الرئيسية » تقارير خاصة
الاستثمارات في المغرب

الرباط ـ المغرب اليوم

يراهن المغرب على رفع حصة استثمارات القطاع الخاص لدعم النسيج الاقتصادي من خلال اعتماد ميثاق الاستثمار الجديد الذي يتيح منح تحفيزات مالية وضريبية، إضافة إلى تطوير وتوسعة مناطق اقتصادية خاصة في مختلف الجهات بهدف خلق فرص شغل مستمرة وتوفير منظومات متكاملة لنمو الشركات المتوسطة والصغيرة.حول هذا الموضوع، نستضيف ريتشارد بولوين، رئيس وحدة أبحاث الاستثمار بمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” (UNCTAD)، للحديث عن وضعية الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة، وهدف رفع حصة الاستثمار الخاص من الثلث حالياً إلى الثلثين بحلول عام 2035 وأهمية المناطق الاقتصادية لتحقيق هذا الطموح.

كما نتطرق في الحوار مع بولوين، وهو مُنسق التقرير السنوي حول الاستثمار العالمي الذي يصدر سنوياً عن مؤسسة “أونكتاد” الدولية التابعة للأمم المتحدة، لسُبل الرفع من الاستثمارات الأجنبية في القارة الإفريقية لدعم تحولها الصناعي، ناهيك عن تعزيز التجارة البينية والدور الذي يمكن أن تلعبه المملكة في هذا الصدد.خلال العام الماضي، جذب المغرب حوالي مليار دولار كصافي استثمارات أجنبية مباشرة، بانخفاض يُمثل أكثر من النصف على أساس سنوي، هل هذا اتجاه عالمي أم هناك أسباب أخرى؟

أعتقد أن هذا اتجاه عالمي، لقد ورد في تقريرنا عن الاستثمار العالمي لـ2023 حديثٌ عن الانخفاض في الاستثمار الأجنبي المباشر في جميع أنحاء العالم. لذلك فما سجله المغرب يتماشى مع الاتجاه العام. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نضع في الحُسبان أن الاستثمار الأجنبي المباشر مُتقلبٌ للغاية، إذ يمكن لمشروع كبير واحد أن يُسبب زيادةً هائلةً أو انخفاضاً كبيراً، لذلك من المهم أن نتفحص عدد المشاريع وتفاصيلها لتقييم الأمر.يسعى المغرب من النموذج التنموي الجديد لرفع حصة استثمار القطاع الخاص من الثلث حالياً إلى الثلثين بحلول عام 2035، هل تعتقدون أن كل الشروط لتحقيق هذا الهدف متوفرة؟

هذا أولاً يعني أن هناك الكثير من الاستثمارات الحكومية بشكل يتجاوز المعدل المُسجل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهذا ليس أمراً سلبياً، فوُجود حصة كبيرة من الاستثمارات الحكومية هو أيضاً نموذج حقق نجاحاً كبيراً في الصين ودول آسيوية أخرى. لذلك، أرى أنه من الطبيعي أن تكون حصة الاستثمارات الحكومية أكبر في البلدان الناشئة مثل المغرب مقارنةً بدول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.أعتقد أن حصة الاستثمار الخاص تزيد تدريجياً وطبيعياً مع زيادة ثروة البلاد واستدامة التنمية، وهو ما سيُساهم في نمو وتطور الشركات والرفع من استثماراتها، وهذا ما سيحصل في المغرب مستقبلاً.

بخصوص سؤالك حول مدى توفر المغرب على المتطلبات الأساسية لتحقيق ذلك، جوابي سيكون في جزأين؛ الأول هو ما قلته سابقاً بأن رفع حصة القطاع الخاص في الاستثمارات الإجمالية سيكون مساراً طبيعياً. والجزء الثاني مرتبط بمدى وُجود منظومة تسمح لمستثمري القطاع الخاص، وخصوصاً الأجانب، بالاستثمار وخلق وزيادة القدرة الإنتاجية. أعتقد أن ذلك متوفر في المغرب، خصوصاً بفضل المناطق الاقتصادية الخاصة التي تفتح أمام الشركات فرصاً للتوسع والنمو، ومن الواضح جداً أن هناك اهتماماً من جانب الشركات الصينية للاستثمار في المملكة بالنظر لقُربها من أسواق الاتحاد الأوروبي وسهولة الوصول إليها.كيف يمكن أن تساعد المناطق الاقتصادية الخاصة على جذب استثمارات أكبر؟

تُساعد المناطق الاقتصادية الخاصة كثيراً على جذب الصناعة بالقرب من المراكز الحضرية الكبرى حيث تتوفر اليد العاملة ذات المهارات العالية، وبالقرب من مراكز البنية التحتية مثل الموانئ والسكك الحديدية والطرق. كما تُساهم هذه المناطق في جذب الصناعات الكبيرة التي تتيح فرص النمو للشركات الصغيرة، هذه المناطق هي الوسيلة لربط الاستثمار الأجنبي المباشر بالاقتصاد المحلي من خلال الشركات المتوسطة والصغيرة.

أرى أن المناطق الاقتصادية الخاصة هي وسيلة تتيح للحكومة تسريع عملية خلق بيئة تمكينية للأعمال، لأن بعض الإصلاحات قد يكون من الصعب تنفيذها على نطاق واسع في البلاد، ولذلك يكون تنفيذها أسهل في منطقة محدودة مثل المنطقة الاقتصادية الخاصة. من هذا المنظور تساعد المناطق الاقتصادية بشكل كبير على تحقيق الأهداف التي ذكرتها سابقاً، وهي زيادة حصة الاستثمار الخاص وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.هناك توجه نحو الاستثمار في القطاعات الخضراء في المغرب مثل الهيدروجين الأخضر، هل تعتقد أن هذا الاستثمار يدعم نمو الاقتصاد أم إن هناك قطاعات أخرى وجب الاهتمام بها أكثر؟

الاستثمار الأخضر هو جانب مُهم للغاية للنمو المستقبلي لأن الكثير من فرص الوُصول إلى الأسواق الأوروبية بالنسبة للشركات المغربية سيكون مشروطاً، أو على الأقل متأثراً، بإمكانية وصولها إلى الطاقة الخضراء، خاصة مع المضي قُدماً في تطبيق آلية تعديل حدود الكربون (Carbon Border Adjustment Mechanism)، كما أن توجه المستهلكين أصبح مدفوعاً بمدى قيام المُصدرين من المغرب بإنتاج منتجاتهم بطريقة صديقة للبيئة. لذلك، أرى أن الاستثمار الأخضر في حد ذاته يخلق نمواً اقتصادياً.
بحسب الأرقام المتاحة من طرف “أونكتاد”، تجذب أفريقيا سنوياً 45 مليار دولار كاستثمارات أجنبية، هل تعتبرون هذا الرقم غير كاف خصوصاً في ظل الإمكانيات الكبيرة المتاحة غير المستغلة؟

إنه رقم منخفض جداً ولم ينم منذ أكثر من عقد من الزمن، لقد كُنا نتحدث عن إمكانية جذب القارة مزيدا من الاستثمارات وتسريع النمو لفترة طويلة جداً، لكن ذلك لم يحدث، ومن الواضح أن بعض العوائق تعترض تشجيع الاستثمار الأجنبي في أجزاء كبيرة من أفريقيا.طبعاً هناك استثناءات مثل المغرب وعدد من الدول التي تتوفر على مناطق اقتصادية خاصة. وعلى العموم، فإن الاستثمارات في الصناعة التحويلية هي نوع الاستثمار المطلوب لجعل القارة تنطلق حقاً في ما يتعلق بتحولها الصناعي، لكن هذا لم يتحقق بشكل صحيح بعد وهو من الأسباب التي تجعل الجهود التي تبذلها منظمة المناطق الاقتصادية الأفريقية (AEZO)، التي تم تأسيسها من طرف المركب المينائي “طنجة المتوسط”، مهمة من أجل تطوير هذه المناطق في جميع أنحاء القارة.

الحواجز الرئيسية لضعف الاستثمار في القارة الإفريقية تتمثل بالأساس في المخاطر العالية جداً التي تعيق قدوم المستثمرين الدوليين، حيث يسعون دائماً للحصول على شكل من أشكال التحوط والتغطية من خلال اتفاقيات الاستثمار الدولية وضمانات الاستثمار والدعم من القطاع الحكومي في الأسواق المحلية. لمعالجة هذا الوضع، هناك حاجة لإيجاد طرق للتخفيف من هذه المخاطر من خلال تقاسمها وتحسين البيئة المواتية للاستثمار وخلق نوع من مناخ الأعمال يشعر فيه المستثمرون الأجانب بالاطمئنان.
التجارة البينية الأفريقية منخفضة للغاية هي الأخرى، أليس كذلك؟

نعم، وهذا مرتبط إلى حد كبير بالعوامل التي ذكرتها سابقاً، بالإضافة إلى عامل البنية التحتية داخل القارة التي لا تستجيب لعدد من المعايير العالمية حتى الآن. لذلك، أرى أن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به في هذا الصدد.الملاحظ أن قطاعات التصنيع الأفريقية تُركز على التصدير إلى مناطق خارج القارة وليس في الداخل. لكن الآن مع اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية والجهود المبذولة لتحسين الاستثمار في البنية التحتية، فإن الوقت قد حان للنظر إلى فرص السوق محلياً.

بصفة عامة، فرص السوق تعتمد على مستويات الدخل ونمو فئات الدخل المتوسط من السكان، وهذا لا يزال متوسطاً للغاية في أفريقيا.ولذلك، يتم التركيز أكثر على التصدير إلى الخارج. أرى أن المغرب يمكنه أن يلعب دوراً في تعزيز التجارة البينية والخارجية لإفريقيا، فهو بوابة إلى الأسواق الأوروبية، وبوابة إلى أوروبا نحو الأسواق الإفريقية، والجهود التي تبذلها المملكة ستُساهم بلا شك في تطوير البنية التحتية الصناعية في الدول الأفريقية الأخرى.
ماذا عن اتجاهات الاستثمار عالمياً؟

بالنسبة لعام 2023، الصورة ليست وردية للغاية، لكن فيما يتعلق بالتصنيع، فهي ليست سلبية كما كنا نعتقد، حيث تم تسجيل ارتفاع طفيف في مجال التصنيع في جميع أنحاء العالم. فبعد انخفاض كبير خلال وبعد جائحة كورونا، نرى ارتفاعاً تدريجياً في هذا الصدد، وقد ترتفع الوتيرة خلال عام 2024، لكن لا يجب أن ننسى أن الظروف المالية الآن أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل سنوات قليلة لأن أسعار الفائدة أعلى بكثير، وعمليات الاندماج والاستحواذ لا تنمو وتمويل المشاريع لا ينمو كذلك، سنرى الصورة بشكل واضح في التقرير المقبل لـ”أونكتاد” المرتقب صدوره في يونيو المقبل.كخبير في مجال الاستثمار والتجارة، ما توصياتكم للمغرب لتحقيق تقدم في هذين القطاعين؟

أعتقد أن الاستمرار في تحسين البيئة التمكينية للأعمال، وإنشاء البنية التحتية الصناعية والطرقية لتعظيم فرص الوصول إلى الأسواق الأوروبية، أمران مطلوبان للغاية، إضافة إلى تعظيم الفرص المتاحة للمستثمرين الأجانب لخلق قدرة إنتاجية محلية، وهذا ما نراه من خلال تدفق الاستثمارات من دول آسيا نحو المغرب نظراً لقربه من أوروبا، وهذه الاستثمارات تجد بنية تحتية جيدة ووصولاً مناسباً إلى الأسواق، ناهيك عن يد عاملة مؤهلة، وهي الشروط التي تدعم النمو الصناعي في أي بلد.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

الأونكتاد يشيد بالتطور الملحوظ لميناء طنجة ميد في الشرق الأوسط

المغرب تحتل صدارة الدول في صادرات السلع

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

تفاصيل مراجعة الضريبة على الدخل وفرض جبايات على "ألعاب…
الحكومة تدعم أسعار البوطة والدقيق والكهرباء بـ20 مليار درهم…
ارتفاع قياسي في أسعار اللحوم بإقليم الحسيمة في ظل…
عجز الميزانية في المغرب يتراجع إلى 32.8 مليار درهم
القضاء اللبناني يُصدر مذكّرة توقيف بحق رياض سلامة بعد…

اخر الاخبار

منزل نتنياهو تعرض لسقوط قنبلتين ضوئيتين
السفير الإيراني السابق في بيروت يكشف عن اتصال نصرالله…
تعيين المغربي عمر هلال رئيساً مشاركاً لمنتدى المجلس الاقتصادي…
عبد اللطيف لوديي يُبرز طموح المملكة المغربية في إرساء…

فن وموسيقى

توتنهام ونيوكاسل يتنافسان على تين هاغ
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…
هيفاء وهبي تعود إلى دراما رمضان بعد غياب 6 سنوات وتنتظر…
المغربية بسمة بوسيل تُشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة التي تستعد…

أخبار النجوم

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
أشرف عبدالباقي يعود للسينما بفيلم «مين يصدق» من إخراج…
أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
هند صبري تكشف سر نجاحها بعيداً عن منافسة النجوم

رياضة

محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024
الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم

صحة وتغذية

نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…
هل تختلف ساعات نوم الأطفال عند تغيير التوقيت بين…
أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات…

الأخبار الأكثر قراءة

ارتفاع قياسي في أسعار اللحوم بإقليم الحسيمة في ظل…
عجز الميزانية في المغرب يتراجع إلى 32.8 مليار درهم
القضاء اللبناني يُصدر مذكّرة توقيف بحق رياض سلامة بعد…