المهاجرون العرب بين التعايش والعزلة وأزمة الهوية

المهاجرون العرب بين التعايش والعزلة وأزمة الهوية

المغرب اليوم -

المهاجرون العرب بين التعايش والعزلة وأزمة الهوية

بقلم - سارة السهيل

يعد العرب والمسلمين من أكثر شعوب الارض هجرة وترحالا ، فالسفر جزء اصيل  في منظومة الثقافة العربية ترجمها أثر متداول  وهي "للسفر سبع فوائد ". ونقل لنا الامام الشافعي خمسة فوائد منها في أنشودته  : ـ

تغرب عن الأوطان في طلب العلى --- وسافر ففي الأسفار خمس فوائـد 
تفريـج هـم، واكتسـاب معيشـةٍ، -- وعلـمٍ، وآدابٍ، وصحبـة مـاجـد
وهذه المعاني دفعت الكثيرين من العرب للهجرة لطلب العلم واكتساب الرزق و طلب الحرية وتحقيق طموحات عديدة.

كما كانت الفترة الأخيرة في حياة الشعوب العربية أكثر فترة تجلت بها الهجرة القسرية رغبة في الحصول على مكان آمن بعيدا عن الحروب والقتل والدمار و أكثر الشعوب هجرة و لجوء في الفترة الماضية كانت من سوريا والعراق واليمن وليبيا وقد سبقهم باعوام كثيرة الفلسطينيون. 

تجارب ناجحة

عسكت تجارب الهجرات العربية بعض النجاحات الملموسة لامريكا اللاتينية، كما في هجرة السوريين واللبنانين الذين تدفقوا إليها خلال حكم الإمبراطورية العثمانية، فشغلوا  أعلي المناصب في هذه الدول بعد اندماجهم الكامل فيها .

وقدمت الجالية العربية المقيمة في أميركا نماذج ناجحة  وفازت فيها بمناصب مرموقة وتشير إحصائيات المعهد العربي الأميركي إلى أن 45%  من العرب يحمل شهادات جامعية، ويشغل 12% من العرب الأميركيين وظائف حكومية ، و يفوق معدل الدخل الفردي العربي معدل دخل الأميركي.

بين العزلة والتعايش

بينما فشلت البعض الاخر من الهجرات العربية في تحقيق الاندماج في البيئات والثقافات التي هاجروا اليها وعاشوا في شبه عزلة عن واقعهم الجديد دونما آية قدرة على التكيف  ، و تسببت أحداث 11 سبتمبر  بامريكا وتفجيرات لندن ومدريد، في عرقلة عمليات الاندماج بدول الاتحاد الأوروبي، وزادت من الهاجس الأمني، خاصة تجاه المهاجرين المسلمين والعرب.

وطبقت بعض الدول الأوروبية سياسة انتقائية لاختيار المهاجرين الجدد، و تقليل أعداد المهاجرين العرب ، خاصة مع ظهور نظرة الخوف من الإسلام ( الاسلامو فوبيا )  ، وتنامي هذا الحاجز في ظل حرص المهاجرين العرب والمسلمين الحفاظ على معطيات ثقافتهم من مأكل وملبس ومظاهر حياة اجتماعية أكثرها جيد و بعضها لا يتناسب مع واقعهم الجديد و البيئة الجديدة التي لجأوا إليها  ،من منا لا يحترم شخص لم يتخلى عن جذوره و أصله و حمل هويته معه أينما حل وارتحل ؟

فتاريخنا وحضارتنا غنيه بالإيجابيات التي نفخر بها بل ونعتز بأن ننقلها للشعوب الأخرى لتستفيد منها مثل حسن الضيافة و الكرم والتكافل الاجتماعي والروابط الأسرية المتينه وبر الوالدين والشجاعه ونصرت المظلوم وغيرها و لكن هناك بعض السلبيات في مجتمعاتنا و في فئات محدده من شعوبنا نقلت معها هذه السلبيات للدول المضيفه فهل ستؤثر سلبا على المجتمع الأوروبي ام انها ستندثر مع الزمن خاصة مع اندماج المهاجرين في بيئة صالحه للعيش الكريم .ومثال على هذه السلبيات هي العنف وعدم قبول الآخر وفرض فكر الفرد على المجموعات التي حوله وهي أمور عانت منها الدول العربية حتى وصل الحال بهم أن يتركوا ارضهم طلبا للعيش الأمن بعيدا عن نتائج هذه الأفكار والسلبيات فمن العجيب أن يرحل بعضهم هربا من هذه السلوكيات ليعود و يمارسها هو في الخارجمما ادى الى الشعوب الاوربية بدأت تنظر نظرة  سلبية  وتصوير العربي المسلم على انه ارهابي وعنيف بعد التعاطف السابق  .

فأنا اتمنى ان تذوب هذه السلبيات في أرض خصبة لتنمية مجتمع لا يحمل معاناة تفرض عليه التعصب والعدوان.

والا سيواجه المهاجرون مشكلات الاغتراب السياسي والثقافي والاجتماعي،وصعوبة الاندماج بالمجتمعات الغربية بسبب الاختلاف الثقافي والعادات والأنظمة والقوانين و الأعراف والتقاليد.

أزمة الهوية

يعاني المهاجرون العرب من  أزمة "الهوية الثقافية"  لانه يعيش تشتتا واضحا بين هويتين ثقافيتن ، الهوية الثقافية لموطنه العربي ، وهوية البلد المضيف ،وفشله في ايجاد القواسم المشتركة بين هاتين الهويتين لعبور فجوة الانا والاخر .

ومع ذلك استطاع المهاجرون تحقيق بعض الاندماج  من خلال ترويج أنماط  ثقافتهم في الموسيقي الشرقية و الطعام العربي في مقابل فشلهم الذريع في تحقيق اندماج سياسي و اجتماعي .

مواطنة .. وتهميش واقصاء

تباينت المعطيات السياسية في البلدان  الاوربية في تعاملهاها مع المهاجرين العرب بينما منحتهم بريطانيا حقوق المواطنة ، وحظي الاسلام في النمسا باعتراف أتاح للجاليات العربية هناك انخراط إيجابي في المجتمع النمساوي ، فان المهاجرين العرب في فرنسا يواجهون تحديات كبري تتعلق بالعنصرية ومشكلات الإقامة والعمل ربما بسبب بعض الممارسات الفرديه العنصرية من قبل المتشديين و الإسلاميين أو بعض العصابات المنتشرة من أصول عربية .

كما يواجه شباب المهاجرين ازمة العزوف عن الزواج و عدم تكوين عائلات مستقرة بسبب الاختلاف الثقافي ،حيث يصطدمون بواقع  مغاير لا يستطيعون استيعابه  ثقافيا وتربويا و دينيا .

ويبقي اخيرا استعادة العرب المهجرين لمكانتهم في ارض المهجر مرهون بقبول فكرة قبول الاخر وعدم الاصطدام الثقافي معه ، مثلما كان يفعل المهاجرون الاوائل في سياق تعايش الثقافات والحضارات .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المهاجرون العرب بين التعايش والعزلة وأزمة الهوية المهاجرون العرب بين التعايش والعزلة وأزمة الهوية



GMT 13:58 2021 الثلاثاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

رقي الإمارات سرها وسحرها

GMT 18:40 2021 الخميس ,29 تموز / يوليو

أفضل المدن السياحية في العالم لمحبي الثقافة

GMT 07:03 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

ولاية البيضاء تكشف تفاصيل دهس شرطي من طرف متهور

GMT 10:06 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

أهوارنا .. جنة عدن

GMT 08:41 2017 السبت ,15 تموز / يوليو

تنشيط السياحة.. والرياضة المصرية

GMT 09:44 2017 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

ملتقى بغداد السنوي الثاني لشركات السفر والسياحة

GMT 22:37 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

أنواع السياحة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib