الرئيسية » عالم الإعلام
الإعلان التليفزيونيّ ضائع بين إثارة الغرائز وغياب الفكرة

بيروت - غيث حمّور

أنتجت الفضائيات العربية خلال عشر السنوات الماضية عددًا من الإعلانات التليفزيونية الجيدة على الصعيد الفني، ولكنها تعد على أصابع اليد، فيما اتسمت باقي الإعلانات العربية بالمجانية والمبالغة والبعد عن الإبداع والإثارة، وهذا ما أثّر بشكل كبير على ثقافة المتلقي، وأفقد ثقته في المنتجات العربية، بعكس المتلقي الأوروبي أو الأميركي الذي يعتبر الإعلان بوابته إلى عالم التسوق والتي يبني عليها معظم خياراته الشرائية.
ويُعتبَر التليفزيون من أهم الوسائل الإعلانية في القرن الحادي والعشرين، بما يتميز من مرونة في العرض، واستخدام الصوت والصورة والحركة، مما يعطي المشاهد شعوراً بالمشاركة، حيث يخلق الإعلان التليفزيوني على خلاف باقي طرائق الإعلان (الإذاعي، الطرقي، المطبوع) حالة من الاتصال المباشر بين المتلقي والمعلن، وتعمّد معظم الشركات في العالم للترويج لمنتجاتها وسلعها عن طريقه، وهذا ما كرّس الإعلان التليفزيوني كفن مستقل بذاته يجب على العاملين فيه أن يتمتعوا بصفات خاصة وفكر إبداعي خاص لتنفيذه.
وفي ظل الفضاء المفتوح والأقمار الصناعية أصبح الإعلان عابراً للقارات، وأضحى المشاهد أمام كم هائل من المضامين الإعلانية التي تبث له على مدار اليوم، وتحول الإعلان إلى علم قائم بحد ذاته، ولم يقف عند هذا الحد بل امتد ليصبح مادة أساسية في قنوات فضائية خصصت تحديداً للإعلانات التليفزيونية لترويج السلع المنزلية والخدمية وغيرها.
وتختلف سوية الإعلانات التليفزيونية التي تبث على شاشات الفضائيات العربية من إعلان إلى آخر بشكل واضح، وهذا الاختلاف يكرس في الجهة المنتجة لهذا الإعلان، فمعظم الإعلانات التليفزيونية المنتجة من قبل جهات أجنبية وخاصة إعلانات الشركات الدولية كـ(كوكا كولا، بيبسي، وغيرها) والتي تحمل تفرداً واضحاً في شكلها الفني والإخراجي، وحتى على صعيد الفكرة المستخدمة وطرق توظيفها، وتنفيذها بطريقة احترافية عالية على مختلف الأصعدة، كما تستخدم معظمها نجوم التمثيل والغناء العالميين والعرب كـ(تشارليز ثيرون، هيفاء وهبي، عمرو دياب، نانسي عجرم، منى زكي، وغيرهم)، وفي المقابل نجد أن معظم الإعلانات المنتجة من قبل جهات عربية تفتقر للحس الإبداعي كما تفتقر لعنصر الإثارة والتشويق، وتحمل طابع الهواية.
ولا تبدو الإعلانات التي يقدمها التليفزيون السوري منذ أكثر من عقد من الزمن خاصةً خلال فترة المواسم (رمضان، الأعياد، وغيرها) أنها اطلعت على طرق الإعلان الحديثة والجاذبة، بما تحويه من سطحية من جهة، وغياب الفكر الاحترافي من جهة أخرى، خاصةً في إعلانات (المحارم، والعلكة، والشكولا)، فضلاً عن استخدام الإعلانات ذاتها لأكثر من عشر سنوات مما حولها إلى سلعة مستهلكة، فبعض الإعلانات السورية تعمد إلى استنساخ الإعلانات الأجنبية ولكن بطريقة مشوهة، وبعضها الآخر يقتبس لحناً لأحد الأغاني الشهيرة ويضيف إليها بعض الكلمات الساذجة.
ويعود انخفاض السوية الفنية للإعلان في سورية إلى أسباب عدة، من أهمها غياب التخصص في المجال الإعلاني من قِبل الشركات التي تقوم بإنتاجها من جهة، ولغياب ثقافة الإعلان لدى المعلن من جهة أخرى، حيث يؤدي تدخل الجهة المعلنة في شكل الإعلان في معظم الأحيان إلى تشويه الفكرة وعدم ظهورها بشكل لائق، خاصة أن هذا التدخل يكون من قبل صاحب الشركة بشكل شخصي، والذي هو بطبيعة الحال لا يملك قسماً خاصاً في شركته للإعلان، فيفرض مثلاً الموسيقا الصاخبة أو الكلمات التي يريدها من دون إقامة أية اعتبارات للتخصص.
ودفَعَ الشكل الذي ظهرت به الإعلانات التلفزيونية في السنوات الماضية الشركات المنتجة للإعلان والشركات المعلنة إلى استخدام عنصر إثارة الغرائز لجذب المشاهد ودفعه إلى عملية الشراء، من خلال استخدام الرقص المثير أو استخدام المرأة للترويج للمنتجات، ورغم أن هذا النوع من الإعلانات قد يكون لافتاً للنظر ولكنه لا يخدم المنتج إن لم يكن موظفاً، فمثلاً لو كان الإعلان يتعلق بالترويج لنوع من الأحذية أو الملابس فمن الممكن استخدام الرقص، ولكنه بالمقابل ما المبرر لاستخدام الرقص في إعلان لبراد أو غسالة.
ويتم تكامل العملية الإعلانية بالرضى من قبل الأطراف الثلاثة للعملية الإعلانية (القناة، المعلن، المتلقي)، والمتحكم الأساسي في هذه العملية هو سوية الإعلان وحجم الإثارة والإبداع الموجود فيه، خاصة أن المتلقي العربي في الوقت الجاري يتذمر بشكل كبير من الحجم الإعلاني الذي تبثه القنوات الفضائية، والسبب الرئيس لهذا التذمر هو سوية الإعلان، فلو كانت سوية الإعلان جيدة لاعتبرها المتلقي أحد وسائله لعملية الشراء، ولكنه لا يعتبرها كذلك مما يدخل في نفسه الملل والرفض لهذه الطريقة من الترويج، وهذا بطبيعة الحال ما ينعكس واضحاً على القناة التي قد ينفض عنها المشاهد، كما سينعكس أيضاً على المعلن الذي لن يصل للهدف الذي وضعه عبر لجوئه للإعلان التلفزيوني، وهنا يمكن أن يلعب الإعلان دوراً معاكساً فيجعل المستهلك نافراً من المنتج، في الوقت ذاته الذي يعتقد صاحب المنتج أنه يقوم بالترويج لمنتجه..

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

دونالد ترامب يُقاضي شبكة «سي بي إس» ويتهمها بالتلاعب…
قصف جوّي إسرائيلي يودي بحياة ثلاثة صحافيين قتلتهم نياماً…
المنتدى السعودي للإعلام يُعلن موعد انعقاد نسخته الثالثة في…
الرئيس الفرنسي يتهم بعض الوزراء والصحافيين بتحريف تصريحاته بشأن…
في ذكرى رحيل جيزيل خوري الأولى تبقى رمزًا إعلاميًا…

اخر الاخبار

أخنوش يؤكد أن الملك محمد السادس يتابع تعبئة الموارد…
لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب المغربي تُصادق على…
إيمانويل ماكرون يُشيد بجهود المغرب في مجال تدبير المياه
بوريطة يُرحب بقرار وقف إطلاق النار في لبنان ويدعو…

فن وموسيقى

الفنانة هند صبري ضمن قائمة أكثر النساء تأثيراً في…
منى زكي تحتفي بعرض فيلمها "رحلة 404" في هوليوود…
الكويت تسحب الجنسية من الفنان داوود حسين والمطربة نوال
حسين فهمي يكشف تفاصيل تحضيره لمهرجان القاهرة السينمائي في…

أخبار النجوم

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب…
أحمد العوضي يقبل تحدي أحد متابعيه في ركوب الخيل
مي عمر تدافع عن محمد سامي بعد تسريب فيديو…
حسام حبيب يهاجم شقيق محمد رحيم بسبب شيرين

رياضة

الخليفي يحسم موقف باريس سان جرمان من ضم نجم…
غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس…
محمد صلاح يؤكد أن مباراته أمام مان سيتي ستكون…
"الفيفا" يُعلن حصول ملف استضافة السعودية لكأس العالم 2034…

صحة وتغذية

التحفيز العميق للدماغ يعيد القدرة على المشي لمريضين مصابين…
إجراء جراحي يعكس أضرار سرطان الساركوما ويعيد استقلالية المرضى
وزير الصحة المغربي يؤكد أنه لا يمكن وضع تشريعات…
السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

الأخبار الأكثر قراءة

قصف جوّي إسرائيلي يودي بحياة ثلاثة صحافيين قتلتهم نياماً…
المنتدى السعودي للإعلام يُعلن موعد انعقاد نسخته الثالثة في…
الرئيس الفرنسي يتهم بعض الوزراء والصحافيين بتحريف تصريحاته بشأن…
في ذكرى رحيل جيزيل خوري الأولى تبقى رمزًا إعلاميًا…
صحف إسرائيلية تصف 7 أكتوبر بـ"أحلك يوم في تاريخ…