دبي ـ المغرب اليوم
أكدت منى غانم المرّي، المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، أن الافتقار إلى استراتيجية إعلامية واضحة للمرحلة المستقبلية هو أبرز التحديات التي يواجهها قطاع الإعلام في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقالت منى المري، خلال حديثها في محاضرة بعنوان «الإعلام 2030» ضمن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب، مساء يوم الجمعة الماضي، في جناح مؤسسة بحر الثقافة: «لا توجد لدينا استراتيجية إعلامية واضحة للإعلام في المستقبل بدولة الإمارات. وهذا أكبر تحدٍّ لنا». وتابعت: «أقول هذا من منطلق وجودي بهذا القطاع، الذي يعد إعلاماً محلياً 100%، ولا يزال يخاطب نفسه»، مشيرة إلى أن اختيارها عنوان محاضرتها جاء من منطلق تحدي الذات، ووضع نفسها في مواجهة التحديات.
وتناولت منى المري في المحاضرة، التي حاورتها فيها السعد المنهالي رئيسة تحرير مجلة «ناشونال جيوغرافيك» العربية، جملة الإشكاليات والتحديات الراهنة التي تواجه قطاع الإعلام، وسبل الوصول لحلول تدعم المسيرة الإعلامية، بما يُمكِّن الإعلام من مواكبة القفزات الكبيرة التي تحققها حكومة الإمارات في مختلف المجالات.
تحديات
وقالت منى المري: «تحكمنا التكنولوجيا، التي غيرت الكثير من الخطوط في مجال عملنا، ولكن مستقبل الإعلام مرتبط بقطاعات كثيرة». ولفتت إلى أن الإعلام مرتبط بغيره من القطاعات: «مرتبط بالاقتصاد، والسياسة، والمجتمع. وهو ليس بالقطاع الذي تتحدد كينونته وملامحه بذاته، على نحو مستقل عن غيره». وتابعت: «إذا نظرنا للقطاع الاقتصادي، سنجد أن حجم اقتصاد المنطقة العربية بلغ 2.5 تريليون دولار، ومن المتوقع أن يصل خلال العشر سنوات القادمة إلى 3 تريليونات دولار في حال تم استثمار التكنولوجيا في هذا القطاع». وأشارت إلى أن هذا يعني بالمقابل أنه من المتوقع أن يكون هناك، خلال عقد من الزمن، 60 مليون طلب للحصول على وظيفة، وأنه ينبغي توفير هذه الوظائف لجيل من الشباب العرب، حتى لا يكونوا فريسة لقوى التطرف والإرهاب.
خطة واضحة
وتساءلت المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، وبالنظر إلى هذا الواقع، وإلى التحولات السياسية بالمنطقة العربية «إن كان لدينا تكنولوجيا هل سيكون لدينا عقول عربية نستثمر فيها؟ وهل توجد لدينا خطة واضحة وكوادر واستثمار؟». وأوضحت أنه «حين تم الإعلان عن مئوية الإمارات، وضعت الدولة استراتيجيات مختلفة، مثل استراتيجية شرطة أبوظبي لعام 2057 وهناك 50 مشروعاً للأمن من خلال استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وكذلك الأمر بالنسبة للأمن المائي بوزارة التغير المناخي والبيئة، إذ تم وضع استراتيجية لكيفية الحفاظ على أمن الماء». واستطردت متسائلة: «هل لدينا استراتيجية إعلامية؟ نحن نواجه العديد من التحديات في منطقتنا العربية، وإذا لم يكن لدينا إعلام قوي يساعدنا كحكومة، ويساند رؤيتنا، فإننا لن نصل إلى أي مكان».
انتقاد
وقالت منى المري: «لدى قيادتنا طموح عالٍ وصورة واضحة حول ما تريد تحقيقه، ولكن إعلامنا متأخر جداً. علينا عدم مقارنة أنفسنا اليوم بالإعلام الموجود بالمنطقة، لأنها منطقة تمر بأزمات». وأضافت: «تبقى دول الخليج العربية هي الوحيدة التي ما زالت اليوم تمتلك قوة اقتصادية واستقراراً سياسياً، واجتماعياً». لكن «إعلامنا يخاطب نفسه، لا العالم. وانتقادي ليس موجهاً للإعلاميين، بل هو موجه بداية إليّ أنا ذاتي، لأني مكون رئيس في هذه المنظومة». وأضافت: «رسالتنا تخاطبنا نحن، لأن إعلامنا محلي، ولم نفكر في الاستثمار فيه».
وقالت المري: «كلما تكلمنا عن الاستثمار التكنولوجي في المنطقة، نواجه صعوبات وتحديات من مواقف لا ترى هذا المستقبل على مستوى المنظومة». وأوضحت: «توجهت القيادة الإماراتية للاستثمار في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وهناك وزارة خاصة بالذكاء الاصطناعي، ووزارة خاصة بالعلوم التطبيقية، فمشاريع الحكومة اليوم تفوق كافة المشاريع التي تتكلم عن التكنولوجيا على مستوى العالم». ولكن «للأسف، عندما نأتي إلى هذا القطاع المهم، باعتباره صوت الحكومة، نجد الإعلام يخاطبنا نحن». وبينت أنه بالرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي غيرت كل شيء في العالم، إلا أن «مؤسساتنا الإعلامية تغيرت في حدود بسيطة، وما زلنا نخاطب أنفسنا، وما زال كلامنا مع بعضنا البعض، ولم نضع منظومة تخاطب العالم، وهذه هي المشكلة الرئيسة».
دور الإعلام
ولفتت منى المري إلى ما يحدث في عوالم وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت إن أول ما يحدث على هذه المواقع هو «الأخبار المزيفة». وأضافت: «ما قد يحدث بمنصات التواصل، يمثل تحدياً لنا، مثل الشائعات والفتن»، فقد «أظهرت دراسة في العام الماضي لتويتر، أنه من بين 10 ملايين تغريدة، هناك 700 ألف تغريدة عبارة عن شائعات تروجها بعض المؤسسات».
وانطلاقاً من هنا صاغت المري جملة من التساؤلات الحيوية: «ما دور الإعلام؟ وهل نعد المصدر الموثوق لنقل الخبر؟ هناك الكثير من التحديات التي تواجهنا في هذا القطاع. فهل نحن مستعدون لبناء خطة استراتيجية؟.. لدينا وضوح برؤية القيادة، ولدينا الكفاءات، ونستطيع وضع سياسات وخطة عمل توافق هذا الطموح الذي نراه في استراتيجية الإمارات. وهذا في نظري من أهم التحديات التي تواجهنا». وقالت: «عند وضع استراتيجية عامة خاصة بالإعلام، يجب أن تكون مصنوعة بجهد الجميع، بمن فيهم الشباب وذوو الخبرة، ومن يعملون بهذا القطاع».
خطط بديلة
وأشارت منى المري في المحاضرة إلى توجه الجيل الجديد إلى «يوتيوب» وابتعاده عن مشاهدة التلفزيون، وقالت: «هل تم أخذ هذا بعين الاعتبار؟ لا، ما زلنا نضع ميزانيات للتلفزيونات». وأضافت: «هذا الحال ينطبق كذلك على الصحف»، في وقت يتجه فيه الجيل الشاب إلى استخدام شاشة التلفزيون كشاشة تواصل اجتماعي فيشاهد عليها «يوتيوب»، بينما يختارون ما يريدونه للقراءة من أخبار عبر وسائل التواصل.
وشددت المري أن هذا الواقع له أسبابه الموضوعية، وليس نوعاً من السطحية في اهتمامات الجيل الجديد.
وقالت: «يجب أن تكون لدينا خطط بديلة. ورغم أنني من متابعي الصحف، إلا أنني أرى أن علينا أن نسأل أين نحن سائرون؟ هل نحن على الطريق الصحيح؟ فالمستقبل للقطاع الرقمي، ونسبة الشباب في المجتمع تصل إلى 60%، ولكننا ما زلنا نفكر بأنفسنا»، في حين «علينا إدخال الشباب في منظومتنا الإعلامية، فهناك كفاءات شابة موجودة للعمل على وسائل التواصل الاجتماعي»، قادرون على تحقيق هدف الانتشار وتوصيل الرسالة للجميع، بأسلوب مختصر، يختزلون ما يراد قوله بسطرين.
اقرأ أيضًا:
حليمة بولند تكشف عن أهم شيء في حقيبتها وحقيقة خلعها الحجاب
ورأت المري أن الإعلام يعيش مرحلة انتقالية، يجب أن توضع لها خطة بآليات تنفيذ واضحة، فيما شددت في حديثها أن الإمارات تمثل دولة الأمل بالنسبة للمنطقة. وقالت: «من المهم أن نكون أنموذجاً، وأن يكون لدينا منصة اجتماعية بالإنجليزية لمخاطبة العالم بلغتهم، لتصل إليهم الرسالة واضحة».
هامش الحرية
وتناولت منى المري في حديثها، هامش الحريات الممنوحة للإعلام. وقالت: لدينا في دبي 4 آلاف مؤسسة إعلامية، لها حرية التصرف، وهناك مؤسسات عالمية قد تنتقدنا وهي في بلادنا، فهل سرنا وأغلقنا مؤسساتهم؟ وتابعت: إن كان هناك خلل فلنعالجه، والخبر السلبي، ينبهنا إلى مكامن الضعف والخطأ. لكن مؤسساتنا الإعلامية هي من وضعت الخط الأحمر. وأوضحت المري: «بعض كتاب الأعمدة يثيرون مواضيع عدة، ولم يقل لهم أحد لماذا تكتب؟ هذه خطوط حمراء».
قد يهمك أيضًا:
الإعلامي شريف مدكور يعلن إصابته بسرطان القولون
جدل بين المنظمات الإخبارية والدفاع والمدّعين بشأن علنية مُحاكمة واينشتاين