الجزائر – ربيعة خريس
شرع الأمين العام للحزب الحاكم في الجزائر جمال ولد عباس، في التحضير لدخول سباق الانتخابات البلدية المزمع تنظيمها حسب تصريحات رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون، نهاية شهر نوفمبر / تشرين الثاني إلى بداية ديسمبر / كانون الأول 2017، وفي الانتخابات البلدية سينتخب الجزائريون رؤساء البلديات، والمجالس الشعبية البلدية والمجالس الشعبية الولائية.
وأصدر الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، مؤخرًا، ثلاثة تعليمات بعث بها إلى أمناء المحافظات ورؤساء اللجان الانتقالية المشرفين على تسيير الحزب في القواعد النضالية الأولى، يطالبهم فيها بإعداد تقارير مفصلة عن المنتخبين المحليين، والحصيلة التي أنجزوها خلال الخمس سنوات الماضية، خاصة أولئك الذين تورطوا في قضايا فساد والغش في المشاريع وتبديد المال العام، في مشاريع وهمية وفضائح التسيير, فأغلبهم وبمجرد اقتراب موعد الانتخابات المحلية تجدهم يتهافتون من أجل الترشح مبررين رغبتهم بالدفاع عن مصلحة الشعب في المجالس البلدية إلا أنهم يتورطون في نهاية المطاف، في قضايا فساد تجرهم إلى أروقة العدالة الجزائرية.
ويحاول الأمين العام لحزب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، تفادي تكرار سيناريو النكسة التي تكبدها الحزب في الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم 4 مايو / آيار الماضي، وعرفت حينها التشكيلة السياسية تراجعًا كبيرًا في تمثيله داخل قبة البرلمان الجزائري، في وقت حقق غريمه في الساحة التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني تشكيلة سياسية في البلاد تقدمًا ملحوظًا.
وتفاديًا والاحتجاجات التي نشبت في القواعد النضالية عقب إفراج قيادة الحزب عن القوائم الانتخابية، في الانتخابات النيابية بسبب سيطرة رجال المال والأعمال وأشخاص غرباء عن الحزب، وقرر الأمين العام جمال ولد عباس إحكام قبضته على القوائم الانتخابية للانتخابات المحلية التي ستجرى حسب تصريحات الوزير الأول الجزائري عبد المجيد تبون شهر نوفمبر/تشرين ثان أو ديسمبر/كانون أول المقبل، وأمر المحافظين ورؤساء اللجان الانتقالية بإعداد تقارير مفصلة، عن المنتخبين المحليين ورفعها إلى قيادة الحزب.
زيادة على هذا يتجه جمال ولد عباس نحو فرض معايير للترشح للانتخابات المحلية المقبلة، أبرزها شهادة الإقامة وشهادة التعليم العالي، أو الكفاءة المهنية تفاديا لاختيار أميار لا يتمتعون بالمسؤولية و" أميون "، وتتعلق التعليمة الثانية التي أصدرها الأمين العام لحزب الرئيس الجزائري, بتسريع وتيرة عقد الجمعيات العامة للقسمات لضبط القوائم الانتخابية، التي ستمثل الحزب في الاستحقاقات المحلية المقبلة.
وطلب جمال ولد عباس في التعليمة الثالثة، من محافظات الحزب ومنتخبيه المحليين، إيفاده بتقارير مفصلة حول أسباب العزوف في الانتخابات وذلك في أقرب الآجال، من خلال إجراء قراءة سياسة ملخصة حول نتائج الانتخابات، وملاحظات عن سبب عزوف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات التشريعية.
وشددت ولد عباس في التعليمة على ضرورة إيفاده بهذه التقارير قبيل أن تصل إلى قيادة الحزب في أقرب الآجال وقبيل تاريخ 10 يوليو / تموز المقبل، ويسعى الأمين العام لحزب جبهة التحري الوطني الحاكم في الجزائر، إلى تفادي الخسارة التي منى بها في الانتخابات النيابية، والتي حركت الأصوات الغاضبة ضده وكثفت حراكها للإطاحة به قبيل الانتخابات المحلية، ودخل خصومه، في سباق مع الزمن لجمع أكثر من 350 للمطالبة بعقد دورة استثنائية للجنة المركزية قريبًا.
وذكرت مصادر من داخل الحزب الحاكم في تصريحات لـ " المغرب اليوم "، أن عدد التوقيعات التي تمكن خصوم ولد عباس، من جمعها لم تتجاوز 100 توقيع, ويقوده هذا الجناح عضو المكتب السياسي السابق مصطفى معزوزي، والنائب السابق وعضو اللجنة المركزية ابراهيم بولقان، وتسعى هذه الأطراف جاهد لإقناع بقية أعضاء اللجنة المركزية بالانضمام إلى مسعاهم الرامي، إلى الإطاحة بولد عباس وتكرار نفس سيناريو تنحية الأمين العام السابق للحزب العتيد عمار سعداني، والتي تدخل ضمن سيناريو الاستقالة من المنصب، على أن يخلفه العضو الأكبر سنا طبقا للمادة 36 من القانون الأساسي للحزب.
وقالت المصادر إن أغلب المطالبين برحيل جمال ولد عباس هم الذين منعوا من الترشح في الانتخابات النيابية التي جرت يوم 4 مايو / آيار الماضي, ويبررون مطلبهم القاضي بعقد دورة طارئة للجنة المركزية للإطاحة بخليفة سعداني بالضجة التي تفجرت خلال عملية اختيار المترشحين, والحديث الذي راج حول تورط إطارات محسوبة على جمال ولد عباس في محاولة رشوة، تورط فيها حسب ما تناقلته وسائل الإعلام في تلك الفترة أحد أبناء الأمين العام للحزب الحاكم وعضوة بالمكتب السياسي, والنتيجة التي تحصل حزب جبهة التحرير الوطني في الانتخابات التشريعية الأخيرة فرغم احتفاظه بالأغلبية، إلا أنه سجل تراجع كبير عن نتائج انتخابات 2012 بحوالي 30 بالمائة من المقاعد إذ اكتفى ب161 مقعدا عوض 210 مقاعد في 2012، مقابل فوز التجمع الوطني الديمقراطي ب100 مقعد وهو ما أثار حفيظة إطارات اللجنة المركزية.
واستبعدت المصادر ذاتها إمكانية تجاوب صناع القرار، مع مطلب تنحية ولد عباس خاصة في الظرف الراهن، الذي يتزامن مع الشروع في التحضير للانتخابات المحلية تفاديا لخسارة أخرى، وبخصوص الأسماء التي تم تداولها في وسائل الإعلام مؤخرًا، والمرشحة لخلافة ولد عباس في حالة حدوث أي طارئ كسعيد بوحجة ومدني حود, نفى المصدر صحة هذه المعطيات وقال إنها مجرد حديث وإلهاء للرأي العام, قائلا " كيف يمكن تكليف السعيد بوحجة برئاسة البرلمان الجزائري وتسيير شؤون الحزب الحاكم، خاصة وأن الحزب مقبل على الاستحقاقات الرئاسية المزمع تنظيمها عام 2019 "، وعن مدنى حود قال إنه " لا يحظى بقبول في أوساط الافلان".
وفي خصم هذا الحراك الذي زادت حدته مباشرة عقب الإعلان، عن نتائج الانتخابات التشريعية, افتك ولد عباس، مؤخرًا، دعم وتأييد النواب وأمناء المحافظات الذين استنكروا في بيان لهم كافة المحاولات، التي قادها بعض أعضاء اللجنة المركزية للإطاحة بجمال ولد عباس من على رأس الأمانة العامة وتصريحات المعارضين والهادفة- على حد تعبيرهم- لزعزعة استقرار الحزب و تشويه صورته ليس إلا وكشفوا عن مساندتهم ودعمهم لولد عباس، ووجه الأمناء نداء لجميع المناضلات والمناضلين الغيورين على الحزب والملتزمين بقواعد الانضباط، والذين برهنوا للملأ من خلال تلبية دعوة القيادة الحالية في الحملة الانتخابية، الذي عبر بحق على أن حزب جبهة التحرير الوطني، هو الحزب الوحيد القادر على التجنيد والتعبئة بهذا الحجم الجامع.