غزة – محمد حبيب
أكَّد مصدر مسؤول في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى "المغرب اليوم"، أن "الحركة قرَّرت التخلي عن حكمها لقطاع غزة، في سبيل تعزيز قوتها، كحركة مقاومة، وتعزيز شعبيتها، التي تأثرت بفعل انشغالها بأمور الحكم في قطاع غزة، التي تدير شؤونه منذ الحسم العسكري في العام 2007".
وأشار المصدر، إلى أن "حماس" تتجه إلى شراكة فاعلة في النظام السياسي الفلسطيني، من خلال دمجها في منظمة التحرير الفلسطيني، تمهيدًا لقبولها دوليًّا إثر سقوط نظام "الإخوان المسلمين" في مصر، بعد أن فشلت في استعادة دعم حليفيها السابقين في طهران ودمشق".
وأوضح المصدر، أن "الحركة التي تسيطر على قطاع غزة منذ منتصف العام 2007، أجرت مراجعات للمواقف السياسية، إثر التضييق والتطورات الإقليمية، وكانت داخل الحركة إشارات واضحة بضرورة الخروج من الحكومة في غزة، وشجعت تجربة الحركة الإسلامية في تونس على اتخاذ خطوات جريئة".
وأضاف المصدر، أن "حماس" تعتبر المصالحة مع "فتح" تختلف عن اتفاقات المصالحة السابقة، بسبب سيطرة "حماس" الأمنية على قطاع غزة، وبقاء الأوضاع الأمنية على ما هي عليه بعد إتمام المصالحة في سبيل منع عودة الانفلات الأمني، مما يعني أن "حماس" ستبقى المسيطرة على الأجهزة الأمنية، الأمر الذي لا يعارضه الرئيس محمود عباس".
ولفت إلى أن "حماس" أصبحت الآن معنية جدًّا باتخاذ خطوات إلى الوراء لتتقدم في الشراكة السياسية"، مُؤكِّدًا أن "الحركة ليست لديها أيَّة مخاوف، فـ"حماس" لديها إمكانات القوة على الأرض بما فيها الأمنية والعسكرية، ويمكنها الحفاظ على شرعيتها وقدرتها حتى في تحديد الرئيس المقبل، وأعضاء البرلمان، مستفيدة من تجربة "حزب الله" في لبنان".
وأكَّد المصدر، أن "حركة "حماس" تخشى المزيد من التضييق عليها، إثر النجاح المنتظر للمشير عبدالفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية، لاسيما بعد أن كشفت التحقيقات تورّط عناصر محسوبة على الحركة الإسلامية في أحداث العنف والتفجيرات الإرهابية في مصر، وهذا فضلًا عن استمرار إغلاق معبر رفح، وردم الأنفاق، لوقف تسلّل العناصر الإرهابية".
ويأتي ذلك بعد تأكيد السيسي، أمس الأوَّل، أن "الإخوان" انتهوا، ولن يبقى لهم وجود في عهده، وهو ما ينطبق أيضًا على حركة "حماس".
من جهته، أكَّد قيادي بارز في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، على "نجاح حركته في تنفيذ برنامجها عبر الجمع بين مقاومة الاحتلال، وحماية تطلعات الشعب الفلسطيني للحرية، وتوفير متطلبات الحياة الكريمة له".
ورد النائب البرلماني، الشيخ حسن يوسف، على "اتهامات أعضاء في اللجنة المركزية لحركة "فتح"، بأن "حماس" فشلت في قيادة الشعب الفلسطيني"، قائلًا "بالتأكيد أن "حماس" بقيت محافظة على الثوابت والحقوق، وعدم التنازل أو التفريط في أي منها، رغم الحصار الأطول في تاريخ البشر، ورغم منع الغذاء والدواء والوقود وشح الماء".
وأشار يوسف، في تصريحه المنشور على صفحته في الـ"فيسبوك"، أن الحركة "حماس" انتصرت على الاحتلال في معركتين خلال 4 سنوات، واستطاعت أن تتأقلم وأن تسيّر حياة قرابة مليونين من أبناء شعبنا في تلك الظروف"، مشيرًا إلى أن "الحركة لا زالت شامخة وثابتة، ومستعدة لمواجهة كل الظروف، بما فيها زرع الرعب في قلوب المحتلين".
وقال حسن يوسف، إن "إنجازات حركته على الأرض مادية ومؤسساتية، وأهمها نشر الأمن النفسي والمجتمعي، وغير ذلك كثير"، متسائلًا "فهل هذا مؤشر فشل؟".
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر فلسطينية، أن "الخشية من سيطرة تيار النائب الفتحاوي المفصول، محمد دحلان على غزة، بعد التقارب مع حركة "حماس" دفع الرئيس محمود عباس إلى المصالحة مع حركة "حماس" في حين نفت حركة "حماس"، الأحد، ما أوردته تقارير إعلامية عن مصالحة مع القيادي المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان، أخيرًا".
ونشر نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، موسى أبومرزوق، على صفحته في الـ"فيسبوك"، أنه "إن كانت هناك إجراءات في غزة يصب معظمها لصالح تيار دحلان، لكن للحقيقة والتاريخ، فإن المطالب التي تم الاستجابة لها في غزة كانت بطلب من وفد المصالحة برئاسة القيادي في "فتح" عزام الأحمد".
وتابع أبومرزوق، "يرى البعض أن هذا كله يحدث أمام تخوف شديد من أية انتخابات تنظيمية مقبلة في "فتح"، وأمام خشية الرئيس محمود عباس من سيطرة تيار دحلان على الوضع التنظيمي لحركة "فتح"، ولاسيما في غزة؛ ما استدعى وصول الوفد القيادي الفتحاوي لترتيب الأوضاع الداخلية للحركة".
وأضاف، "على أية حال الأوضاع الداخلية والتنظيمية لـ"فتح" تخصها وحدها، لكن هناك على هامش الزيارة ملفات وطنية مفتوحة عديدة، لابد من النظر فيها، ولاسيما بعد المبادرات الإيجابية التي تقدَّمت بها "حماس" دفعًا للمصالحة وإنهاء الانقسام والسير إلى الأمام".
ومن أبرز الملفات المطروحة للحوار، هي المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي، وخطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري للتسوية، ومستقبل القضية الفلسطينية، والمصالحة الفلسطينية، واستئناف الحوار لتطبيق ما تم الاتفاق عليه والإجراءات في الضفة الغربية على المستوى الأمني في حق "حماس" ومُؤيِّديها، حسبما ذكر أبومرزوق.
وكذلك ملف استمرار فتح ورموزها وصحافيها في التحريض على "حماس" في قطاع غزة، وآخر تلك الحملات حملة وفد نقابة الصحافيين الفلسطينيين الزائر لمصر.
وتولت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مسؤولية حكم قطاع غزة منذ منتصف العام 2007، واستطاعت القضاء بشكل نهائي على الانفلات الأمني، واستخدام السلاح في المشاكل العائلية، كما وفرت آلاف فرص عمل لمواطني قطاع غزة، رغم الحصار المفروض على غزة منذ أكثر من ثماني سنوات، واستطاعت دحر العدوان الإسرائيلي في عامي 2008 و 2012.