غزةـ المغرب اليوم
تتناثر النفايات في شوارعنا وتتكدس أحيانا الخردة والبلاستيك وحتى الورق، هذا ما أقلق زوجين فلسطينيين في غزة، فقلقهما من الظاهرة جعلهما يبتكران فكرة ومشروعا لتدوير أطنان من الورق وتحويلها إلى لوحات للرسم بأسعار في متناول الرسامين وهواة الرسم.
في ورشة صغيرة بقطاع غزة يعيد زوجان فلسطينيان تدوير المخلفات الورقية من أجل صنع لوحات رسم صديقة للبيئة في إطار مشروع عمل جديد خاص بهما.
وخطرت الفكرة على هدى ثابت وزوجها سالم المقيمان في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة عندما وجدا نفسيهما أمام أكوام من النفايات الورقية وأدركا أنهما يريدان التخلص منها.
فنتيجة لانزعاجها من أكوام الورق التي تستخدمها في المسودات والكتابة والتعليم فكرت هدى ثابت، مؤسسة مشروع تدوير المخلفات الورقية وتحويلها إلى لوحات رسم، في طرق بديلة لاستخدام تلك المخلفات.
واستطاعت هدى إقامة مشروع بإمكانيات بسيطة وبدائية لإنتاج اللوحات بجودة عالية ونادرة من نوعها في غزة.
واعتمدت على وجود الكثير من المسودات الورقية في مكتبها، لاسيما وأنها تهوى كتابة قصص الأطفال وتدرب الأطفال على كتابة القصص حيث تحتاج إلى الكثير من الورق لكي تستخدمه كمسودات حتى تصل إلى المرحلة النهائية بطباعة الشكل النهائي للقصة.
من هنا فكرت في كيفية الاستفادة من تلك المخلفات المتراكمة، ومن هنا جاءت فكرة تدوير المخلفات الورقية وتحويلها إلى لوحات فنية يستخدمها الرسامون.
ورأت هدى أن إعادة تدوير الورق هي أفضل حل، ليس فقط لفوائدها البيئية، ولكن أيضا لمحدودية الموارد المتاحة في القطاع.
فالهدف الرئيسي من إعادة التدوير هو منع تلوث التربة والحفاظ على البيئة والاستفادة قدر المستطاع من تلك المخلفات.
وقالت “نحن من أشياء بسيطة وبمعدات بدائية جدا استطعنا إعادة تدوير مخلفات ورقية وإنتاج ألواح فنية رائعة”.
وتمر عملية إعادة تدوير المخلفات الورقية بأكثر من مرحلة كي تصل إلى المنتج النهائي، منها عملية فرم الأوراق عن طريق الخلاط الكهربائي، ومن ثم نقعها في الماء لعدة ساعات، وبعد ذلك تتم تصفيتها بواسطة المنخل.
وبعد الانتهاء من جميع المراحل السابقة يسكب الخليط في قوالب ويترك لوقت معين ومن ثم يتحقق الزوجان من جودة اللوحات باستخدام جميع الألوان والنقش عليها.
وتوضح هدى ذلك قائلة “آخر مرحلة من مراحل إعادة تدوير هذه المخلفات الورقية هي مرحلة فحص الجودة، وفحص الجودة يتم عن طريق فنانين لهم دراية بالألوان والرسم”.
وقالت الفنانة الفلسطينية هديل رضوان، التي فحصت اللوحات، “أتيت هنا لأجرب لوحات جديدة صديقة للبيئة، وجدت أنها رائعة جدا سواء للمبتدئين أو للمحترفين، صديقة للبيئة حيث أنه تمت إعادة تدويرها من ورق كان من الممكن أن يكون ملوثا للبيئة، هي الآن لوحات جميلة جدا في الدمج والألوان وطريقة الرسم عليها”.
وأضافت هديل “كانت كيفية الرسم عليها رائعة جدا حيث أن طريقة دمج الألوان عليها كانت سهلة ووضوح الألوان عليها كان رائعا، أنا استخدمت عدة فرشايات، كانت رائعة”.
كما يمكن استخدامها في أكثر من اتجاه، مشيرة إلى إمكانية محو اللوحة وإعادة رسم أخرى جديدة على نفس اللوحة.
وأشادت الشابة سامية محمد من غزة بلوحات الرسم التي أنتجها الزوجان قائلة إن ألواح الرسم تتميز باستخدامها على الجانبين ورخيصة الثمن بمعدل دولارين أميركيين مقابل المتوفرة في السوق 4 دولارات.
وتقول ثابت (40 عاما)، إنها على مدار أعوام عديدة دربت الآلاف من الطلاب علي كيفية تغيير السلوكيات السيئة ليكونوا أشخاصا مفيدين لمجتمعهم.
وهدى مؤلفة قصص أطفال وعلى مر أعوام ماضية كتبت العديد منها من بينها “دفتر العسل”، وهي سلسلة اقتصادية تساعد الصغار على فهم الأفكار الاقتصادية مثل إعداد الميزانية والتخطيط والإرادة.
وأنتجت ثابت أربع نسخ من تلك السلسلة للحديث عن الأفكار الاقتصادية، بينما خصصت النسخة الخامسة لأزمة مرض فايروس كورونا، مما دفع وزارة التربية والتعليم في القطاع للموافقة على استخدامها في المكتبات المدرسية.
قد يهمك ايضًا:
معرض "قصبة الأوداية" يحتفي بأعمال فنانين تشكيليين من ثلاثة أجيال مختلفة