القاهرة - المغرب اليوم
أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا «تؤثر سلباً» على عديد من الدول العربية التي يعتمد أمنها الغذائي إلى حد بعيد على المصدرين الروسي والأوكراني. ورأى أن «التفاهم» المحتمل بين واشنطن وطهران على العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة «لا يُنهي» التهديد النووي الإيراني، مطالباً إيران بوقف «المغامرات» على الأرض العربية، والكف عن استخدام المشكلات العربية كـ«أوراق ضغط» على العالم الغربي وإسرائيل.
وفي حديث مع «الشرق الأوسط» خلال وجوده في نيويورك، شدد أبو الغيط على أن استهداف السعودية من قبل ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران «أمر مفزع ومُدان»، معتبراً أن النظام الإيراني يريد منه أن يظهر أهمية رفع العقوبات عن النفط الإيراني.
وإذ أشار إلى انفتاح بعض الدول العربية على إعادة العلاقات مع الحكومة السورية، أكد أن مسألة دعوة الرئيس بشار الأسد لحضور القمة العربية في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في الجزائر، لم تُحسم بعد، مضيفاً أن «لا قرار حالياً» حول عودة سوريا إلى الجامعة، والتي «قد تتطلب سنوات».
وحض الأمين العام للجامعة العربية لبنان على «إنقاذ نفسه» عبر إجراء الانتخابات التشريعية، وإطلاق حكومة جديدة، ثم إجراء انتخابات رئاسية، بالتزامن مع التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وصولاً إلى «الإفراج عن الأموال المجمدة للمواطنين اللبنانيين».
وفيما يلي نص الحوار:
> لنبدأ من المشكلة الأكبر في العالم حالياً: أوكرانيا تشغل العالم أكثر من أي شيء آخر في هذه الأيام. أين هَمّ العالم العربي فيما يتعلق بهذه الأزمة الدولية الكبرى؟
- هي أولاً أزمة دولية كبرى تهدد الإنسانية؛ لأنها تهدد الأمن والسلم الدوليين. في أي لحظة يحصل خطأ يمكن أن تندلع حرب أوسع من الحرب الروسية- الأوكرانية. على سبيل المثال، وقعت الحرب العالمية الأولى بطريق الخطأ. حسابات كل الأطراف وقتها لم تكن تستهدف الحرب. هذه المرة الأمر كذلك. القلق هو قلق على أمن العالم.
هناك كثير من القضايا الضاغطة على العالم العربي وعلى الدول العربية. وعندما يؤخذ الاهتمام من هذه القضايا إلى قضية أخرى، فهذا يؤثر بالسلب على العالم العربي؛ لأن لدينا اهتماماً بتسوية في سوريا، وتسوية في اليمن، وتسوية في ليبيا، وتحسين للوضع في لبنان.
التأثر الثالث هو الأمن الغذائي، إذ إن هناك كثيراً من الدول العربية التي تستورد حاجاتها من أوكرانيا أو من روسيا. هذان المصدران يمدان العرب بالأقماح والغلال. وهم سيواجهون مشكلات في الإمداد. وهذا قد يؤثر بالسلب على أوضاع الاستقرار في العالم العربي، وعلى الأوضاع الغذائية في العالم العربي.
وكذلك فإن كثيراً من الدول العربية -مثلما أرصد- تتلقى سياحة أجنبية من أوكرانيا أو من روسيا. هذه السياحة ستتأثر نتيجة للضغط المالي على روسيا. وفي أوكرانيا، الوضع الإنساني مأسوي ولن يخرج أحد للسياحة.
وهناك نقطة إضافية تضع العالم العربي والدول العربية أمام كثير من الضغوط؛ لأن روسيا تطالب العرب بأن يبقوا على علاقة طيبة معها. والعالم الغربي يطالب العرب بأن يضغطوا على روسيا.
> هذا ما كنت أود أن أسأله: هل تتعرضون لضغوط من الجانبين؟
- في الجامعة العربية، أنا لا أرصد هذا؛ لكني أتصور أن كثيراً من الدول العربية، عندما يحصل تصويت في مجلس الأمن والجمعية العامة، فستتلقى هذه الدول كثيراً مما لا أسميها ضغوطاً؛ بل «طلبات» بأن عليكم أن تنصرونا، وهذه دولة صغيرة (أوكرانيا) تم الاعتداء عليها، وهكذا.
بصفة عامة، هذا وضع يجب أن ينتهي بسرعة، والعالم العربي لديه رغبة في أن ينتهي بسرعة بالتأكيد.
-- النفط والغاز العربيان
> تحدثت عن حاجات العالم العربي. ولكن لنكن صريحين: لدى الدول العربية إمكانات هائلة والعالم تبين أنه بحاجة إليها، من نفط وغاز... إلخ.
- ليس كل الدول العربية لديها هذا النفط. النفط موجود فقط في منطقة الخليج. هناك دول عربية مضغوطة، ودول عربية تحتاج إلى التفهم الدولي لمشكلتها. ومع ذلك، أتفق معك، أثبتت الأيام والتجربة في الأسابيع الأخيرة أنه فعلاً هناك حاجة إلى النفط العربي والغاز العربي. ولذلك الموقف العربي حاسم طبعاً.
> ذكرت مشكلات عديدة في المنطقة، ولعل أبرزها -إذا ابتعدنا قليلاً عن أوكرانيا رغم أن الأمور صارت كلها مترابطة- موضوع إيران الذي يشكل هاجساً كبيراً للعالم العربي، وأنت أشرت إليه خلال اجتماع مجلس الأمن، حول العلاقة بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. يبدو أن الأمور تتجه إلى نوع من العودة إلى الاتفاق النووي. ما هي الهواجس العربية فيما يتعلق بهذه العودة؟
- الهواجس العربية كثيرة. أحدها أن هذا التفاهم لا ينهي التهديد النووي الإيراني، إنما يجمده لعدة سنوات فقط. العالم العربي يحتاج إلى ضمانات مؤكدة من طرفين: من إيران ومن إسرائيل، أن التهديد بالسلاح النووي والتسلح النووي يجب أن يتم التخلي عنه. وبالتالي فإن العالم العربي على مدى 40 عاماً يطالب بإخلاء الشرق الأوسط وإعلانه منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، وهي الأسلحة الكيماوية والأسلحة البيولوجية. هذه نقطة أساسية.
النقطة الأخرى هي الأداء الإيراني في الإقليم العربي: إيران تتدخل في مشكلات عربية وفي أرض عربية، وهذا ينبغي أن يتوقف. إيران موجودة بقوة في اليمن من خلال الحوثي. إيران موجودة في سوريا بصورة ميليشيات مسلحة على الأرض السورية. هناك تأثير إيراني واضح جداً في لبنان. وهناك ميليشيات في العراق يتردد أن لديها تواصلاً مع «الحرس الثوري» الإيراني. هذا كله يجب أن يتوقف. وآمل إذا ما تم التوافق على الاتفاق النووي الإيراني، أو تم إطلاقه مرة أخرى، أن يكون هذا دافعاً لإيران لكي تتوقف عن التدخل في الإقليم؛ لأنه منذ كنت وزيراً للخارجية المصرية، من 2004 و2005 و2006، كنت أرصد أن إيران تستخدم كثيراً من المشكلات العربية كأوراق ضغط على العالم الغربي وعلى إسرائيل. وبالتالي عليها أن تتوقف.
البعد الثالث للاهتمام بهذا الأمر هو مسألة الصواريخ الباليستية والطائرات المُسيَّرة. وعلى سبيل المثال، لما انتهت سياسة «الأبارتايد» (الفصل العنصري) في جنوب أفريقيا، وحصل الأفارقة على حقهم في حكم جنوب أفريقيا عام 1994، أعلنت جنوب أفريقيا أنها تخلت عن السلاح النووي؛ لأنها كانت لديها ترسانة نووية، وكانت أجرت تجارب نووية بالمشاركة مع إسرائيل، وأعدمت كل الدراسات وكل الأوراق التي تؤشر إلى أنه كانت هناك أبحاث وكان هناك جهد يبذل وهناك قدرة نووية جنوب أفريقية. تخلوا عنها بالكامل.
وبالتالي أتصور أن إيران عليها أن تتخلى عن هذا الملف النووي. إذا وجهنا هذا السؤال لإيران، فسيردون: «ومن قال إن لدينا برنامجاً نووياً عسكرياً، ليس لدينا برنامج نووي عسكري». هناك تأكيدات وكثير من الدراسات التي تقول إن هناك ملفاً نووياً عسكرياً إيرانياً، ويزعجني على سبيل المثال أن الإسرائيليين استحوذوا على أطنان من المعلومات ومن المستندات من داخل الأرض الإيرانية تؤشر إلى هذا الكلام.
-- مليارات الاتفاق النووي
> يبدو هذا التدخل الإيراني في الشؤون العربية والصواريخ الباليستية وغيرها، كأنه موضوع جانباً في الوقت الذي تحصل فيه المفاوضات للعودة إلى الاتفاق النووي.
- المزعج والمؤسف أن المفاوضات تجري بين إيران وأربع من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا؛ لكن الدولة الخامسة، وهي الولايات المتحدة، لا تشارك، علماً بأنها على اطلاع بالكامل، وهي العنصر الحاسم والفاصل في هذا الموضوع. هذه الأطراف لا تتحدث عن المُسيَّرات أو الصواريخ الباليستية أو الأداء الإيراني. يركزون فقط على هذا الملف، بما يعني أنه لا يعنيهم كثيراً. وعندما تثير الأمر معهم، يكون الجواب: «سوف نتحدث مع الإيرانيين عندما نتوصل إلى هذا الاتفاق». هذا الاتفاق سيتيح مليارات من الدولارات المجمدة تحت اليد الإيرانية، وبالتالي سوف يطلق قدرات لدى إيران. لو كانت الأموال تستخدم في التنمية وبناء القدرات الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة، وكل ما يفيد الشعب الإيراني، فالإنسان يرحب جداً بهذا التوجه. ولكن المسألة هي المغامرات على الأرض العربية. وهذا شيء مؤسف للغاية، ويجب أن تتوقف إيران. وتحدثت أمام مجلس الأمن في هذا الموضوع تحديداً.
> في إطار هذا النفوذ الإيراني، أو هذه الهيمنة الإيرانية في عديد من الدول، أشرت إلى واحدة، وهي طبعاً سوريا التي يبدو أن ثمة توجهاً عربياً لإعادة التطبيع معها، أو إعادة العلاقات معها. شهدنا الرئيس بشار الأسد يذهب إلى أبوظبي، وهناك اتصالات على أكثر من مستوى. ما الهدف النهائي لهذه المشاورات؟ علماً بأنكم تتعرضون علناً لضغوط من الجانب الأميركي لكي لا تكملوا هذا الطريق.
- نهاية المطاف طبعاً ستكون في عودة سوريا إلى شغل مقعدها. هذا أمر طبيعي؛ لأن سوريا دولة عربية جُمدت عضويتها لوضع ما. هذا الوضع صحيح أنه لم يدخل عليه تغيير رئيسي؛ لكن مضى 11 عاماً منذ وقت التجميد. ستكون هناك عودة. متى؟ لا أعرف. ربما في القمة القادمة، وربما بعد سنوات قادمة. لا أعرف. ما أرصده كأمين عام لجامعة الدول العربية هو أن بعض الأطراف العربية من أعضاء الجامعة تبدي اهتماماً بالعودة السورية. منها دول تعلن هذا على الملأ، مثل: الجزائر، ولبنان، والعراق. وهناك دول أخرى تتحدث مع الإخوة في دمشق، وتقيم علاقة طيبة معقولة. ولكن لم أرصد أن هناك توجهاً حالياً لعودة سوريا سريعاً أو حالياً. اليوم 25 مارس (آذار). القمة القادمة في الجزائر، في الأول والثاني من نوفمبر من العام الحالي، أي أن أمامنا حوالي 8 أشهر.
-- سوريا و«دهاليز» الجامعة
> هل ستوجه دعوة للرئيس الأسد من أجل حضور القمة؟
- لا نستطيع أن نوجه الدعوة إلا بتوافق عربي- عربي. والدعوة تقدمها الدولة المضيفة التي يجب أن تتشاور وتتفاهم. لم أرصد أن هناك تشاوراً.
> ولكن أنت كأمين عام للجامعة هل ستوجه تلك الدعوة؟
- كأمين عام للجامعة العربية، يجب أن يصدر قرار من مجلس الوزراء العرب قبل توجيه الدعوة. وبالتالي حتى هذا الأمر غير مثار في دهاليز الجامعة. يتحدثون في خلفية الصورة. ولكن لم أرصد جهداً فعالاً لتحقيق هذا الهدف.
> في هذا السياق، يبدو أن هناك محاولة لإبعاد سوريا قدر الإمكان عن النطاق الإيراني أو النفوذ الإيراني.
- هو أمر منطقي للغاية وطبيعي. هناك إعادة تفكير في أنه إذا فُتح الباب، لعل هذا يبعد سوريا عن إيران. وهناك رأي آخر يقول إن هذه علاقة استراتيجية قائمة منذ الرئيس الأسد الأب ولن تتغير. الأيام هي الكفيلة بكشف هذه الحقيقة.
> إذا ذهبنا إلى اليمن، ما هي برأيك صيغة الحل في ظل وجود مبادرة من المملكة العربية السعودية؟
- والحوثيون رفضوها.
> ما أردت أن أقوله هو أن الحوثيين يبدو أنهم يستمعون أكثر إلى الإيرانيين.
- لأن التأثير عليهم من الداعم الرئيسي لهم: إيران. وبالتالي ليست من المصلحة الإيرانية تسوية أي من هذه المشكلات في الوضع الحالي، وهي لم تتوصل بعد إلى اتفاق مع «5+1». والحقيقة هي أن هذا يؤكد أن هذه المشكلات العربية هي أوراق ضغط تستخدمها إيران في مواجهتها مع العالم الغربي.
> هذا الموضوع ألا يثير المخاوف بالنسبة لك كأمين عام لجامعة الدول العربية؟
- منذ سنوات وسنوات أرصد هذا، وأنبه الجميع، وأتحدث في الأمر. ولكن الأمين العام لجامعة الدول العربية ليست لديه هذه القدرات الخارقة. هو يتحدث. ما عليه إلا أن ينبه.
> لكن الأمر يزداد خطورة؛ باستهداف السعودية والإمارات والملاحة.
- هذا أمر مفزع ومدان تماماً منذ عام 2019. عندما ترى الاقتراح يأتي من مجلس التعاون بدعوة كل هذه الأطراف، فيكون الرد بالصواريخ والمُسيَّرات على مناطق إنتاج النفط السعودي! هو يلعب لعبة أخرى، إيران تريد أن تُظهر أن النفط الإيراني يجب أن يُفرج عنه. وبالتالي هذه وسيلة ملتوية للضغط.
> هل تعني أن هدف إيران هو إفهام العالم أن هناك حاجة ملحة للنفط والغاز؟
- نعم، وبالتالي إلى الاتفاق.
> إذا كان لك أن توجه كلمة للمسؤولين الإيرانيين، فماذا ستقول؟
- عليكم أن تتفاعلوا مع العالم العربي بشكل إيجابي؛ لأن هناك علاقة تاريخية تمتد لآلاف السنوات، وليست فقط منذ بداية العصر الإسلامي في المنطقة؛ بل سبقت ظهور الإسلام. وبالتالي أظهِروا النيات الطيبة تجاه العالم العربي وتجاه العرب لكي يتجاوبوا معكم؛ لأن هذه المنطقة تحتاج إلى تنمية واقتصاد ورفع مستوى المعيشة والتطوير والتحديث، وليس للتفجيرات والمواجهات العسكرية المسلحة.
-- العراق ولبنان
> أنتقل إلى العراق؛ حيث أُجريت الانتخابات أخيراً، وقال الشعب كلمته، أنه يريد العودة فعلاً إلى الحضن العربي، وهناك جهود مساعدة من الدول المحيطة عربياً.
- أعتقد أن هذا الأسبوع يحتمل أن ينعقد البرلمان للتوصل إلى توافق على رئيس. أتمنى أن يحدث هذا.
> ما رأيك في هذا الزخم الموجود في العراق للعودة إلى الحاضنة العربية؟
- العراق موجود. وهو يتحمل مسؤولياته بالكامل تجاه الجامعة العربية، ويتفاعل بالكامل ومنذ سنوات، ولا تقيده أي أوضاع سياسية داخلية. هناك رئيس جمهورية ورئيس حكومة ورئيس برلمان، ولي لقاءات كثيرة معهم، وهم يقومون بزيارة القاهرة، وهناك تعاون كامل ودعم من قبل العراق للجامعة العربية، والعكس صحيح أيضاً. عندما يتعرض العراق لأي تفجيرات أو استفزازات، فإن الجامعة تقف معه بالكامل.
> يبدو أنك تلعبون دوراً كجامعة في لبنان. ذهب أخيراً السفير حسام زكي.
- وأنا ذهبت إلى لبنان في مارس وفبراير (شباط) مرتين. هناك تواصل مع الجانب اللبناني، وأيضاً هناك تواصل مع الأطراف العربية ذات الاهتمام بالشأن اللبناني، لتشجيعها على تحسين العلاقة مع لبنان، وبما يؤدي إلى دعم الاقتصاد اللبناني، وبما يخرج لبنان من أزمته.
-- «متفائل... بشروط» حول لبنان
> ما المطلوب من لبنان لمساعدة نفسه في هذا الموضوع؟
- حُسن النيات. الرئيس (ميشال) عون يتحدث و(رئيس مجلس الوزراء) نجيب ميقاتي يتحدث. وهناك تواصل مع دول مجلس التعاون، وعودة للسفير السعودي، ومبادرة وزير الخارجية الكويتي. وهذا كله يؤشر إلى أنه ربما تتحسن الظروف قريباً.
> أنت متفائل فيما يتعلق بلبنان؟
- عندما تسأل هذا السؤال يجب أن أرد عليه: «نعم، ولكن». نعم بشروط. شروط هي أن ينقذ لبنان نفسه أيضاً من أوضاعه الداخلية الضاغطة. لبنان يحتاج إلى انتخابات، يحتاج إلى إطلاق حكومة جديدة، إلى انتخابات رئاسية، إلى تفاوض مع صندوق النقد الدولي، إلى اتفاق جديد يحقق قدراً من التهدئة لليرة اللبنانية، إلى دعم خارجي للبنوك اللبنانية لكي تسير في المسار المطلوب؛ إلى الإفراج عن الأموال المجمدة لدى لبنان من قبل المواطنين اللبنانيين. وهذا كله يعيد لبنان مرة أخرى إلى الحاضنة العربية. ولبنان يبدي دائماً استعداده لهذا كلما التقيت سواء مع الرئيس عون أو مع الرئيس ميقاتي، أو مع رئيس البرلمان نبيه بري.
> لماذا تتجنب ذكر «حزب الله» الذي هو لب المشكلة اللبنانية؟
- لا أتدخل في الشأن اللبناني بجانب طرف على طرف. هناك قرارات في مجلس الجامعة صادرة بتوصيف «حزب الله» توصيفات لا يرضى هو عنها. ولكن هو موجود في الحكومة اللبنانية، وبالتالي لا ينبغي لي -كأمين عام للجامعة- أن أتخذ موقفاً من أحد الأطراف الموجودة في الحكم. لا ينبغي هذا تسهيلاً للتوصل إلى هذه التسويات المطلوبة.
-- «القضية الفلسطينية لا تُنسى»
> وزير الخارجية الأميركي موجود في المنطقة، في إسرائيل ورام الله والمغرب والجزائر، في جهد لتعزيز اتفاقات السلام مع إسرائيل. ويبدو أن ذلك يحصل بموازاة جهود أخرى تتعلق بأوكرانيا وغيرها من الملفات.
- المفتاح في الشرق الأوسط فيما يتعلق بالتهدئة والاستقرار والتحرك نحو تسوية فلسطينية هو فلسطين، وبالتالي الالتفاف حول التسوية الفلسطينية بتسويات عربية إسرائيلية، هذا أمر مفهوم، بمعنى أن الدول العربية ترى مصالحها في هذا الاتجاه. ولكن هذا لا يعني أن القضية الفلسطينية نُسيت. ولا ينبغي أن تُنسى. القضية الفلسطينية هي أساس كل الإشكاليات في الشرق الأوسط، ويجب السعي إلى هذا. أنا أرصد اهتماماً أميركياً بالتحدث مع الفلسطينيين. إدارة الرئيس ترمب لم تكن تفعل هذا. ولكن المشكلة هي أنكم تتحدثون مع الفلسطينيين من دون إجراءات عملية، ومن دون تحرك حقيقي؛ لماذا؟ لأن الحكومة الإسرائيلية متزمتة للغاية ومتشددة للغاية، ورئيس الحكومة الإسرائيلية صباح مساء يردد أنه ليس على استعداد لبدء التحرك أو الحديث عن السلام أو حتى التفاوض مع الفلسطينيين.
يقول: «سوف أساعدكم على رفع مستوى الاقتصاد والمعيشة»، تماماً مثلما رصدته نحو 30 عاماً مع شمعون بيريز في مؤتمرات الشرق الأوسط. هذه الإدارة يجب أن تتحرك في اتجاه تسوية حقيقية وإطلاق مفاوضات مع الفلسطينيين، وأن يكون مفهوم الدولتين هو الأساس؛ لأنه قريباً جداً بالمعيار التاريخي، أي في سنوات قليلة، سيكون عدد سكان فلسطين أكبر من الشعب الإسرائيلي في المنطقة ما بين النهر والبحر، وبالتالي ستكون دولة «أبارتايد»، أي أن هناك احتلالاً، وعنصراً مهيمناً على عنصر آخر.
هذا «الأبارتايد» لا يمكن قبوله إنسانياً أو قانونياً أو دولياً، وبالتالي ماذا سيفعل العالم عندئذ؟ عندما يبلغ عدد السكان العرب في المنطقة من النهر إلى البحر 8 ملايين، أو 10 ملايين، أو 12 مليوناً في عام 2050، وعدد سكان إسرائيل اليهود 8 ملايين أو 7 ملايين أو 6 ملايين، أي أن العرب أكثر من اليهود بنسبة 40 في المائة، ماذا ستفعلون؟
-- التفاهم في السودان
> سؤالي الأخير عن السودان ووضعه الحالي. كيف ترون المخرج؟
- التوافق الداخلي. الحديث. التفهم لرغبات القوى المعارضة، وأيضاً التفهم والحاجة إلى الاستقرار، والحاجة للجيش السوداني لكي يؤمن لهذا البلد المتسع الأرجاء أمنه واستقراره. التفاهم والتوافق والحديث والتفاوض. وأرصد بشكل متفائل أن هناك توجهاً نحو ذلك.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أبو الغيط يُحذر من تأثير صراع القوى العالمية على المنطقة العربية