الرباط_ المغرب اليوم
احتفت فعاليات ثقافية في مدينة طنجة، بالذكرى الثالثة عشرة لرحيل الكاتب والروائي المغربي محمد شكري، وهي لحظة لاستحضار هوية أدب الروائي الراحل، كعلامة بارزة من علامات الإبداع المغربي المعاصر .
ويأتي هذا الاحتفاء للوقوف على باكورة العمل الأدبي للراحل محمد شكري ومساره الأدبي الحافل، ومساهمته البارزة في فرض نوع أدبي. وإن كان أثار حوله النقاش النقدي من حيث المضمون ومن حيث الشكل، فإنه منح بعدا آخر للأدب الملتصق بفئة من المجتمع ولامس مواضيع لم يسبقه إليها الكثير من رجال القلم .
وتميز الكاتب الراحل بجذب اهتمام القارئ البسيط، كما جذب بنفس الاهتمام النقاد والباحثين الذين رأى العديد منهم في إبداعاته ملكة خاصة في وصف واقع معاش وسيرورة حياة كشفت قضايا وملامح اجتماعية، “جريئة”، اتسمت بخصوصيات أدبية صعب على الكثيرين العزف على أوتارها .
ورغم ارتباط محمد شكري، الروائي العصامي، بمدينة طنجة المنفتحة على مختلف العوالم الحضارية والإبداعية، فإنه حظي بمكانة كبيرة على الصعيد الوطني والدولي، واعتبر كأحد أعلام الأدب المغربي المعاصر، من الذين ساهموا في بناء صرح أدبي تجاوز الحدود الجغرافية إلى العالمية، حتى أضحى هذا الأدب، بما له وما عليه، “مدرسة خاصة” تتميز بطقوس أدبية ومستعملات تعبيرية عكست شخصيته “البوهيمية”، التي رفضت التنميط الأدبي والقوالب الإبداعية المعمول بها والمتفق بشأنها ضمنيا، وسعت إلى التميز والتفرد، رغم ما صاحب ذلك من توجيه انتقادات لم يعرها الأديب الراحل أي اعتبار، بل سار على الدرب الأدبي الذي اختاره لنفسه .
ولا شك أن الراحل محمد شكري خرج عن المألوف، إلا أن ذلك لم يمنع عشاق أدبه وأصدقاءه من أن يعتبروه، ليس فقط موهبة خاصة، بل “فلتة أدبية” جاد بها الأدب المغربي المعاصر، وازدانت بها مدن الشمال، لينتقل الأدب المغربي، بـ”فضله وبفضل رواد أدب آخرين”، من طابعه الوطني إلى فضاء شاسع وأرحب استوطن في كل بلاد المعمور.
ويرى عشاق أدبه أيضا أن الأديب والروائي الراحل يستحق بالفعل أكثر من التفاتة رغم مرور أزيد من 13 سنة على وفاته، كما يستحق أكثر من دراسة أكاديمية للتعريف بـ”نبوغه الأدبي” والإحاطة بكل جوانب ومواهب وعطاءات هذا الأديب الذي خرج من عمق المعاناة الاجتماعية لتخليد اسمه في الذاكرة الأدبية المغربية، وكذا استحضاره كنموذج أدبي استطاع برونق أدبي خاص أن يطبع الإبداع المغربي .
كما يرى عشاق الأديب الراحل أن الوقت لم يفت لسبر أغوار أعماله وإنتاجاته، وفتح حوار أدبي واسع يبرز مرة أخرى عطاءاته ومختلف ملامحها، ويستنطق مسيرته الأدبية التي وإن كانت موضوع اختلاف بين الكثيرين إلا أنها تبقى شعلة مضيئة من الأدب المغربي الواسع الاهتمام والروافد.
ويبقى تذكر محمد شكري مناسبة أيضا لترسيخ مبدأ الاعتراف بالقيمة الأدبية الكبيرة لمبدع “الخبز الحافي” و”زمن الأخطاء” و”مجنون الورد” و”السوق الداخلي” و”غواية الشحرور الأبيض”، والمعروف عنه إخلاصه لمدينة طنجة، التي لطالما التصق اسمه بها، وأبدع في أحضانها أعمالا حملته إلى العالمية، واستقطبت اهتمام كبار المترجمين والمهتمين بالشأن الأدبي العالمي، كمؤلف اختار الأسلوب البسيط ونهج السيرة الذاتية للتعبير عن هموم الآخرين.