الرئيسية » عالم البيئة والحيوان
نظام غذائي خيالي

واشنطن - يوسف مكي

بلغ المعدّل المرعب للإفناء البيولوجي الذي تم الإعلان عنه هذا الأسبوع 60٪ من الحياة البرية للحيوانات الفقارية على الأرض منذ العام 1970 والذي يحركه في الأساس صناعة الأغذية، وتمثل الزراعة وصيد الأسماك الأسباب الرئيسية لانهيار النظم الإيكولوجية البحرية والبرية على السواء. اللحوم التي يستهلكها الأغنياء بكميات أكبر من الفقراء، هي السبب الأقوى في كل شيء. قد نهز رؤوسنا في حالة رعب من إزالة الغابات وتصريف الأراضي الرطبة وذبح الحيوانات المفترسة وقتل أسماك القرش والسلاحف بواسطة أساطيل صيد الأسماك، لكن يتم ذلك بناء على طلبنا.

ويكشف تقرير "الغارديان" الأخير الصادر من الأرجنتين، أن الغابات الضخمة في غران تشاكو تتجه نحو الإبادة إذ يتم استبدالها بزراعة مساحات من الفول الصويا، والتي تستخدمه تقريبا لإنتاج علف الحيوانات، وبخاصة في أوروبا. مع وجود جايير بولسونارو في السلطة في البرازيل، من المرجح أن تتسارع عملية إزالة الغابات في منطقة الأمازون، ومعظمها مدفوع من قبل لوبي اللحم البقري الذي ساعده على الوصول إلى السلطة، كما يتم قطع وحرق الغابات الكبرى في إندونيسيا، مثل تلك الموجودة في بابوا الغربية، لإنتاج زيت النخيل بسرعة مدمرة.
وأهم عمل بيئي يمكننا القيام به هو تقليل مساحة الأرض والبحر التي تستخدم في الزراعة وصيد الأسماك. وهذا يعني، قبل، التحول إلى نظام غذائي نباتي: حيث يظهر بحث منشور في مجلة ساينس العلمية أن التخلص من المنتجات الحيوانية سيقلل من المتطلبات العالمية للأراضي الزراعية بنسبة 76٪، كما سيتيح لنا فرصة عادلة لإطعام العالم.
نفس الإجراء ضروري لمنع الانهيار المناخي. ولأن الحكومات التي تنحني لمطالب رأس المال، قد تركته في وقت متأخر، فمن المستحيل تقريبا أن نرى كيف يمكننا وقف أكثر من 1.5 درجة مئوية من الاحترار العالمي دون سحب ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، والطريقة الوحيدة للقيام بذلك على نطاق واسع هي السماح للأشجار بالعودة إلى الأراضي التي أزيلت أشجارها، لكن هل يمكن أن نتجاوز حتى النظام الغذائي النباتي؟ هل يمكننا تجاوز الزراعة نفسها؟ ماذا لو، بدلا من إنتاج الغذاء من التربة، كان علينا إنتاجه من الهواء؟ ماذا لو، بدلا من استنادنا إلى التغذية في التمثيل الضوئي، كان علينا استخدام الكهرباء لتغذية عملية تحول ضوء الشمس إلى طعام وأكثر كفاءة بمقدار 10 مرات؟

يبدو هذا مثل الخيال العلمي، لكنه يقترب بالفعل من التسويق. خلال العام الماضي، أنتجت مجموعة من الباحثين الفنلنديين طعاما دون حيوانات أو نباتات، ومكوناته الوحيدة هي بكتيريا أكسدة الهيدروجين، والكهرباء من الألواح الشمسية، وكمية صغيرة من الماء، وثاني أكسيد الكربون المسحوب من الهواء، والنيتروجين، وكميات ضئيلة من المعادن مثل الكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والزنك. الغذاء الذي أنتجتوه من 50٪ إلى 60٪ من البروتين. الباقي كان كربوهيدرات ودهون. لقد بدأت شركة (Solar Foods) التي تسعى إلى افتتاح أول مصنع لها في عام 2021. وتم اختياره هذا الأسبوع كمشروع تحتضنه وكالة الفضاء الأوروبية.
يستخدم العلماء الكهرباء من الألواح الشمسية لتحلل المياه، وإنتاج الهيدروجين الذي يغذي البكتيريا التي تعيدها إلى الماء. خلافا لغيرها من أشكال البروتين الجرثومي (مثل Quorn)، فإنه لا يتطلب مواد خام من الكربوهيدرات وبعبارة أخرى، أي نباتات.
ربما تشعر بالرعب من هذا الاحتمال. بالتأكيد، لكن لا يوجد شيء جميل في ذلك. سيكون من الصعب تناول طعام من البكتيريا التي تعيش على الهيدروجين. لكن هذا جزء من المشكلة. لقد سمحنا للجمالية الأسطورية بتعميتنا عن الحقائق القبيحة للزراعة الصناعية. فقد تم غرسها مع صورة من الزراعة التي تبدأ في مرحلة الطفولة نحو نصف الكتب للأطفال الصغار جدا تحتوي على مزارع مع بقرة واحدة، حصان واحد، خنزير واحد ودجاج واحد، والذين يعيشون في تناغم ريفي، نحن فشلنا في رؤية القسوة الكبيره في تربية الحيوانات على نطاق واسع.. وفشلنا في فهم الفناء الكامل للأراضي والمطلوب لإطعامنا. وتضرر البيئة والأراضي الناجم عن المبيدات الحشرية. جفاف الأنهار. فقدان التربة وتقليل التنوع الرائع للحياة على الأرض وتحويله إلى نفايات رمادية.
من المرجح أن يستخدم المركب الذي أنتجه الباحثون الفنلنديون من الهواء والماء والكهرباء كمكون ضخم في الأغذية المجهزة. لكن (رغم أن هذا يتجاوز الخطط الحالية للشركة)، فهل هناك أي سبب يمنع، بعد إدخال تعديلات على العملية، من البدء في استخدام البروتينات لصنع اللحوم المستزرعة، أو الزيوت التي يمكن أن تجعل زراعات النخيل زائدة عن الحاجة؟ هل هناك أي سبب يمنعها في النهاية من استبدال الكثير مما نأكله؟
ووفقا لتقديرات الباحثين هناك حاجة إلى أقل من 20 ألف مرة من الأرض لإنشاء مصانعهم وهو أقل من ما هو مطلوب لإنتاج نفس الكمية من الطعام عن طريق زراعة فول الصويا. إن زراعة جميع البروتينات التي يأكلها العالم الآن باستخدام تقنياتهم تتطلب مساحة أصغر من ولاية أوهايو. وأفضل الأماكن للقيام بذلك هي الصحاري، حيث الطاقة الشمسية هي الأكثر وفرة، لكن هل يمكن استخدام تقنية مشابهة لإنتاج السليلوز والجنين، وهناك الكثير من الأسئلة التي يجب الإجابة عنها، والكثير من العقبات والقيود المحتملة، لكن فكر في الاحتمالات، فالسلع الزراعية، التي تستخدم حاليا تقريبا كل مساحة الأرض الخصبة للأرض، يمكن تقلصها إلى بضعة جيوب صغيرة من الأراضي غير الخصبة، فتصبح إمكانات استعادة البيئة أمرا مذهلا وتصبح إمكانات إطعام العالم شيئا مذهلا.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وزارة الفلاحة تجري قرار جديد يستهدف حماية القطيع الوطني
أحمد البواري يستمر بيقدم الدعم للفلاحين بخلفية أزمة الجفاف
الشمس تتعامد على معبد أبوسمبل ظاهرة تتكرر مرتين سنويًا
الإعصار "ميلتون" يبدأ باجتياح سواحل فلوريدا
صديقي يترأس حفل الانطلاقة الرسمية للسنة الدراسية 2024-2025 للتكوين…

اخر الاخبار

اتفاق بين جمعية جهات المغرب و”ICLEI Africa” لتعزيز التنمية…
عبد اللطيف لوديي يُؤكد أن المغرب على أعتاب تحقيق…
وزارة الداخلية المغربية تتجه لإطلاق خدمة طلب الحصول أو…
حزب الله يعلن مهاجمة قاعدتين إسرائيليتين وتجمعات للجنود

فن وموسيقى

النجمة ماجدة الرومي تُحقق نجاحاً كبيراً في حفل خيري…
المغربية فاتي جمالي تخوض تجربة فنية جديدة أول خطوة…
حاتم عمور يُؤكد أن ألبومه الجديد "غي فنان" عبارة…
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…

أخبار النجوم

شريف سلامة يكشف أسباب قلة أعمالة الفنية
حسين فهمي يردّ على انتقادات عمله بعد أيام من…
محمود حميدة يكشف سرّاً عن مشاركته في "موعد مع…
درّة تتحدث عن صعوبات تجربتها الإخراجية وسبب بكائها

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…
محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024

صحة وتغذية

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…

الأخبار الأكثر قراءة

الإعصار "ميلتون" يبدأ باجتياح سواحل فلوريدا
صديقي يترأس حفل الانطلاقة الرسمية للسنة الدراسية 2024-2025 للتكوين…
وزارة التجهيز والماء في المغرب تُعيد فتح 35 من…
المملكة المغربية تسعى لتعزيز قدرتها على توليد طاقة الرياح…
المغرب يحتفل باليوم العربي للأرصاد الجوية تحت شعار “الأثر…