الإبداع في حضرة الناصري

الإبداع في حضرة الناصري

المغرب اليوم -

الإبداع في حضرة الناصري

بقلم - الفنان التشكيلي فاخر محمد

تكتسب تجربه الفنان الكبير رافع الناصري بعدها التراكمي، سواء تعلق الأمر بسنوات دراسته في الصين، والاستفادة من الجانب الروحي والتقني  في فن "الكرافيك"، أو تلك التي تبعت رجوعه للعراق، وأعماله الجادة والفاعلة في تطوير تقنياته التشكيلة وأساليبه، سواء تعلق الأمر بـ"الكرافيك" أو الرسم.

رافع الناصري من الفنانين العراقيين الذين جمعوا بين جذورهم البيئية والحضارية والبصرية، واستيعابهم العمق لمشكلة الفن المعاصر، وأساليب تطوير الرؤية البصرية للشكل، فهو من جيل حاول إضافة رؤية جديدة للفن العراقي، بعد أن مهد لها الرواد، أمثال جواد سليم وشاكر حسن آل سعيد وفائق حسن، وغيرهم من الرواد الأوائل.

قيمة التأسيس التي جاءت مع أطروحات رافع الناصري الجمالية اتخذت بعدًا آخر، فاستخداماته للفضاء المحيطي ومعمارية الشكل بروح التجريد والاختلاف أكسب أعماله  روح صوفية. أكرر أنه سليل حضارة شرقية وإسلامية فاعلة، لا تصف الشيء بقدر الإيماء إليه، إنه يقدم رؤاه رمزًا، لا وصفًا، لذا أكسب أعماله طاقة اللامتناهي والامتداد روحيًا وبصريًا، ويضاف إلى ذلك حرصه الشديد في تنقية أعماله من الشوائب الزائدة، إنه يصفي الشكل، لذا نجد أعماله غاية في الأناقة والجمال، وتجريداته تخضع لعمليات صقل وتصفية ومراقبة، بحيث تخرج أعماله وكأنها مكتفية بذاتها، وهذا ينطبق على أعماله الكرافيكية والرسم.

تجربته الكبيرة وسنواته الطوال في التدريس والإبداع أثرت على جيل كامل، السنوات العشر الأخيرة من حياته، والتي شاءت الظروف أن أزوره خلالها أكثر من مره، في مشغله في عمان، شهدت إنجاز العشرات من الأعمال التجريدية المهمة، والتي تناولت اتجاهاته في معالجه السطح التصويري بروحية عالية، أم تلك التي أضافت إليها بعض الكتابات، أو مقاطع من قصائد لشعراء عرب.

رافع الناصري لم يكن يومًا بعيدًا عن كل ما حصل للعراق، أرضًا وشعبًا وحضارة، كان يخفي أوجاعه بترفع كبير، ولكن من يتأمل أعماله الأخيرة يكتشف حجم الألم الذي كان يعانيه. العملية الإبداعية كانت نوعًا من السلوى، أو تفريغ ما يمكن من حجم الألم، شوقًا لبغداد وتاريخها، أو حسرة على ما جرى للعراق، الوطن الذي لم يبارح ذاكرته، حتى الرمق الأخير.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإبداع في حضرة الناصري الإبداع في حضرة الناصري



GMT 13:35 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 12:06 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 10:49 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ضفضة_مؤقتة

GMT 11:06 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 20:08 2023 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

فلسطين بين رمضان والفصح المجيد

GMT 10:17 2023 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

مجانية الالقاب على جسر المجاملة أهدر قدسية الكلمة

GMT 11:02 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib