الدار البيضاء ـ ليلى بنزروال
يفرض الفن الأصيل نفسه في كل زمان، وهناك فنانون خلقوا للنجومية، صاحب النجاح خطواتهم، وعانقتهم الشهرة ورافقت أيامهم، وتوجتهم النجومية وبقيت وفية لهم حتى بعد رحيلهم، حينما أضحى الفنان اليوم شبه عاجز عن إيجاد مكانة له بين الكبار، لايزالوا هم الكبار، ولاتزال مكانتهم صامدة لم تحركها موجة، ولم تهزها الظواهر التي نستفيق
على إيقاعها في كل يوم، إنهم أساطير، اختلفت جنسياتهم، وثقافاتهم، ومجالات إبداعهم، لكن الزمان اختارهم ليكونوا نجوم زمانهم والأزمنة التي لحقت رحيلهم.
فقد رحل هؤلاء الفنانين عنّا، لكن فنهم لم يشأ أن يغادرنا، هم نجوم ماتوا لكنهم أحياء في قنواتنا وفي إذاعاتنا، ولا زالت أسمائهم تتردد على مسامعنا كما لو كانوا بيننا، هذه إذًا هي النجومية الحقيقية، وهذا هو الإبداع الذي عجز عن تحقيقع الآلاف، وتمكن منه القليلون فقط ممن ماتوا، لكن نجوميتهم مستمرة حتى هذه اللحظة، فمن هم؟ وما السر وراءهم؟ وما هي أسباب نجوميتهم؟.
الأسطورة المغربية محمد الحياني
صحيح في المغرب قد لا نجد فنانون كثر، غير أن عطاءهم كان بالفعل كثير، واليوم هي فرصة لإعطاء كل ذي حق حقه، "بارد وسخون يا هوى"، "يا سيدي أنا حر" "يا دموعي ياغلا ماعندي" "راحلة" وخالدات غيرها من الأغاني التي أطرب بها النجم الراحل محمد الحياني جيله، ولايزال يطرب بها باقي الأجيال، الحياني تميز بصوته الدافئ العميق الإحساس، وتميز أيضًا بحسن اختياره للكلمات الراقية والكلمات الصادقة، ينتقي كل شيء يقدمه بإتقان، يحرص على التوزيع وعلى الأنغام الموسيقية، بل وحتى على الكورال الموسيقي الذي يلحقه في الغناء، وقد تتطلب منه الأغنية أشهر كثيرة، لكن كل شيء يهون في سبيل تقديم ما هو طربي ويستحق إصداره، تريثه في الاختيار جعله اليوم وبعد رحيله من ركائز الأغنية المغربية، لايزال محمد الحياني نجم زمانه في المغرب، جعل للأغنية المغربية جمهورًا خاصًا، ولم تستطع الكلاسيكية المصرية من زعزعة مكانها، بل وبجمال صوته وروعة أغانيه فرض على العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الغناء له والاعتراف بمكانته الفنية، هو إذًا محمد الحياني نجم كل أزمنة الأغنية المغربية، وهذه أسباب حقًا كفيلة بجعله صامدًا على عرشه رغم انقضاء سنوات عدة على رحيله.
المبدع إسماعيل أحمد
يحق لنا به أن نفخر، ويحق لنا أن نمجد بعطائه، ونقول أن إسماعيل أحمد فنان مغربي محض، ستسألون لما؟ والجواب سهل وواضح فأن تستمر أغنية " أشداني" طوال هذه السنين خير جواب، وأن تحفظ عن ظهر قلب من لدن الكبير والصغير جواب في حد ذاته، واليوم " أشداني" أضحت تُغنى بأصوات كثيرة في العالم العربي، وتحضر بقوة في معظم السهرات والمهرجانات الكبرى، فهل هناك جواب خيرها على سبب نجوميته بعد رحيله مند سنوات عدة، هذا من دون الحديث عن الأغنية التي بصمت نفسها في أعماق الموسيقى المغربية والتي تغنت بها حناجر عدد من الفنانين كبار وشباب "سولت عليك العود والناي"، التي ما من أحد يعرف أن الفن المغربي لم يسبق أن سمع بها.
ماجدة وبلقاسم من عمالقة الطرب
ونتذكر هنا الراحلة الجميلة التي غابت عنا وهي في مقتبل عمرها وحتى قبل أن تنطلق انطلاقة تليق بمستواها وقيمتها الفنية، هي المبدعة ذات الصوت العذب والإحساس العالي، ماجدة عبدالوهاب، صاحبت الأغنية الخالدة "حتى فات الفوت" الأغنية التي لاتزال صامدة في زمن ثورة المائة أغنية في اليوم.
والراحل المعطي بلقاسم بدوره لايزال نجمًا من نجوم الأغنية المغربية، كما لا تزال "يا بنت لمدينة" وغيرها من روائع الأغنية المغربية خالدة، استطاع بفضلها المكوث طويلاً على عرش الأغنية حتى بعد رحيله.
العندليب الأسمر نجم كل زمان
قدم العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ أكثر من مائتين وثلاثين أغنية، امتازت بالصدق، والإحساس، والعاطفة، وقد قام مجدي العمروسي، بجمع أغانيه في كتاب أطلق عليه " كراسة الحب والوطنية، السجل الكامل لكل ما غناه العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ"، تضمنت غالبية ما غنى، بأغنية "بهواك" أسر محبيه، وبـ"ياسمراني" لاتزال الجماهير تناديه، هو العندليب المبدع الحساس، الفنان الذي رحلت معه مجموعة من الأرواح منتحرة بعد سماع خبر وفاته، عبدالحليم الذي صاحب كل الأجيال، ولايزال هرمًا من أهرام مصر في هذا الميدان، ونجوميته لم يتمكن من لمسها أي فنان ممن يعانقون الشهرة هذا اليوم.
نجوم في سماء الفن في مصر
محمد عبدالوهاب الموسيقار الذي اكتشف كبار النجوم، فنان فوق المألوف، وألحان من نوع خاص، والغريب أنه وحتى الساعة لازالت ألحانه من أجمل إبداعات الفن العربي، ونحن نتحدث عن عبدالوهاب لابد أن يجرنا الحديث إلى كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، التي لحن لها مجموعة من كبار أغانيها وأشهرها، أم كلثوم صاحبة الصوت المعجزة، الذي عجزت عن تقليده أو الوصول إلى طبقتها أهم المطربات في العالم العربي، نبقى دائمًا في الأغنية المصرية لكن بالصوت السوري الذي توحد فيه كل من فريد الأطرش وأخته العملاقة أسمهان، اسمان عجز الزمان عن محو صوتهما، على الرغم من رحيلهما منذ سنين وسنين، وبعيدًا عن الغناء نجد أسماء كبيرة يصعب ذكرها في أسطر عدة، بدءًا من رشدي أباظة وصولاً إلى شكري سرحان، وإسماعيل ياسين "أبو ضحكة جنان"، وأحمد رمزي، بالإضافة إلى وحش الشاشة فريد شوقي، والعملاق الأسطورة أحمد زكي الذي لن تعيده السينما المصرية، وهو حتى الساعة أكبر خسائر الدراما العربية، فنان من العيار القيل، ويصعب وصفه بعبارات، حاله كحال السندريلا سعاد حسني جميلة الشاشة، فاتنة الجماهير، ولغز السنوات الأخيرة، فنانة قلّ مثيلاتها، إن لم نقل لا وجود لمثيل لها، فهي انفردت بأسلوب خاص وأقنعت كل الأجيال، لا تزال محبوبة الجماهير، لأنها وبكل بساطة سيدة النجومية في عالمنا العربي.
نجمة العرب وأوروبا الأسطورة داليدا
داليدا..بصوتها الرائع أسرت العالم بأكمله، وحصدت كل الألقاب، وغنت بمعظم اللغات، من مصر انطلق مشوارها كملكة جمال، واحتضنتها فرنسا كنجمة حقيقية، لديها أكثر من 500 أغنية بلغات عدة، كرمها الجنرال الفرنسي ديغول بإعطائها لقب "The Medaille de la Presidence de la Republique" أو ميدالية رئاسة الجمهورية لأدائها الرائع وصوتها المميز، وبعد وفاتها، الذي اعتبر صاعقة لجماهيرها لسبب انتحارها في شقة وتركت رسالة فيها "سامحوني الحياة أصبحت لا تطاق"، كرمتها الحكومة الفرنسية بأن وضعت صورتها على طوابع البريد، وأقيم لها تمثال بحجمها الطبيعي على قبرها في العام 2001، ولا يزال الكثيرون يرددون أغانيها الجميلة بشغف، تلك الأغاني التي غنتها بتسع لغات هي الفرنسية والإسبانية والإيطالية والألمانية والعربية والعبرية واليابانية والهولندية والتركية، واحتلت لوائح أفضل عشر أغنيات حول العالم من كندا إلى اليابان ومن مصر إلى الأرجنتين، وفي عام 1978كانت داليدا من أوائل الذين صوروا أغانيهم بطريقة الفيديو كليب في فرنسا، وفي مجال التمثيل لديها 12 فيلمًا، فهي فنانة حساسة، والحب بالنسبة لها أهم ما في الحياة، لكنها لم تكن محظوظة وفشلت في علاقات عدة، وبقيت وحيدة، وهذا ما جعلها تفكر في الانتحار.
الرائع جاك بريل
مغني، كاتب مخرج ممثل، ومجموعة من المواهب شملتها حياة الراحل الرائع جاك بريل، الذي لحن أغانيه، وخلق له أسلوب خاص وجذب له حتى الشعراء الناطقين بالإنكليزية، وهو من كان يغني بالفرنسية، وهذا التأثير على الفنانين الكبار والشعراء لم يتوقف عند حدود رحيله، بل ازداد حجم جمهوره بعد وفاته، وارتفعت نجوميته، وازدادت شهرته لتصل العالم بأسرها، وحتى العالم العربي الذي لم يكن يهتم كثيرا بالموسيقى الغربية، جاك بريل صنع لنفسه أسلوبًا خاصًا في الفن، ولم يكن محبوبًا كثيرًا في فرنسا وانتقد بشكل كبير، لكنه نجح في إيصال أسلوبه الخاص وفرضه على الموسيقيين وأصبحوا يقلدونه.
الأسطورة مايكل جاكسون
يعتبر جاكسون هو الأقرب لجيلنا، ورحيله لم تمضي عليه إلا سنوات قليلة، أمتعنا برقصاته، ورقصنا على أنغام أوتاره، فنان فريد من نوعه، هو ظاهرة الفن في العالم بأسره، لن نكتفي بالقول أنه "ملك البوب" فقط بل هو ملك الإبداع والتميز، رافقت حياته العديد من القصص الدرامية ولاتزال تلاحقه بعد رحيله، وحتى موته لم يعرف بعد سببه الحقيقي، تعرض للظلم، وللنقد وللهجوم، لكن الابتسامة رافقت محياه، عانى من مرض نفسي لسبب عشقه للأطفال وعالمهم، فتكاثرت بشأنه الإشاعات، لكن لحظة رحيله أوقفت كل شيء، وجعلت العالم يتحسر على فراقه، لأنه وبخلاصة مايكل جاكسون.
شارلي شابلان " الكوميدي الصامت"
يصعب حقًا الكلام عنه، كما يصعب الحديث عن من أسلفنا ذكرهم، فهؤلاء هم النجوم الحقيقيون، وهم أساطير الفن العالمي، وشارلي شابلن يبقى في القمة، هو من تمكن من إدخال البهجة على ضحايا الحروب العالمية، وعرض حياته للخطر في اليوم مائة مرة، كان يصاب ويقف من جديد ليواصل سلسلته الكوميدية، ويرسل برسائل من خلال حركاته، تصف الحال والواقع المعاش، شارلي شابلن الذي يعرفه الصغير والكبير منا، لا يزال يضحكنا رغم وفاته، في وقت عجز كبار الكوميديين عن إضحاكنا، هو مخرج وممثل أفلامه الصامتة، وكان أشهر نجوم الأفلام في العالم قبل نهاية الحرب العالمية الأولى، وأول وأهم أعماله الفيلم الصامت" الصعلوك"، حيث قال جورج برناردشو عنه "إنه العبقري الوحيد الذي خرج من الصناعة السينمائية".
بروسلي معشوق كل الأجيال
رحل عنا وعمره لم يتجاوز عمره 32 عامًا فقط، رحل في عز عطائه، وزهرة شبابه، لقب بـ"التنين الصغير"، واشتهر بأفلام الفنون القتالية، بروسلي من أصل صيني وجنسية أميركية، اشتغل كمعلم للفنون القتالية، وهو الأشهر في هذا المجال من دون منافس أو منازع، في زمانه وحتى في هذا الجيل لم يظهر بعد منافس لنجوميته، سجل العديد من الأفلام، وكان أول ممثل أجنبي يستحوذ على البطولة المطلقة في فيلم من أفلام هوليود، مما جعله يتعرض للعنصرية والكره، غادر على إثرها أميركا واتجه إلى هونغ كونغ، وعادت بعدها هوليود لمراسلته وطالبته بالعودة ليصور جزءًا من آخر فيلم له، وهو "لعبة الموت" الذي مات فيه، وتوقف العمل عليه إلى حين تعويضه بممثل يشبهه، وتركت وفاته أثرًا كبيرًا في نفسية معجبيه، سارعت بعدها بعض الدول إلى صناعة تمثال لهذا البطل الأسطوري وأشهر هذه التماثيل يوجد في هونغ كونغ والبوسنة.