لندن ـ كاتيا حداد
اكتشف العلماء أن الرائحة المعدنية الباهتة لجزيء دم الثدييات المعروفة باسم "E2D" تجعل بعض الحيوانات تلهث وراء غريزة الافتراس ولكنها تخيف الآخرين - بما في ذلك البشر – وتؤدي إلى تراجعهم، ولم يسبق أن كان نفس هذا الجزيء معروفا بإثارة سلوكيات عكسية تماما في مخلوقات تتراوح من ذباب الخيل إلى البشر، مما يشير إلى جذور تطورية عميقة، وجاءت ردود فعل البشر مشابهة للفئران أكثر من الذئاب، حيث يوضّح الباحثون أن ذلك يرجع لأن البشر القدماء كانوا حيوانات مفترسة انتهازية تأكل أساسا الحشرات، إن صيد الفرائس الكبيرة مثل الماموث والنمور السابرية السن هي فصول حديثة نسبيا في الملحمة البشرية.
وتستخدم الحيوانات، وخاصة الثدييات، حاسة الشم للعثور على الطعام، والتواصل مع الشركاء، والكشف عن الخطر. إن العديد من هذه المحفزات الكيميائية هي محددة لنوع واحد، أو تعمل مع الروائح الأخرى. ولكن E2D – يعتقد انه يعطي للدم رائحة معدنية - يبدو أن تكون في فئة خاصة بها. وقال المؤلف الكبير يوهان لوندستروم، عالم الأحياء في معهد كارولينسكا في السويد لوكالة فرانس برس إن "رائحة الدم تتميز بندرة عالمية"، وفي أبحاث سابقة، قام المؤلفون المشاركون في الدراسة بعزل E2D من دم الخنازير وأظهروا أن الكلاب والنمور البرية لم تنجذب إلى رائحتها بشكل أقل من الدم نفسه. وقام الفريق الجديد بتكرار تلك التجارب، وهذه المرة مع الذئاب، وحصلوا على نفس النتيجة القطيع يلعق، ويمضغ ويحمي قطعة من الخشب لطخت بعينة اصطناعية من جزيء دم كما لو كان قُتل حديثا.
وإذا كان الجزيء قد استمر عبر عشرات أو حتى مئات الملايين من السنين، كما يبرهن العلماء، وربما سيكون لهم نفس رد الفعل، ولكن ليس بنفس الطريقة. وقال الدكتور لوندستروم "لقد افترضنا أن أنواع الفرائس ستكون تحت الضغط التطوري لتصبح حساسة ل E2D، لمساعدتهم على تجنب المنطقة التي يجري فيها حمام الدم"، ومن المؤكد أن القوارض في القفص قد يخافوا من الجزيء، كما فعلوا من الأشياء الحمراء. وعندما يتعلق الأمر بالبشر، لم يكن الباحثون متأكدين مما يمكن توقعه. هل سيظهر الناس شهوة الدم أو الخوف من الدم؟
وقال الدكتور لوندستروم إنّه "لم نستطع أن نعرض الناس للرائحة فقط، بل نريد أن نعرف" كيف تشعرون؟ ". كان علينا أن نجد تدابير موضوعية لا تقوم على مشاعر ذاتية"، وأشتم 40 متطوعا رائحة ثلاثة روائح، لا توجد رائحة أفضل أو أسوأ من الآخري.
ولم يكن يعرفوا متى سيتم نشر هذه الجزيئات، ولم يعرفوا شيئا عن الدراسة أو علاقتها بالدم. وقال المؤلف المشارك ماتياس لاسكا، وهو عالم حيوان في جامعة لينكوبينغ في السويد إنّ "البشر قادرون على اكتشاف E2D بتركيزات أقل من جزء واحد لكل تريليون. هذا أمر غير شائع. وبالنسبة لغالبية الروائح التي تم اختبارها مع البشر، فإن عتبة الكشف تقع في الأجزاء لكل مليون أو المليار"، كما قام الباحثون بقياس "التعرق الجزئي" وقياس زمن الاستجابة في اختبار مرئي تشير فيه الإجابات السريعة والدقيقة إلى وجود تهديد متصور. في جميع التجارب الثلاثة، أظهرت المواد المعرضة ل E2D علامات التوتر والخوف.
ويبيّن المؤلفون أنّ "البشر يتفاعلون مثل الفئران أكثر من الذئاب وليس ذلك من المستغرب، على الرغم من أن البشر يُعتقدون أنهم من الحيوانات المفترسة الانتهازية، تشير البيانات الحيوية إلى أن الرئيسيات الأولى - أقاربنا البعيدين - كانوا أكلة حشرات صغيرة الجسم، "كما قالت الدراسة التي نشرت يوم الجمعة، إن جزيئات E2D تحدث كمنتج ثانوي عندما تتكسر الدهون في الدم عند التعرض للأكسجين في الهواء.