الدار البيضاء ـ محمد بودن
جدّد الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى الـ42 للمسيرة الخضراء، عهده ببذل كل الجهود من أجل أن تظل الصحراء مغربية، مشددًا على الرفض القاطع لأي تجاوز أو محاولة للمس بسيادة المملكة، وأنه لا يوجد أي حل لقضية الصحراء خارج سيادة المغرب والحكم الذاتي.
وقال المحلل السياسي، ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية المؤسساتية محمد بودن، في تصرح لـ "المغرب اليوم"، على أنَّ "الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ42 للمسيرة الخضراء أكدَّ على عدد من العناصر المرتبطة بملف الصحراء، حيث أنَّ الخطاب قدم حقائق "وإن كان العديد من المتتبعين يجهلونها-، من بينها مثلا الآثار المتعلقة بخطاب الملك الراحل محمد الخامس لـ25 فبراير/شباط 1958 (خطاب امحاميد الغزلان)، وهو خطاب، قدم الملك مقتطفاً منه" يعكس على أنه كان هناك إدراك تحرري في ذلك الوقت، أي حتى قبل استقلال الجزائر واستقلالها من بين دول المنطقة".
وأكَّد بودن على أنَّ هذه الإشارة "تستبطن أولا وقوف المغرب إلى جانب الجزائر في استقلالها وكذلك تؤكد على أنَّ المغرب يمتلك حججا قوية ومتينة لا يمكن الالتفاف عليها، وأكدتها حتى عدد من الوقائع، بمعنى انَّ هناك حجج تاريخية وسياسية وأيضا جغرافية"، معتبرا "أنَّ هذه الحقائق الجديدة فيها كشف لنوايا الجزائر)النوايا التوسعية بالمنطقة)، مبرزًا في الوقت ذاته على أنَّ الخطاب يخلو من الإشارة إلى البوليساريو، وهذه إشارة واضحة على أنَّ البوليساريو تحركها الجزائر، وهي بالنسبة إلى المغرب نكرة"، على حد تعبيره.
وأضاف محمد بودن على أنَّ هناك "إشارة واضحة في خطاب الملك إلى تحمل للجزائر مسؤوليتها في القضية، لأنها طرف معني بالرغم من أنها تتعرض دائما للاعتراف بمسؤوليتها في تحريك البوليساريو، وعرقلة مسار المنطقة المغاربية".
وتابع بودن في تصريحه أنَّ "الشروط التي وضعها الخطاب الملكي، هي تأكيد على أنَّ الحل أو الحسم في الملف لا يمكن أن يكون خارج إطار السيادة المغربية، بحيث أنه نعرف بأنَّ صاحب الجلالة أكدَّ في عديد من المناسبات على اللاءات التي يجب أن تؤطر الملف، -وفعلا أكدها- مشيراً إلى تلك الشروط الأربعة التي وضعها للتعامل مع القضية".
وأفاد رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية المؤسساتية، أن الخطاب الملكي تضمن "إشارات على أنه تمت انخراط مغربي في المسلسل التفاوضي من أجل تسوية الملف، لكن هناك تقديم جواب حول عدم إمكانية مثلاُ إقحام منظمات إقليمية أو دولية في هذا الملف، الملف هو يجب أن يعالج بالمرجعية الأممية".
واسترسل بودن "ثم أنه بالإضافة إلى هذه المعطيات، هناك اشتغال مغربي على محورين أساسين، هناك المحور الداخلي متعلق بما هو تنموي وسياسي وحقوقي وكذلك أمني مرتبط بحماية السيادة، بحيث أنَّ الإشارة المتعلقة بالاعتزاز بعمل القوات المسلحة، هي إشارة على أنه تمت عمل على المستوى الداخلي من أجل حماية السيادة -يجب أن يثمن-، وهناك أيضا المسار الخارجي فيه أولا العمل بالقانون الدولي، بحيث أنَّ الخطاب الملكي كان يتضمن لغة القانون الدولي بمعنى أنه لم يكن مقتصرًا إلى إشارات سياسية، بل هناك معطيات وحقائق تستند إلى القانون الدولي".
واعتبر المتحدث أنَّ "الخطاب المركز حدد السقف السياسي للقضية في الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي"، وأنَّ الإشارة الملكية المتعلقة بوصف الملك لعدد من ساكنة مخيمات تندوف بـ"الأبناء"، هي إشارة "لها أثرها خصوصاً على مستوى تعزيز الشعور الوطني"، وفق تعبير بودن.
وختم المحلل السياسي تصريحه لـ"المغرب اليوم" بالقول على أنَّ "الخطاب أشار إلى أنَّ الثقافة لن تكون أبداً سلّماً لإثارة النّعرات فالثقافة ومن بينها الثقافة الصحراوية تبقى ملكاً للجميع"، مشدداً على أنَّ "صاحب الجلالة وضع الجميع أمام مسؤوليته".