بغداد - نجلاء الطائي
ابتدع المُصوّر الفوتوغرافي د. أكرم جرجيس، فنًا خاصًا لنفسه عن طريق الخبرات المتراكمة التي بدأها من الانطباع الأولي والأساسي التي عبر عنها من خلال العمل الضوئي بلغة خاصة وأسلوب خاص، فاللقطة عند جرجيس عبارة عن لغة بصرية تترجم من خلال العين، فتقبلها وقدمها متحركة وبعيدة عن حالة الجمود.
وقدّم جرجيس الصورة الفوتوغرافية قريبة من اللوحة التشكيلية من خلال عامل الجذب الذي قدمه بإتقان. فالصورة الضوئية عند الفنان حالة إبداعية تقترب من التشكيل بعملها الواقعي. أن أهمية التصوير لديه تأتي من خلال الزوايا الفنية التي يدخل من خلالها لعالم الصورة، فيطلق عدسته الضوئية لاقتناصها وترجمة أفكاره وتقديم مواضيعه من خلال الصورة الضوئية.
لقد عودنا د.أكرم جرجيس دائمًا من خلال صوره على البساطة والعفوية، وكل ما يبتعد عن التصنع. أي بمعنى آخر اللقطة البكر، كالطبيعة بصفائها، والطفل بعفويته والبيوت العراقية بأصالتها، والرجل الفقير والمرأة الكادحة، وهذه الأشياء بعيدة عن التصنع وتكون دائما أقرب للنفس البشرية.
لقد كان نجاح جرجيس وتطوره واستمراره في هذا المجال، من خلال عمله الدؤوب على صقل خبراته التي تتجلى من خلال أعماله المقدمة ومواضيعها المختارة، وهذا ما يفتقر إليه الكثير من مصوري اليوم. فباتت أعماله جزءاً مهما من الحراك الفني والحالة الإبداعية الفنية ليس فقط في المحيط الذي ينتمي إليه، بل للتطلع إلى رؤية شمولية تتعدى حدود المحيط الذي يعمل فيه.
لقد استطاع من خلال إمكانياته الدقيقة توصيل الرؤية الفنية للمشاهد بشكل متنوع ومتكامل، فالفن لا يقتصر على الرسم أو النحت، وإنما يشمل جميع اللقطات الفنية بأساليبها وأدواتها المختلفة والتي تفرض على إهماله التميز. ويشكل عمل الفنان المساحات الواسعة والفضاءات المهمة التي يجتمع من خلالها إبداعاته التصويرية في لوحات مختلفة يطمح من خلالها للإطلاع وصقل الخبرات، مما أوجد لنا من خلال أعماله المواضيع المختلفة بحالاتها الإبداعية، وقد برز تطوره من خلال تجاربه والاحتكاك بالثقافات الأخرى وتبادل الخبرات مع الفنانين الآخرين داخل وخارج القطر.
لقد وصف جرجيس الصورة من خلال شعوره وانطباعه العام الذي يعد جزءًا من الشعور ويعتبر هو التقييم الشخصي والنفسي حيث الشعور بالتقييم الشخصي والنقد النفسي للناقد من حيث الشعور والتوافق مع مكونات العمل، كنوع من توليف جماليات العمل ومطابقتها لشعور الناظر ولمسها لأوتار حساسة فيه، فنستطيع أن نقول هذه الصورة تعبر عن شعور دافئ صافي يعطي إحساس بالقوة والتواضع حيث أن صوره تناقش شخصيته.
وتميّز الفنان بالتصوير الفوتوغرافي وصور الخط العربي بشكل كبير، بالتناغم اللوني في كل صورة وهذا ما يزيد من إيجابياتها فقد تخطى مشكلة شذوذ الألوان والتشبع اللوني الذي يؤثر على جمال وطبيعية الصورة، وكما الإضاءة الزائدة أو المنخفضة التي بوجودها تقدم صورة غير ناجحة، وكما لم يذهب عن ذهنه الاهتمام بالجوانب التقنية والفنية التي تساهم في تلك القوة، وبذل جهوده في توجيه الصورة بطريقة تبرز موضوعها المقصود إظهاره بصورة جلية وواضحة وكما توصيل الإحساس بالرسالة التي يهدف لها مضمونها، فقدم الفنان الصورة وهي تحمل حكاية فيها الفكرة الرسالة وهذه طريقة تحمل التقنية والابتكار، فتكون الفكرة جلية للناظر والرسالة تلامس جانب من جوانب مشاعرنا. فأذن التصوير الفوتوغرافي لدى الفنان هو التقييم التقني والفني والنفسي وكذلك الضوئي.
يذكر أن د.أكرم جرجيس له العديد من المعارض الفوتوغرافية، واشترك في معارض للخط العربي، وحكم العديد من المسابقات في الفوتوغراف والتصميم والخط العربي كمسابقة خط المصحف ومسابقة منتدى فن الفوتوغراف، ومسابقة فؤاد شاكر للتصوير الفوتوغرافي، التي يقيمها منتدى فن فوتوغراف لثلاث دورات، مسابقة خط المصحف الشريف في العراق عام ٢٠١٠، مسابقة تصميم شعار النجف عاصمة الثقافة الإسلامية ٢٠١٢، مسابقة الملصق التي أقيمت في وزارة السياحة عام ٢٠١٠، كتب أطروحة الدكتوراه في سيمياء الصورة الفوتوغرافية، أشرف على العديد من بحوث طلبة الماجستير، ناقش العديد من رسائل الماجستير في جامعة بغداد وبابل.