرات، وفي صيف عام 2010، أدرج مقال غير مشهور، بعنوان "اصنع قنبلة في مطبخ والدتك"، الذي وصف القنبلة المصنوعة في وعاء الضغط بأنها أكثر الأسلحة فعالية.
وتذكرنا الطريقة التي استخدمت لصنع القنبلة، بالمحاولة الفاشلة لتفجير "تايمز سكوير"، على يد فيصل شاهزاد عام 2010، الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة، وهجمات إرهابية أخرى في الهند وأفغانستان ونيبال وباكستان، في حين أكد مقال آخر لتعليم صناعة القنبلة، على أن أفضل وقت، لإلحاق أكثر خسائر بشرية، هو أثناء الأحداث الرياضية، واستخدمت مثل هذه القنابل أيضًا عام 2006، في تفجير قطار في مومباي، الهند، أدى إلى مصرع 209 أشخاص، وإصابة المئات.
والتحق الشقيقان بمدرسة "كامبريدج ريندج آند لاتين هاي سكول"، وهي مدرسة عمومية، التي يُعد الممثلين مات دامون، وبين آفليك من بين خريجها، وكان فيها عدد متنوع من الطلاب، تضمن المهاجرين من جميع أنحاء العالم.
وفي الفيديو، الذي رفعه جوهر على الإنترنت، وكتب عليه تعليق "شقيقي يقحم نفسه في اشياء خطيرة"، يظهر تامرلان وكأنه شخص غبي مفتون، ويسخر من الشيشان، داغستان، والأقليات السوفيتية الأخرى السابقة، بلهجات كوميدية باللغة الروسية، في حين كان المصور، الذي يفترض أنه جوهر، يضحك بعنف من الإعجاب.
وخلال المدرسة الثانوية، وبعد ذلك بأعوام، اعتقد لويس فاسكويز أن صديقه تامرلان ودود على نحو كبير، الذي لم يفقد لهجته في صوته العميق البطيء، وفي الصباح التالي، بعد أن لقي تامرلان مصرعه، اقتبست الصحف تعليقًا على صورة له، يظهر فيها وهو يقوم بالتدريب على الملاكمة في الصالة الرياضية، يقول فيه "لا وجود لأصدقاء أميركيين، لأنه لا يجد من يفهمه"، لكن فاسكويز يؤكد أن هذا الاقتباس تم تحريفه، حيث أن تامرلان كان يفضل مرافقة المهاجرين الآخرين، والأقليات، أكثر من الأميركيين، أو المولودين في الولايات المتحدة، وذوي البشرة البيضاء، لكنه لم يكن منعزلاً.
وأظهرته هذه الصور على أنه مغرور، وشاب رياضي اجتماعي، واثق من مهاراته الرياضية، يرتدي ملابس أنيقة، ويلعب الملاكمة مع سيدة شقراء جذابة، وكان يخطط لتمثيل "نيو إنكلاد" في مسابقة قومية، ووصف فاسكويز تامرلان قائلاً "كان يعلم أنه جيد، كان جيدًا، لذلك فلا يوجد شخص يمكن أن يتحدي ذلك، ولكن منذ حوالي ثلاث سنوات، هبط فجأة عن الساحة، كما أنه ألغى صفحته على فيسبوك، ولم أعد أراه في الشوارع"، وأضاف "كان نوعًا من انقطاع الاتصال عن نفسه، وكنت أسأل عددًا من الأصدقاء، عما إذا كانوا يرون تامرلان، وكان يقول البعض أنهم سمعوا أنه عاد إلى روسيا، في حين لا يعرف أحد أي تفاصيل، لا يعرف أحد هل تزوج، هل لديه أطفال".
لم يصل الحلم الأميركي إلى تامرلان تسارناييف، حيث لم يجني ثمار عمله في الملاكمة، أو دراسته في الكلية، وألقت الشرطة القبض عليه لفترة قصيرة، حين اشتكت صديقة من العنف، غير أن التهم تم إسقاطها.
وتزوج من كاثرين راسيل، طالبة في جامعة سوفولك من الطبقة الوسطى من ولاية رود آيلاند، وهي ابنة طبيب وممرضة، واعتنقت كاثرين الإسلام، وتركت الجامعة دون التخرج، ولديهما ابنة تدعى زهرة، تبلغ من العمر 3 أعوام، ويبدو أن تامرلان لم يجد وظيفة، حيث أن أفراد عائلته يقولون أن "زوجته الجديدة كانت تسانده، بينما كان هو يمكث في المنزل مع طفلته".
وقالت ماري سيبرمان، جارة تامرلان، " لم يكن كافيًا الاتصال بالشرطة، لم يشبه أي شخص أخر في الخطر الجسدي، حيث كان يصرخ الساعة 11 مساءًا، وهو يحاول إسكات طفلته، وكنت أسمع الطفلة وهي تبكي دائمًا مساءًا".
وكان والدهم آنذور تسارناييف قد تقلد وظائف حكومية رفيعة المستوى في دولة قيرغيزستان السوفيتية السابقة، التي تقع في آسيا الوسطى، غير أنه في نهاية المطاف عمل كميكانيكي في ولاية ماساشوستس، بينما توجهت والدتهم زبيدات تسارناييف، بشكل متزايد نحو الدين.
وفي نهاية المطاف، انفصل الوالدين، وعادوا إلى داغستان في جنوب روسيا، بالرغم من أن والدتهم كانت في الولايات المتحدة أواخر حزيران/ يونيو الماضي، حين تم إلقاء القبض عليها في ناتيك، ماساتشوستس، حيث وجهت لها تهمت سرقة ملابس نسائية تبلغ قيمتها 1،624 دولار من متجر "لورد آند تايلور".
وقال بريان جراسي من شرطة ناتيك، أنها واجهت إتهامًا لقيامها بإتلاف الملابس، بعد ان قامت بإزالة الجهاز الذي يوجد عليها لمقاومة السرقة، ولكنه ليس لديه معلومات بشأن نتائج القضية.
يذكر أن 3 أشخاص قتلوا في تفجريات بوسطن، وهم مارتن ريتشارد (8 أعوام)، وكرستل كامبل (29 عامًا)، ولو لينجزي (23 عامًا)، بينما جرح أكثر من 200 شخص.