المسكوت عنه في جرائم «البيدوفيليا»

المسكوت عنه في جرائم «البيدوفيليا»

المغرب اليوم -

المسكوت عنه في جرائم «البيدوفيليا»

توفيق بو عشرين

اعتقلت النيابة العامة بمراكش أمس مواطنا أوروبيا يشتبه في أنه «كالفان» جديد، وأن ضحاياه من الأطفال تجاوز عددهم الأحد عشر، وأن هذا السائح الجنسي المريض مر على استقراره في مراكش أكثر من سنتين، ولكم أن تتصوروا حجم نشاطه الجنسي، وعدد ضحاياه خلال هذه المدة الطويلة. هو الآن بين يدي التحقيق، لكن هذا لا يمنع من الحديث عن المسكوت عنه في الجرائم الجنسية ضد الأطفال «البيدوفيليا» في المغرب

عادة لا نتحدث، ونحن مصدومون من وحشية جرائم الاعتداء على الأطفال جنسيا، سوى عن المجرم، ولا نتحدث عن شركاء له في الجريمة وهم:

- الطرف الأول هم أسر الأطفال الذين لا يقومون بواجب حماية فلذات أكبادهم، ويتحججون بالفقر أو الجهل أو عدم المعرفة، ويتركون أطفالهم لعبة بين أيدي وحوش بشرية مغربية أو أجنبية. لقد اطلعت على صور مقززة من ملف الوحش الإسباني كالفان، الذي استفاد من عفو بالخطأ قبل سنتين عن جرائمه، ولاحظت من الصور ومن محاضر التحقيق أن الكثير من الأطفال الصغار، وبعضهم لم يتجاوز الست والسبع سنوات، كانوا يقضون وقتا طويلا في بيت المجرم كالفان بالقنيطرة، ومنهم من كان يبيت الليل عند الذئب البشري، وفيهم فتيات صغيرات يستحممن عنده ثم يتوجهن إلى بيوتهن، وهذا معناه أن الآباء والأمهات كانوا يعرفون أن أولادهم يدخلون ويخرجون من عند إسباني غريب الأطوار، يلعبون ويأكلون ويستحمون ويرجعون بهدايا ولعب وبقايا جريمة جنسية، ومع ذلك لم يحركوا ساكنا، ولم يمنعوا أطفالهم من السقوط في الفخ، ولم يسألوا عن سبب كل هذا الكرم، وهل الإسباني صاحب جمعية خيرية أم مجرد مريض بعقد نفسية؟

للعائلات مسؤولية جنائية كبيرة في مثل هذه الجرائم، ويجب مساءلة الآباء والأمهات على تقصيرهم وتقصيرهن في حماية أولادهم، والانتباه إليهم ومنعهم من السقوط في الفخ. كيف يقبل أب أو أم أن تترك ابنتها أو ابنها الصغير ساعات طويلة من النهار في الشارع أو في بيت غريب؟ كيف تستسيغ أم أو أب أن يرى المال أو اللعب أو الحلوى أو الملابس في يد طفله ولا يسأل عن مصدرها، وعن المقابل الذي أخذه الوحش من براءة الطفل مقابل كل هذا الكرم…

- الطرف الثاني الذي يتحمل مسؤولية اتساع جرائم اغتصاب الأطفال واستعمالهم الجنسي هو مؤسسة الأمن التي لا تتحرك إلا بعد وقوع الجريمة، ولا تقوم بإجراءات وقائية قبل وقوع المحظور، وهذا ما يعطي المجرمين مساحة كبيرة للتحرك، وهذا ما يفسر انتقال عدد من المرضى الجنسيين من أوروبا إلى المغرب لأنه يعتبر شبه منطقة حرة لمثل هذا النشاط، حيث لا رقيب ولا حسيب.

البعض يتسامح إلى حد ما مع «البيدوفيلي»، ويحاول تبرير ذلك بفقر الأسر أو تشجيع السياحة، أو تطبيع بعض الأوساط في المغرب مع «ثقافة الغلمان». في أوروبا وأمريكا هناك شعب أمنية خاصة لملاحقة مجرمي البيدوفيليا، وهناك حملات إعلامية قوية ضدهم، وهناك مواقع متخصصة في رصدهم وفي نصب الشباك لهم، وتعقب نشاطاتهم وتحركاتهم بالتعاون مع الجمعيات والآباء ووسائل الإعلام لأن حماية الأطفال مسؤولية وواجب الدولة والمجتمع والأسرة.

- الطرف الثالث الذي لا نتحدث عنه في جريمة البيدوفيليا هو المجتمع الذي ينقسم إلى ثلاثة أقسام تجاه هذه الظاهرة الخطيرة؛ البعض لا يبالي، ومن ثم يعتبر أن الآخرين هم المعنيون بالمشكل وليس أبناءه، ومن ثم لا يبلغ عن المجرمين، ولا يتحرك رغم استنكاره السلبي للظاهرة. والقسم الثاني من المجتمع يبرر تعاطي الأطفال للدعارة، ويطبع يوما بعد آخر مع الظاهرة بمبرر الفقر أو الجهل أو هما معا. هؤلاء لا يعون خطورة الاعتداء الجنسي على طفل، وحجم التشوهات النفسية التي يحدثها داخله. والقسم الثالث من المجتمع يأكل من دعارة الأطفال ويشجعها باعتبارها تجارة تستقطب السياح المرضى، وتشجع على الاستهلاك، ولهذا يقيم لها شبكات للوساطة والقوادة، ولا يستحيي من أكل الحرام والعار منها…

المجتمع الذي لا يعري جراحه للشمس يعرضها للتقيح، وهو ما نرى أعراضه اليوم، لهذا يجب أن نكف عن الصمت، ويجب على المشرع أن يضع منظومة قانونية صارمة للتصدي للذئاب البشرية، وعلى الحكومة والمجتمع أن يتحملا مسؤولياتهما…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسكوت عنه في جرائم «البيدوفيليا» المسكوت عنه في جرائم «البيدوفيليا»



GMT 19:50 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 19:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 19:46 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 19:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 19:39 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 19:33 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 19:30 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib