دردشات «الفايس بوك»

دردشات «الفايس بوك»

المغرب اليوم -

دردشات «الفايس بوك»

توفيق بو عشرين


الفضاء الأزرق المسمى «الفايس بوك» أكثر من صفحات لنشر التعليقات والصور والدردشات.. إنه عينة أكثر من تمثيلية لتوجهات الرأي العام في اليوم كل البلدان، وهذا راجع، أولا، إلى أن أكثر من سبعة ملايين مغربي يحملون جنسية جمهورية «الفايس بوك»، وهذا رقم كبير لا يستطيع أي حزب أو إدارة أو مؤسسة أن تطل عليه كل يوم، وثانيا، لأن الرجال والنساء والشباب والكهول يعبرون عبر الفايس في الغالب بحرية عن آرائهم في السياسة والدين والجنس والاقتصاد والاجتماع والطقس والأسعار وكل جوانب الحياة، وقلما يتحفظون في الكلام، ما يجعلهم يعبرون عما يعتقدونه، وثالثا، لأن كتاب الوجوه، كما سماه الزميل العبدي، كتاب مفتوح على التفاعل وعلى السجال والرأي والرد، وهذا ما يجعل المتابع أمام غرفة دردشة يقول الناس فيها ما يعتقدونه، وسواء اتفقت أم اختلفت معهم، فإن أي مشتغل بالشأن العام يهمه أن يعرف ما يفكر فيه الناس وما هي ردود فعلهم، عليه الاهتمام بهذا «البارومتر»، خصوصا في بلاد لا تعترف باستطلاعات الرأي، ولهذا عمدت شركات عدة وحكومات كثيرة ومؤسسات مختلفة إلى إنشاء صفحات على الجدار الأزرق لمتابعة اتجاهات الرأي وسط الناس، حتى إن إدارة شركة «الفايس بوك» اليوم ومعها غوغل أصبحا أغنى أغنياء العالم بفضل ما يتوفران عليه من معطيات حول ساكنة الأرض بشأن ما يريده الناس وما لا يريدونه.. ما يستهلكونه وما لا يستهلكونه.. ما يروقهم وما لا يروقهم.. مجال تحركهم وأحوال أمزجتهم، وشبكة علاقاتهم، وطريقة تفاعلهم. إنه كنز كبير نضعه كل ثانية في حساب شركات المواقع الاجتماعية عندما نفتح لها علبة أسرارنا وكتاب سلوكنا وخارطة تنقلنا وجريدة تعليقاتنا… إنه العصر الرقمي، حيث المعلومة سلاح، والاتصال عملة، وسقوط الحدود ميزة…

اخترت لكم قضيتين لأنقل بعض ما قرأته من آراء الناس في «الفايس بوك» حولهما، ومررت عليها مرور الكرام حتى لا نملأ هذه الجريدة بمادة غزيرة من جريدة الشعب (تذكرت شعار صديقنا محمد برادة في «سابريس» الذي كان يحلم بجريدة لكل مواطن فجاء «الفايس بوك» وحقق حلم برادة، فيما خيبت الصحف الورقية آماله). 

البداية من رسالة المعارضة إلى القصر للشكوى من عبد الإله بنكيران. يقول الصديقي: «والله ما تتحشمو، الله يعطينا وجوهكم، سيرو ضّاربو مع بنكيران بعيدا عن القصر». محمد يقول: «فاتكم القطار والباخرة والطائرة وووو». رشيد يخاطب زعماء المعارضة: «لمن ستوجهون شكايتكم المقبلة.. إلى الأمم المتحدة؟». علال بالفرنسية يعبر فيقول ما ترجمته: «هل أنتم أغبياء؟ ألا تعرفون أن الملك يعلم كل ما يدور في مملكته، وأن الأجهزة تنقل له كل تفاصيل ما يجري، ثم ألا تعرفون أنه يعرف أنكم مجموعة من…». الحذف من عندي لضرورات النشر الورقي… جابر يقول: «كون الملك بقى يديها في هذه الأحزاب كون ما عمرو دار شي حاجة، والله يهديكم نوضو تخدمو ودعوا الشفوي الله يداوي». عبد الهادي متفق مع شكاية المعارضة ضد بنكيران لكن لأسباب أخرى، يقول: «كان عليكم أن تشكوا بنكيران إلى الملك لأنه يسكت عن خرق حقوق الإنسان، وعن فساد العدالة في البلاد، وعن جيوش المعطلين، وعن هداياه لبورشوة البرجوازيين، أما الشكاية ضده بسبب عبارة ‘‘الملك تعرض لضغوط لحل الحكومة’’ فهذه تفاهات الأطفال…».

القضية الثانية التي توضح أن الرأي العام في واد والدولة في واد آخر هي قضية الإحصاء، ورقم 34 مليون الذين أحصتهم المندوبية السامية للتخطيط. أكثر المعلقين لم يصدقوا الرقم لأن الناس لا يثقون في أي شيء يأتي من الدولة، حتى النشرة الجوية لا يصدقونها، ويعتبرون أن وراء درجة الحرارة واتجاه الريح ومستوى المد والجزر أمورا سياسية، ورسائل مخزنية.. المهم، جل من قرأت تعليقاتهم على الفايس قالوا عن الإحصاء: «إنه كذبة أبريل في مارس». وسيدة قالت: «34 مليون نسمة و45 مليون هاتف.. واه زيدو البشر أو نقصو الهواتف». آخر وجد السبب وراء تخفيض عدد السكان المزعوم: «المخزن لا يريد أن يصدم المغاربة بحقيقة عددهم، حتى لا يفضح المستور. كم مستشفى عنده؟ وكم من مدرسة؟ وكم شرطيا؟ وكم محكمة؟ إذا أعطاكم الرقم الحقيقي لعدد السكان، هذا معناه أنه سيفضح نفسه وعجزه عن توفير مستلزمات الحياة»… سليمة تقول بالفرنسية: «في عشر سنوات لم يولد لدينا إلا 2 مليون وشي شوية. هذه إدانة للرجال وإشهار مجاني للفياغرا»… حاجي اخترع نكتة للإحصاء تقول: «قاليك بنكيران تلاقى رئيس حكومة الصين قالو «هاذ الثلاثة وثلاثين مليون ديال المغاربة حمقوني».. قالو الصيني: «شمن قهوة كيجلسو».

هل رأيتم أنهم يعبرون عما يعتقدونه، وأنهم لا يثقون في ما يسمعونه من السياسيين والإعلاميين والمسؤولين، كبارا وصغارا، وأن الذي يريد أن يصالح المغاربة مع السياسة ومع الدولة عليه أن يحاور هؤلاء، وأن يدخل معهم إلى اللعبة الزرقاء…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دردشات «الفايس بوك» دردشات «الفايس بوك»



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib