الرئيسية » عالم الإعلام
عناصر من الشرطة السودانية

الخرطوم - المغرب اليوم

قُتل وجُرح عددٌ من الصحافيين السودانيين أثناء الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع» المستمرة منذ أكثر من 6 أشهر. وكان طرفا القتال قد استهدفا خلال هذه الفترة الصحافيين ووجّها لهم اتهامات «التخوين والعمالة والموالاة» لأحد طرفي القتال، في حين عانى أفراد الجسم الصحافي الاحتجاز والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، والمنع من العمل ووضع العراقيل أمام حريتهم وعملهم. كذلك توقف أكثر من 90 في المائة من المؤسسات الصحافية الخاصة؛ ما أفقد النسبة الغالبة من العاملين فيها مصادر دخلهم.

نقيب الصحافيين عبد المنعم أبو إدريس، أوضح خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن «90 في المائة من المؤسسات الصحافية في البلاد توقفت عن العمل، ولم تعد تعمل سوى محطات الإذاعة والتلفزيون الرسمية من خارج مقارها الرسمية الواقعة في منطقة لا يمكن الوصول إليها». وتابع أن «الصحف الورقية وإذاعات إف إم (FM) كانت قد توقفت عن العمل منذ اندلاع الحرب 15 أبريل (نيسان) الماضي». ومن جهتها، كشفت نقابة الصحافيين السودانيين، في تقرير عن أوضاع عضويتها للفترة من بداية القتال حتى الثلث الثاني من سبتمبر (أيلول) الماضي، أن 4 صحافيين قُتلوا بإصابات بمقذوفات أو بالرصاص في الخرطوم والولايات التي تشهد مواجهات بين الجيش و«الدعم السريع»، في حين أُصيب 3 آخرون في العاصمة الخرطوم ومدينة نيالا (غرب البلاد)، وتعرّض العشرات من الصحافيين للضرب والتعذيب والاحتجاز والتهديد بشكل أساسي من قبل قوات «الدعم السريع» واستخبارات الجيش.

وفقاً لنقيب الصحافيين، فإن 46 صحافياً تعرّضوا للاعتقال، معظمهم من قبل قوات «الدعم السريع» واستخبارات الجيش، وأن اثنين من الصحافيين محتجزان من قبل قوات «الدعم السريع» في القصر الجمهوري، أحدهما منذ بداية الحرب، والثاني منذ 3 أشهر. وحقاً، توقفت المؤسسات الصحافية الخاصة - وتحديداً، الصحافة الورقية وإذاعات إف إم (FM) - عن العمل منذ اندلاع القتال؛ لأن مكاتبها تقع في وسط الخرطوم، وهي المنطقة التي لم يستطع أحد الوصول إليها منذ منتصف أبريل، وتسيطر عليها قوات «الدعم السريع». ومما قاله أبو إدريس: «لا يستطيع أحد التأكد من أوضاع المؤسسات الصحافية وسط الخرطوم، بما في ذلك مقر نقابة الصحافيين، وإن مؤسستين صحافيتين على الأقل نُهبت مكاتبهما، وتعرّضتا للقصف أثناء القتال».

أيضاً، كشف أبو إدريس عن نزوح أعداد كبيرة من الصحافيين داخل البلاد، ولجوء أعداد أخرى لدول الجوار. وأشار إلى أن بعضهم يعيش اليوم في معسكرات النزوح. وفي مدينة ود مدني - على سبيل المثال - خُصّصت مدرسة معسكرَ نزوحٍ للصحافيين يعيش فيها عشرات الصحافيين، بعيداً عن أسرهم وذويهم.

من جهة أخرى، بحسب تقرير النقابة، فإن عشرات الصحافيين تلقوا تهديدات مباشرة بالقتل، هم وأسرهم، من جهات مجهولة عبر الهاتف أو الرسائل النصية، أو من قبل الاستخبارات العسكرية أو قوات «الدعم السريع»، أو التعرض المباشر للتهديد والتخويف للصحافيين داخل المؤسسات الإعلامية، مع توجيه أسئلة تخوينية لهم، بل وملاحقة بعضهم حتى في منازلهم. وتناول التقرير مسألة انتشار «بوسترات» (ملصقات) ترويجية تتهم الصحافيين بالخيانة العظمى، وبصورهم الشخصية وأرقام جوالاتهم، وبين هؤلاء وزير الإعلام السابق فيصل محمد صالح، والكاتب الصحافي زهير السراج، إلى جانب نقيب الصحافيين عبد المنعم أبو إدريس وصحافيين آخرين. وهذا أمر عدّته النقابة، وفقاً لتقريرها «تهديداً صريحاً لحيواتهم عن طريق نشر الشائعات والأخبار المفبركة، والترويج للخطابات العنصرية التي تغذّي نار الحرب».

وشرح النقيب كيف فقد مئات الصحافيين مصادر دخلهم؛ نتيجة توقف المؤسسات الصحافية التي يعملون فيها، وباتوا يعيشون وأسرهم أوضاعاً إنسانية في غاية السوء، لا سيما إثر تعرّض مساكنهم للنهب والتخريب، وسقوط المقذوفات على بعضها. ووفقاً لـ«مراسل الصحفية»، فإن العشرات من الصحافيين شوهدوا وهم يمارسون أعمالاً «هامشية»، مثل نقل الأمتعة، وأعمال البناء، والعمل سائقين لعربات النقل العام في مدينتي ود مدني (وسط البلاد) وعطبرة في الشمال. هذا، وكانت «شبكة الصحافيين الدوليين» قد نقلت في وقت سابق عن أبو إدريس نفسه مخاوفه من «اختفاء مهنة الصحافة» من السودان تماماً، وأن نحو 250 صحافياً انتقلوا للعمل في مهن أخرى، بينما تحوّل المئات إلى عاطلين عن العمل.

في سياق موازٍ، استنكر عبد المنعم أبو إدريس إجبار مؤسسات إعلامية إقليمية ودولية 27 من مراسليها على البقاء في الخرطوم للعمل وسط القصف والقتال، والتعرّض لمخاطر ومضايقات كبيرة، من دون الاهتمام بتأمين حياتهم، أو توفير مستلزمات السلامة لهم. وعلّق بالقول: «للأسف هذه المؤسسات لا تهتم بسلامة صحافييها، وهي تعرّضهم للمخاطر، من دون التأمين على حياتهم، ولا توفر مستلزمات سلامة لهم». واستطراداً، تمارس السلطات الأمنية في الولايات التي نزح إليها الصحافيين في بورتسودان، حيث المقر المؤقت للحكومة، وفي عاصمة ولاية الجزيرة مدينة ود مدني، وبقية الولايات، تقييداً لحرية الحركة والوصول، وتشترط حصولهم على إذن مؤقت لمدة أسبوعين يجدد أو لا يجدد حسب رضا السلطات الأمنية عن أداء الصحافي. وعن هذا الجانب، قال نقيب الصحافيين: «لكي يعمل الصحافي عليه أخذ الإذن من الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن معاً، وقد يوافق أحدهما ويتلكأ الثاني، فإذا وافقا قد يستغرق التصديق أسبوعين، خصوصاً للتصوير والكاميرات». وقطع نقيب الصحافيين بأن البيئة التي تعمل فيها الصحافة السودانية، ظلت تشهد تراجعاً مستمراً في الحريات الصحافية، منذ انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وأوضح: «البيئة التي يعمل فيها الصحافيون، تشهد تراجعاً مطّرداً في مستوى الحريات الصحافية».

ومن الحالات الشخصية، تقول الصحافية صباح أحمد إنها وزوجها الصحافي وأطفالهما، كانوا يعيشون حياة بسيطة، لكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين لـ«النزوح»، ومواجهة مصاعبه، بما في ذلك إيجار مسكن، وتوفير مستلزمات العيش من أكل وشرب. وأردفت: «أصبحنا نعيش حالة عدم استقرار نفسي تقارب الاختلال».

الصحافية أحمد، التي نزحت إلى مدينة الحصاحيصا فراراً بأطفالها من الحرب، وفقدت بيتها الذي تعرض للنهب بعد مغادرتها له، تقول: «كان لدينا أمل بعودة قريبة، لكن محن الحرب والخراب والنهب استمرت دون توقف، فنهبت بيوتنا ومقتنياتنا، ما قد يضطرنا للبداية من تحت الصفر إذا حدث وعدنا». وأضافت: «بصفتنا صحافيين لا توجد جهة تهتم بمشكلاتنا، فأنا وزوجي أصبحنا عاطلَين عن العمل، وعلينا دفع إيجار المسكن. كنت قبل الحرب أدفع إيجاراً قدره 20 ألفاً، واضطررت لدفع 300 ألف، إلى جانب توفير احتياجات العيش لنا ولأطفالنا، فمن أين لنا؟... أنا أكاد أصاب بمرض نفسي؛ بسبب عجزي عن إجابة مطالب أطفالي، فهم لا يفهمون هذه المستجدات، حتى الملابس نزحنا من دونها، ونضطر لغسل ما لدينا يومياً».

وفي الواقع، يواجه الصحافيون في ولايات دارفور وكردفان، خصوصاً، خطراً كبيراً يهدد حياتهم، جراء الاشتباكات التي تشهدها حواضر هذه الولايات من اشتباكات مستمرة بين الجيش و«الدعم السريع»، وعلى وجه الخصوص مدينتا الأبيّض ونيالا. وعن هذا البُعد، قال أبو إدريس: «فرّ عبر الحدود الغربية إلى دولة تشاد المجاورة 35 صحافياً هرباً من القتال، ليعيشوا في معسكرات النزوح في تشاد ودولة جنوب السودان، كما أن عشرة صحافيين في نيالا يواجهون أخطاراً كبيرة تهدد حياتهم، إلى جانب الخطر الماحق الذي يواجهه الصحافيون في مدينة الأبيض بكردفان، جراء القتال وتوجس الطرفين المتقاتلين من الصحافة». أيضاً، يواجه الصحافيون في مدينتي القضارف وكسلا، بشرق البلاد، مخاطر وباءي «حمى الضنك والكوليرا، ما يشكّل خطراً على حياتهم وعلى عملهم»، ولكن، حسب كلام أبو إدريس «الحمد لله لم تسجل حالة وفاة بسبب الأوبئة بين الصحافيين، مع أن بعضهم وأسرهم أُصيبوا بحمى الضنك».

أخيراً، على صعيد الوضع الميداني، تسيطر قوات «الدعم السريع» على مباني هيئة الإذاعة والتلفزيون القومية، منذ الساعات الأولى لاندلاع القتال، ما اضطر السلطات للبث من مدن بورتسودان (في أقصى شرق البلاد)، حيث يبث التلفزيون برامجه من هناك، بينما تعمل إذاعة «بلادي» الرسمية من مدينة ود مدني، في حين توقف البث التلفزيوني المحلي في معظم ولايات البلاد. ووفقاً لنقيب الصحافيين فإن نقابته، وسط معاناة الصحافيين السودانيين من الظروف الاقتصادية القاسية، «تحاول مع منظمات الصحافيين الإقليمية والدولية تقديم مساعدات لأعضائها، ولقد حصلنا بالفعل على مساعدات شهرية محدودة لنحو 100 صحافي من قبل منظمات صحافية، وعلى تمويل علاج ذوي الأمراض المزمنة. لكن على الدوام نشهد حالات صعبة يعيشها صحافيونا وصحافياتنا».

قد يهمك ايضا 

نقابة الصحفيين الفلسطينيين توثق جرائم جديدة في سجل جرائم الاحتلال بحق الصحافيين

 

منظمة العفو الدولية تحذّر مما يجري في غزة ومخاوف على حياة الصحافيين بعد قطع الإتصالات

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

دونالد ترامب يُقاضي شبكة «سي بي إس» ويتهمها بالتلاعب…
قصف جوّي إسرائيلي يودي بحياة ثلاثة صحافيين قتلتهم نياماً…
المنتدى السعودي للإعلام يُعلن موعد انعقاد نسخته الثالثة في…
الرئيس الفرنسي يتهم بعض الوزراء والصحافيين بتحريف تصريحاته بشأن…
في ذكرى رحيل جيزيل خوري الأولى تبقى رمزًا إعلاميًا…

اخر الاخبار

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
وزير العدل المغربي يُجري مباحثات مع عدد من نظرائه…
بوريطة يُجري مباحثات مع الوزير الأول لغرينادا لتعزيز التعاون…
أخنوش يُجري مُباحثات ثنائية مع الوزير الأول بجمهورية غينيا…

فن وموسيقى

سعد لمجرد يُصدر أغنيته الهندية – المغربية الجديدة «هوما…
المغربية فاطمة الزهراء العروسي تكشف عن استعدادها لخوض تجربة…
منة شلبي تتألق في موسم الرياض بمسرحية شمس وقمر…
تتويج المغربي محمد خيي بجائزة أحسن ممثل في مهرجان…

أخبار النجوم

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي…
ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
سلاف فواخرجي تتألق في فيلم ”سلمى” وتسلط الضوء على…
أول تعليق من حسين فهمي بعد حصوله على جائزة…

رياضة

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
محمد صلاح آقرب إلى الرحيل عن ليفربول لعدم تقديم…
مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة…
محمد صلاح في المركز الثاني كأفضل هدافي الدوري الإنكليزي…

صحة وتغذية

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل…
التغذية السليمة سر الحفاظ على صحة العين والوقاية من…
أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

الأخبار الأكثر قراءة

الرئيس الفرنسي يتهم بعض الوزراء والصحافيين بتحريف تصريحاته بشأن…
في ذكرى رحيل جيزيل خوري الأولى تبقى رمزًا إعلاميًا…
صحف إسرائيلية تصف 7 أكتوبر بـ"أحلك يوم في تاريخ…
إطلاق خدمة الاشتراكات المدفوعة على المواقع الإلكترونية لشبكة "السي…
المغرب يُعلن عن انطلاق الدورة ال 22 للجائزة الوطنية…