الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
المومياوات الفرعونية

القاهرة - المغرب اليوم

ليس من السهل تجاوز الغموض والسحر الذي تثيره المومياوات الفرعونية، وما يمنحه ذكرها من عوالم خيالية ألهمت صناع السينما في كافة أنحاء العالم، غير أن الحياة اليومية للمومياء داخل المتاحف المصرية، تبدو أكثر سحراً وإثارة من تلك العوالم الخيالية، رغم ما يتطلبه الحفاظ على وجودها من انضباط ومعايير علمية تضمن لها أجواء مناسبة للحياة في درجات حرارة ورطوبة محددة، ورقابة على مدار الساعة بكاميرات خاصة، وأجهزة استشعار وقياس للمتغيرات البيئية.

يبدو أكثر الأمور غموضاً في عالم المومياء داخل جدران المتاحف أنه يمكنها أن تموت مرة أخرى، أحياناً نتيجة مشكلات مفاجئة كانقطاع الكهرباء، وغالباً لأسباب طبيعية تتعلق بجودة التحنيط والمواد المستخدمة فيه، وهي جودة تُحددها مكانة صاحب المومياء وطبقته الاجتماعية.

المكانة المُميزة للمومياوات تمنحها موقعاً خاصاً في قاعات العرض بالمتاحف المصرية، بينما خصوصية تكوينها تتطلب عناية فائقة ورقابة على مدار الساعة، حسب صباح عبد الرزاق، مدير عام المتحف المصري بميدان التحرير (وسط القاهرة)، تقول لـ«الشرق الأوسط»، «المومياوات تحتاج إلى عناية خاصة، سواء في الصيانة والترميم أو العرض، فالقاعات تكون مزودة بأجهزة لضبط الحرارة والرطوبة، وتكون مراقبة بكاميرات خاصة لرصد أي تغيرات في بيئة العرض... لدينا بالمتحف نحو 200 مومياء، تحتاج كل واحدة منها إلى متابعة يومية دقيقة يُشرف عليها فريق علمي متخصص من المرممين والأثريين والعلميين».

تُصمَم قاعات عرض المومياوات بمواصفات خاصة تضمن تحديد درجات الحرارة والرطوبة عند مستوى معين، كما تم أخيراً استبدال «فاترينة» العرض في المتاحف المصرية بأخرى أكثر تطوراً، مُحكمة الإغلاق ومزودة بالتيتروجين السائل، وفقاً للدكتورة سامية الميرغني، المدير العام السابق لمركز بحوث وصيانة الأثار بوزارة السياحة المصرية، التي تقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «يجب أن تتراوح درجات الحرارة في قاعات عرض المومياوات ما بين 20 إلى 22 درجة، مع نسبة ارتفاع وانخفاض مسموحة تبلغ درجتين، أي يمكنها أن تصل بحد أقصى إلى 24 درجة مئوية، ويجب أن تظل الرطوبة ما بين 45 إلى 50 في المائة، ويعمل مكيف الهواء بالقاعة طوال الوقت على مدار 24 ساعة.

وتوجد (ستارة) للمكيف في مدخل القاعة تضمن بقاء درجة الحرارة دون تغير خلال دخول الزائرين، وتزود القاعة بأجهزة استشعار وقياس تقوم بتسجيل التغير في درجات الحرارة والرطوبة ومستوى الإضاءة كل 5 دقائق، وتنقل بياناتها إلى جهاز كومبيوتر متصل بكاميرات المراقبة، وبه برنامج يتولى تحليل البيانات، فمثلاً إذا ارتفعت درجات الحرارة والرطوبة في وقت محدد يمكن أن يكون أحد الأسباب وجود عدد كبير من الزوار بالقاعة، فنقوم بتحديد عدد محدد للزيارة وتنظيمها على دفعات»، كما تشير الميرغني.

وتوضح الميرغني، وهي خبيرة في مجال الأنثروبولوجي، أن «المتاحف المصرية قامت أخيراً بتركيب (فتارين) عرض حديثة توضع بداخلها المومياء وتكون محكمة الإغلاق لمنع دخول الأكسجين، والتأثر بالبيئة المحيطة، ومنع دخول الحشرات والكائنات الدقيقة التي تسبب تلفاً بيولوجياً، وتتعرض المومياء للعديد من المخاطر الأخرى، منها انقطاع التيار الكهربائي، لذلك يتم توصيل قاعات العرض على تيار احتياطي للطوارئ».وبجانب التدخل في الحالات الطارئة، تخضع المومياوات لصيانة دورية شاملة مرتين خلال العام بداية الصيف ومع دخول الشتاء، لأنها مواسم نشاط الحشرات وبداية دورة حياة الكائنات الدقيقة، ولا تتوقف العناية بالمومياء على وجودها بالعرض المتحفي، إذ يتطلب تخزينها أو نقلها إجراءات خاصة أيضاً، حيث يتم حفظها في أنابيب خاصة بها بيتروجين سائل.

وتتعرض بعض المومياوات للتلف الكامل الذي يؤدي إلى موتها مرة أخرى، حيث تحترق المومياء بسبب الأضرار البيولوجية، وتُستخدم عظامها فقط في الدراسات والبحث العلمي، ومن بين الأسباب الشائعة لاحتراق المومياء «درجة جودة التحنيط» التي ترتبط بالمكانة الاجتماعية لصاحب المومياء، وفقاً للدكتورة داليا مليجي، مدير عام مركز بحوث وصيانة الأثار بوزارة السياحة المصرية. تقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «التلف الكامل للمومياء يمكن أن يحدث نتيجة أي خلل في العناية، سواء درجات الحرارة أو الرطوبة، وهو ما يؤدي إلى احتراقها بسبب الإصابة الميكروبية أو البيولوجية».

الأسباب الأكثر شيوعاً للتلف مرتبطة بجودة التحنيط، وهو أمر يعكس طبقية واضحة. حسب مليجي «فالملوك والفراعنة وأسرهم في أعلى السلم الاجتماعي، يليهم الكهنة، ثم عامة الشعب، فجميع القدماء المصريين كانوا يقومون بتحنيط موتاهم، حسب قدرتهم المالية، لأنه يرتبط بالإيمان بفكرة البعث والحياة الأخرى، ونقوم باستخدام عظام المومياوات المحترقة في البحث العلمي والدراسات في الوزارة أو الجامعات».

قد يهمك ايضا
وزارة الآثار المصرية تعرض تابوت لآخر ملكات الأسرة الـ19 في متحف الأقصر
مطالب بمشروع عاجل لترميم مقبرة ومومياء الملك توت عنخ آمون في الأقصر

   
View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

معرض الشارقة للكتاب يضم مشاركة 112 دولة والمغرب يحل…
حاكم الشارقة يعلن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء…
وزارة الثقافة المغربية تدعم 412 مشروعاً في قطاع النشر…
وزارة الثقافة السعودية تحصد وسام أخلاقيات الذكاء الاصطناعي 2024
المؤلفون غير البيض يشعلون شغف الطلاب بالقراءة

اخر الاخبار

سفارة المغرب في واشنطن تُسلط الضوء على التاريخ الاستثنائي…
فرنسا توجه دعوة خاصة للملك محمد السادس وترامب لحضور…
وزير الخارجية السعودي يؤكد أن العدوان الإسرائيلي على غزة…
خامنئي يحث حزب الله اللبناني على الموافقة على مخطط…

فن وموسيقى

النجمة ماجدة الرومي تُحقق نجاحاً كبيراً في حفل خيري…
المغربية فاتي جمالي تخوض تجربة فنية جديدة أول خطوة…
حاتم عمور يُؤكد أن ألبومه الجديد "غي فنان" عبارة…
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…

أخبار النجوم

شريف سلامة يكشف أسباب قلة أعمالة الفنية
حسين فهمي يردّ على انتقادات عمله بعد أيام من…
محمود حميدة يكشف سرّاً عن مشاركته في "موعد مع…
درّة تتحدث عن صعوبات تجربتها الإخراجية وسبب بكائها

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…
محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024

صحة وتغذية

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…

الأخبار الأكثر قراءة

مصر تضع اللمسات النهائية لافتتاح المتحف المصري الكبير أحد…
معرض الشارقة للكتاب يضم مشاركة 112 دولة والمغرب يحل…
حاكم الشارقة يعلن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء…
وزارة الثقافة المغربية تدعم 412 مشروعاً في قطاع النشر…
وزارة الثقافة السعودية تحصد وسام أخلاقيات الذكاء الاصطناعي 2024