بهدوء

بهدوء

المغرب اليوم -

بهدوء

توفيق بو عشرين

يكفي البيان الذي أصدرته الحكومة، والجلسة الخاصة التي عقدها البرلمان حول الصحراء، في سابقة من نوعها، والتظاهرة الكبيرة التي خرجت في الرباط، والإجماع الحاصل على التنديد بالسلوك غير الدبلوماسي للموظف الأممي الأول، بان كي مون. لا داعي للذهاب أبعد من هذا، وفتح معركة شاملة مع الأمم المتحدة في نيويورك. مشكلتنا مع الأمين العام وليس مع الأمم المتحدة، ولهذا فإن قرار سحب المغرب تجريداته في بعثات الأمم المتحدة لحفظ الأمن قرار انفعالي غير صائب، فالمغرب يشارك في قوات القبعات الزرق في العالم، مساهمة منه في واجبات حفظ الأمن والسلم الدوليين، كواجب على دولة متحضرة، وعضو كامل في الأمم المتحدة موقع على ميثاق هذه المنظمة، وليس مجاملة للأمين العام كيفما كان.
رسالة الاحتجاج وصلت إلى الطابق الـ37 من مبنى الأمم المتحدة، وبان كي مون في أشهره الأخيرة، وبعدها سيذهب إلى التقاعد، وكبار مجلس الأمن (أمريكا، فرنسا، روسيا، إنجلترا، الصين) أخذوا علما بأن موضوع الصحراء موضوع حساس جدا في الرباط أكثر منه في الجزائر، لهذا حان وقت التهدئة والتفكير العقلاني والذكي لتوظيف جو التعبئة الداخلية والاهتمام الخارجي بموضوع الصحراء، لكن دون طلقات فارغة، ودون تشنج قد يضعف موقفنا القوي وغضبتنا المبررة على أمين عام خانه حسه الدبلوماسي أو أعار لسانه لغيره.
الأمين العام للأمم المتحدة مجرد موظف، وليس هو من يصنع القرار في مجلس الأمن، والرعونة التي تصرف بها، عندما قبل أن يمشي على رمال منطقة عازلة في الصحراء، رد عليها المغرب، وخطؤه الفادح عندما وصف الوجود المغربي في الأقاليم الجنوبية بالاحتلال، كلها رسائل اختبار من القوى الكبرى التي تقف خلفه، والتي تريد لهذا الملف أن يظل مفتوحا على الدوام لإضعاف المغرب والجزائر على السواء. إلى هنا يكفي، والعمل الآن على الأرض أولا، وفي علاقاتنا بالدول الكبرى ثانيا.
نحن من ذهبنا بملف الصحراء إلى الأمم المتحدة بعدما خرجنا من الاتحاد الإفريقي سنة 1982، وخشينا انحياز هذه المنظمة الإفريقية ضدنا، ونحن من قبلنا مبدأ الاستفتاء لتقرير المصير، ورجعنا إلى القول إنه «استفتاء تأكيدي»، لهذا، فالملف الآن في مجلس الأمن، وهو لن يحل هذه السنة ولا في السنوات القليلة المقبلة، والحكمة تقول: المشكل الذي لا تستطيع حله تعايش معه، والمرض الذي لا تستطيع علاجه تحمله.
ثاني رد قوي على بان كي مون وعلى الجزائر جاء هذه المرة من قصر الكرملين. تأملوا هذه الفقرة من البيان الختامي لثاني زيارة رسمية يقوم بها الملك محمد السادس لبلاد القياصرة. تقول الفقرة الـ14 من البيان: «تدعم روسيا الاتحادية جهود مجلس الأمن والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، كريستوفر روس، من أجل التوصل إلى حل سياسي مقبول من كلا الطرفين لمشكل الصحراء الغربية، في إطار مصالح الساكنة ووفقا لمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة». الكلمة المفتاح هنا هي «الحل السياسي»، ومعناه أن روسيا، وهي صاحبة حق الفيتو في مجلس الأمن والحليف التقليدي للجزائر، تتبنى المقاربة المغربية التي تقول بالحل السياسي وليس «القانوني» لنزاع الصحراء، أي أن روسيا اليوم ترى أن حل نزاع الصحراء ممكن داخل الحل السياسي المبني على مشروع الحكم الذاتي، ولا ترى أن الأمر ممكن داخل حل قانوني مبني على استفتاء تقرير المصير. الفقرة الثانية توضح الأمر أكثر: «وتأخذ روسيا الاتحادية، على النحو الواجب، بعين الاعتبار موقف المملكة المغربية في ما يتعلق بتسوية هذا المشكل. إن روسيا الاتحادية والمملكة المغربية لا تدعمان أي محاولة تسريع أو تسرع في الاضطلاع بالمسلسل السياسي، وكذا أي خروج عن المعايير المحددة سلفا في القرارات الحالية لمجلس الأمن. إن روسيا الاتحادية أخذت علما بالمشاريع السوسيو-اقتصادية بهدف تنمية الأقاليم وتحسين ظروف عيش الساكنة».
هذا أهم إنجاز سيرجع به الوفد المغربي من موسكو، لهذا لا داعي إلى تصعيد الموقف أكثر مع الأمم المتحدة، ولا داعي إلى نزع القبعات الزرق عن رؤوس جنودنا الذين يقومون بعمل رائع في مناطق توتر كثيرة حول العالم. وفي الأخير نهمس في أذن وزير الخارجية والتعاون بحكمة قديمة تقول: «الخادم الجيد لا ينفذ كل التعليمات».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بهدوء بهدوء



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib