غزة -المغرب اليوم
دعت فعاليات رسمية وأهلية فلسطينية اليوم (الثلاثاء) إلى تدخل دولي لرفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة وزيادات المساعدات إليه على إثر تقرير صادم للبنك الدولي بشأن تدهور الأزمة الاقتصادية في القطاع.
وحذر البنك الدولي في تقرير أصدره اليوم، من أن اقتصاد قطاع غزة في حالة "انهيار شديد" بحيث يعاني شخص من كل اثنين من سكان القطاع من الفقر.
وقال الناطق باسم وزارة الاقتصاد في السلطة الفلسطينية عزمي عبد الرحمن لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن تقرير البنك الدولي يمثل تنبيه لمدى خطورة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في قطاع غزة.
وأكد عبد الرحمن على مسؤولية إسرائيل عن التدهور الحاصل في أوضاع زهاء مليوني نسمة في قطاع غزة وما يعانوه من معدلات قياسية من الفقر والبطالة نتيجة حصارها المفروض على القطاع منذ منتصف عام 2007.
وقال عبد الرحمن إن "السبب الرئيس في تدمير الاقتصاد في غزة هو الحصار الإسرائيلي، وتقرير البنك الدولي يؤكد تقارير دولية متعددة بشأن الوضع الكارثي في القطاع".
وأضاف المسؤول الفلسطيني أن حصار إسرائيل وشنها ثلاث حروب متتالية منذ عام 2008 على قطاع غزة وما رافقه من تدمير للمنشآت الاقتصادية، إضافة إلى نقص دعم المانحين تمثل أسبابا رئيسية في حدة التدهور الحاصل في القطاع.
وقال تقرير البنك الدولي الذي نشره على موقعه الرسمي، إن معدل النمو في اقتصاد غزة بلغ سالب 6 في المائة في الربع الأول لعام 2018، والمؤشرات تنبئ بمزيد من التدهور منذ ذلك الحين.
وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد في قطاع غزة "آخذ في الانهيار تحت وطأة حصار مستمر منذ عشر سنوات، وشح السيولة في الفترة الأخيرة، وذلك على نحو لم تعد معه تدفقات المعونة كافية لحفز النمو".
وذكر التقرير أن ذلك "أسفر عن وضع مثير للقلق، بحيث يعاني شخص من كل اثنين من الفقر، ويصل معدل البطالة بين سكان قطاع غزة الذين يغلب عليهم الشباب إلى أكثر من 70 في المائة".
وسيتم تقديم التقرير المذكور إلى اجتماع لجنة الارتباط الخاصة في نيويورك بعد غد الخميس، وهو اجتماع على مستوى السياسات يُعقد مرتين كل عام لتقديم المساعدة الإنمائية إلى الشعب الفلسطيني.
من جهتها، قالت "هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار" عن غزة، إن ما جاء في تقرير البنك الدولي بشأن الأوضاع الاقتصادية في غزة "يحمل دلالات واقعية خطيرة".
وأكدت الهيئة في بيان صحفي أن التقرير المذكور "يؤكد أن غزة تعيش في كارثة إنسانية حقيقية بسبب العقوبات الجماعية التي تفرضها إسرائيل بحصارها المشدد".
واعتبرت الهيئة أن تقرير البنك الدولي "يعزز الموقف الشعبي الذي تبنته الفصائل الفلسطينية بالانتفاض في وجه الاحتلال الإسرائيلي عبر مسيرات العودة حتى رفع الحصار بشكل كامل مرة واحدة وللأبد".
وطالبت الهيئة الوطنية المؤسسات الدولية بتحرك عملي لـ"وقف جريمة الحصار الإنسانية التي يتعرض لها مليونا إنسان في القطاع وعدم الاكتفاء بالتقارير التي تصدرها المؤسسات الدولية".
كما حثت الهيئة على المزيد من الجهد في إغاثة سكان غزة ووقف سياسة التقليص التي تنتهجها مؤسسات الأمم المتحدة وتحريك القوافل الإنسانية إلى القطاع.
من جهته، وصف النائب الفلسطيني المستقل جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار على غزة تقرير البنك الدولي بـ"الهام والذي يعكس الحقيقة ويدق ناقوس الخطر".
وقال الخضري في بيان صحفي تلقت ((شينخوا)) نسخة منه، إن التقرير المذكور "وصف الحالة والواقع بشكل حقيقي، لكن هذه الأوضاع تزيد كارثية ومأساوية بشكل يومي".
وطالب الخضري الجمعية العام للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والإسراع في رصد موازنات عاجلة لإغاثة الواقع في غزة، ومنع مزيد من التدهور.
وشدد على أن هذا الواقع يمكن إنقاذه عبر سلسلة من الخطوات والقرارات تتخذ بالتوازي، يمكن أن تتعافى من خلالها غزة في حال طبقت كاملاً خلال ثلاث سنوات.
وقال إن "أبرز هذه الخطوات رفع الحصار الإسرائيلي بشكل كامل، وفتح كافة المعابر التجارية، والسماح بحرية الاستيراد والتصدير دون قيود وقوائم ممنوعات، والسماح بإدخال المواد الخام للازمة للصناعات ما سيتيح فتح المصانع المُغلقة"، مشيراً إلى أن نحو 85 في المائة من المصانع في غزة مغلقة بشكل كلي أو جزئي.
وأضاف أن "ربط غزة والضفة الغربية بالممر الآمن، وتشغيله بشكل فوري، ما يخلق حركة تجارية نشطة، وتبدأ عملية ضخ الأموال في السوق من خلال الحركة التجارية وحركة الأفراد".
وحث الخضري على ضرورة تشجيع رؤوس الأموال العربية والأجنبية على الدخول الى غزة وإقامة مشروعات تنمية مختلفة تستوعب الايدي العاملة من عمال ومهندسين وفنيين.
وقالت مارينا ويس المديرة والممثلة المقيمة للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة في التقرير المذكور "لقد تكالبت عوامل الحرب والعزلة والصراعات الداخلية، تاركة اقتصاد غزة في حالة من الشلل تفاقمت معها المحن الإنسانية".
وأضافت ويس "أنه وضع يعاني فيه الناس الأمرين لتلبية متطلبات الحياة الأساسية، ويكابدون أحوال الفقر المتفاقمة واشتداد البطالة، وتدهور الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي، وضعٌ يتطلب حلولا عاجلة وحقيقية ومستدامة".
وفيما أكدت ويس أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ منتصف عام 2007 هو المشكلة الرئيسية، فإنها أبرزت "مجموعة من العوامل أثّرت في الآونة الأخيرة على الوضع في غزة".
وأوضحت أن من تلك العوامل قرار السلطة الفلسطينية خفض المدفوعات الشهرية إلى القطاع بمقدار 30 مليون دولار، والتقليص التدريجي لبرنامج معونات الحكومة الأمريكية الذي يتراوح بين 50 مليون و60 مليون دولار سنويا، وتخفيضات لبرامج وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وجاء في التقرير أنه "لم يعد ممكنا الآن التعويض عن التدهور الاقتصادي في غزة والضفة الغربية بالمعونات الأجنبية التي هبطت هبوطاً مطرداً، ولا بنشاط القطاع الخاص الذي لا يزال يواجه عراقيل بسبب القيود على الحركة، والحصول على المواد الأساسية، والتجارة. علاوةً على ذلك، فإن تدهور أوضاع المالية العامة لا يدع للسلطة الفلسطينية مجالاً يذكر لمد يد العون".
وقال إنه "مع انخفاض التمويل الذي يقدمه المانحون وعجز عام كامل في الموازنة الفلسطينية قدره 1.24 مليار دولار من المتوقع أن تبلغ الفجوة التمويلية 600 مليون دولار".
وأضاف أنه "في ظل هذه الظروف، ثمة احتمال للتعرض لخسارة كبيرة من جراء التشريع الإسرائيلي الذي صدر في الآونة الأخيرة ويقضي بحجب إيرادات المقاصة (الضرائب وضريبة القيمة المضافة التي تحصلها إسرائيل لحساب السلطة الفلسطينية) التي تقدر بنحو 350 مليون دولار سنوياً.
وحذرت ويس من "أن تزايد مشاعر الإحباط وخيبة الأمل في قطاع غزة تغذي التوترات المتزايدة التي بدأت تتسع رقعتها بالفعل وتتحول إلى اضطرابات، وتعرقل التنمية البشرية لشريحة الشباب الكبيرة في القطاع".
وشدد تقرير البنك الدولي على ضرورة اتباع نهج متوازن في معالجة الأوضاع في غزة، بحيث يجمع بين التدابير الفورية لمواجهة الأزمة، وخطوات لإيجاد بيئة مواتية للتنمية المستدامة.
ومن بين التدابير الفورية، دعا التقرير إلى ضمان استمرار الخدمات الأساسية مثل الطاقة والمياه والصرف الصحي، والرعاية الصحية لما لها من أهمية بالغة لمصادر كسب الرزق للسكان، وللاقتصاد كي يعمل ويؤدي وظائفه.
كما دعا إلى زيادة القوة الشرائية للأسر لتمكينها من العودة إلى النشاط الاقتصادي الأساسي، وتعزيز مصادر كسب الرزق التقليدية ودعم بيئة مواتية للنمو الاقتصادي عن طريق رفع قيود إسرائيل على التجارة.