لندن - كاتيا حداد
اتهم عمدة لندن الجديد صادق خان، رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، باستخدام نفس "أساليب قواعد لعبة" المرشح الجمهوري في الانتخابات الأميركية دونالد ترامب، في سباق انتخابات البلدية في لندن، لمنعه من الفوز بمنصب عمدة العاصمة.
وهاجم خان مرشح حزب "المحافظين" الخاسر في انتخابات بلدية لندن زاك غولد سميث، مرات عديدة زاعما صلاته مع متطرفين مسلمين، مسلطا الضوء على سجله السابق من مشاركة الساحة مع دعاة متشددين، ودفاعه عن متشددين عندما كان محاميا سابقا في مجال حقوق الإنسان، وفقا لما ذكرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
في اليوم الثاني له في منصبه الجديد كأول رئيس بلدية المسلم في لندن، وجه ضربة إلى تكتيكات حزب "المحافظين"، التي وصفها بـ"الشريرة" و"الانقسامية"، التي تحظى بدعم كامل من رئيس مجلس الوزراء البريطاني.
واتهم عمدة لندن الجديد حملة المحافظين التي تُحرض الطوائف العرقية في العاصمة ضد بعضها البعض في حملتهم بـ"سيتي هال" بدلا من التركيز على السياسيات. كما شن خان هجوما عنيفا على زعيم حزب "العمال" جيريمي كوربين، قائلا له إن عليه أن يدون كيفية فوز حزبه بدعم لندن.
واتهم العمدةالجديد، ابن سائق حافلة مهاجر، قيادات حزب "العمال" بتطبيق تكتيكات "فرق تسد" التي من شأنها أن تفشل في حصد أصوات الناخبين المحافظين الضروري للفوز في الانتخابات العامة، وأضاف: "على حزب (العمال) أن يكون مظلة تناشد الجميع، وليس فقط نشطاءه". وهزم خان بسهولة غولد سميث في الحملة ليحل محل بوريس جونسون عمدة لندن السابق، بعد الفوز بعدد قياسي من الأصوات.
وحسب الصحيفة، فإنه بعد الفرز الثاني للأصوات حصل ان على 57 % من الأصوات مقابل 43 % للسيد غولد سميث، ليفوز بذلك خان، المرشح عن حزب "العمال" بـ3,1 مليون صوت، ويصبح أول عمدة مسلم ينتخب مباشرة في أي عاصمة أوروبية كبرى. و بالنظر إلى الحملة المريرة التي تعرض لها العمدة الجديد، أعرب خان عن غضبه، لإجباره على الدفاع عن نفسه ضد التهم الموجهة من صلاه بمتطرفين مسلمين.
وقال إن حملة "المحافظين" تصرف الانتباه عن مناقشة سياسة الإسكان في لندن، وشبكة النقل والخدمات الصحية الوطنية، وقارن تكتيكات الحزب بتلك التي استخدمها دونالد ترامب، عندما هاجم المهاجرين المكسيكيين وتعهد بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة حتى تكتشف السلطات في البلاد "مايحدث". كما أدعى ترامب، الذي حصل على ترشيح الحزب الجمهوري في السباق الرئاسي، أيضا أن أجزاء من لندن أصبحت "متطرفة" وأن أفراد الشرطة خائفون على حياتهم".
وكتب خان في مقال بصحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، إن"ديفيد كاميرون وزاك جولدسميث اختار تقسيم المجتمعات في لندن في محاولة لكسب أصوات الناخبين في بعض المناطق وقمع الناخبين في أجزاء أخرى من المدينة". وأضاف:"استخدموا الترهيب والتلميح لتقليب الجماعات العرقية والدينية المختلفة ضد بعضها البعض، وهذا أمر يتشابه مع قواعد اللعبة التي يمارسها دونالد ترامب". وتابع: "لندن تستحق الأفضل وآمل أن يكون ذلك شيء لين يحاول حزب المحافظين تكراره".
وفي الليلة الماضي، قيل أن حملة عائلة جولد سميث مرة أخرى "العنصرية" ضد خان ساهمت في هزيمته في الانتخابات البلدية لندن. وقد تلقى وابلا من الانتقادات لتسليط الضوء على صلات منافسه مع المتطرفين، حتى أن أخته جميما، قالت إن هذا التكتيك "لا يعكس الشخص الذي أعرفه". ولكن والدته أنابيل، عبرت عن صدمتها من هذه الانتقادات "غير عادلة"، وقالت إن "زاك أقل شخص عنصري أعرفه".
وأضافت:"حزينة جدا عليه، فرجل الأسرة مثل زاك، مجنون بحب أولاده ويفضل البقاء معهم طوال الوقت، فأعتقد أن يصعب عمدة ستكون صعبة عليه، لكنه سيكون جيد جدا، أعتقد أن كل هذه الأشياء التي قيلت عنه غير عادلة جدا".
وطغى فوز خان، في الحال على الاقتتال الداخلي الجديد داخل حزب "العمال"، في ظل اتهام حلفاء السيد كوربين بأنهم يعاملون عمدة لندن المنتخب حديثا و كأنه "منبوذا" عن طريق تجنب الظهور علنا معه. وكان زعيم حزب "العمال" غائبا عن مراسم أداء اليمين الرسمي خان في كاتدرائية "ساوثوورك" في جنوب شرق لندن، أمس، فيما حضر إد ميليباند سلف كوربين لرؤية خان يصبح خليفة بوريس جونسون.
كما غاب كوربين عن حفل الإعلان الرسمي عن فوز خان، يوم الجمعة، إذ وصل وغادر قبل عدة ساعات من ظهور عمدة لندن. و خلال حملته الانتخابية، تبرأ خان من النمط اليساري لكوربين، مثل رفضه تأدية النشيد الوطني. واستنكر المتحدث باسم رئيس بلدية لندن ما فعله كوربين، قائلا: "كانت هناك دعوة مفتوحة إلى جميع نواب (العمال) في لندن للحضور إلى الكاتدرائية". وقال خان نفسه إنه لا يمكن أن يفسر سبب غياب زعيم حزب "العمال" عن حضور الحفل، قائلا: "لست متأكدا مما كان يفعله جيريمي اليوم".
وفي تقييم لاذع لقيادة كوربين منذ توليه السلطة في سبتمبر الماضي، كتب خان :"تعلمت الكثير خلال الحملة، عن نفسي وعن لندن وحول أهمية الوصول إلى قطاعات المجتمع كلها، لكن هناك درسين مهمين، الأول: يفوز الحزب عندما نركز على الأمام وعلى القضايا التي تهم الناس. والثاني: لن يثق بنا أحد ونصل إلى الحكم حتى نصل إلى الجميع وإلى الناخبين كلهم، بعيدا عن أصولهم الاجتماعية وأين يعيشون ويعملون". وقال:"الشجار حول بنية الحزب قد تكون مهمة للبعض في الحزب، لكنها، وبشكل واضح، لا تهم الغالبية من الناخبين، علينا تجنب التركيز على أنفسنا، وتجاهل ما يريده الناس".
ونفي نائب زعيم حزب "العمال" توم واتسون، إنه من المحتمل أن يواجه كوربين تواجه تحديا، ويدافع عن "الصبر" بعد "حقيبة مختلطة" من نتائج الانتخابات.
وكتب في "صنداي ميرور":"تحدي زعامة الحزب من المرجح أن تتحول إلي عاصفة ثلجية في الصحراء"، لكنه اعترف: "الحقيقة أن (العمال) لا يزال لديه تسلق الجبال إذا أراد العودة إلى الحكومة في عام 2020".
وأضاف:"إذا كان هناك وصفة محددة لأعضاء حزب (العمال)، وعلينا التحلي بالصبر إذا ما سعينا إلي اللعودة إلى داوننغ ستريت، فلقد تم انتخابجيريمي كوربين زعيم لحزبنا منذ 8 أشهر مع ولاية الساحقة لاتخاذ الحزب في اتجاه جديد".
وتابع:"لكن ذلك لن يحدث بين عشية وضحاها، فلدينا حصة من الأصوات أعلى مما كان عليه قبل عام، حتى عندما تعرضنا لهزيمة مؤلمة في الانتخابات". وأكد:"بالطبع هذا لا يكفي، وعلينا أن نفعل المزيد، فنحن بحاجة إلى القيام بعمل أفضل".
وأثار فوز خان في الانتخابات الحديث عن تركه منصبه كنائب في البرلمان، وستضع اللجنة التنفيذية الوطنية لحزب "العمال" بوضع قائمة قصيرة من المرشحين الأسبوع المقبل لخوض الانتخابات الفرعية على المقعد الذي خلفه عمدة جديد من لندن.
وسوف تجتمع اللجنة الوطنية للانتخابات يوم الأربعاء بعد استقالة صادق خان، الذي هزم زاك جولد سميث، لخلافة بوريس جونسون في الانتخابات البلدية الأسبوع الماضي. ويسعى مارتن سميث، وهو ضابط وطني للترشح لمنصب خان الشاغر. وقال رئيس البلدية المنتخب حديثا إنه سيستقيل عن منصبه كنائب عن شرق لندن في البرلمان للتركيز على مهامه في "سيتي هال"