من يخرج العثماني من ورطته

من يخرج العثماني من ورطته؟

المغرب اليوم -

من يخرج العثماني من ورطته

بقلم - توفيق بو عشرين

100 يوم بيضاء من حصيلة العمل الحكومي.. هذا العنوان لا يعكس الحقيقة، بل هي 100 يوم سوداء من عمر التجربة الديمقراطية التي شهدتها البلاد ما بعد الربيع العربي، حيث كان الأمل قائما في جيل جديد من الإصلاحات يضع البلاد على سكة تحول ديمقراطي لا رجعة فيه، لكن الذي حدث هو أن حكومة العثماني تشكلت بعيدا عن روح انتخابات أكتوبر، وبعيدا عن استقلالية القرار الحزبي، وبعد بلوكاج مدمر انتهى بزرع بذور الفرقة في أقوى حزب بالمغرب بعد الإطاحة بزعيمه، والنتيجة أن رئيس الحكومة الجديد أصبح أمام مهمة شبه مستحيلة، وهي محو خطيئة الولادة، ومحاولة استخراج شهادة ميلاد لأغلبية لقيطة.

الكتاب يُقرأ من عنوانه، وحصيلة 100 يوم الأولى من عمر حكومتنا هي عنوان بارز لأدائها من هنا إلى 2021، حيث لا أحد يعتقد أن سعد الدين سيبقى صامدا أمام كل الضربات التي تأتيه من الأعلى ومن الأسفل وعلى اليمين وعلى الشمال، حيث تلتقي أطراف مختلفة، بل ومتناقضة، على هدف واحد.. إضعافه وإفشال تجربته، لأن الغرض من استدعائه ليقود الحكومة هو ضرب شعبية المصباح، وزرع بذور الفرقة بين قادته، وإغلاق القوس الذي فتح قبل ست سنوات.. الباقي تفاصيل غير مهمة، ولعب صغير في مساحة صغيرة من القرار.

في الثلاثة أشهر التي قضاها الدكتور النفسي في المشور السعيد ارتكب كما هائلا من الأخطاء:

أولا: لم يحسن التفاوض حول تركيبة حكومته، بل لم يستطع أن ينتزع حتى هامشا صغيرا لاختيار أعضاء فريق حكومته، بل وحتى أعضاء حزبه (علمت من مصادر مطلعة أن لحسن الداودي، الوزير المنتدب في الشؤون العامة والحكامة، لم يكن مقترحا من قبل العثماني للمشاركة في الحكومة، وأن اللائحة الأولى التي رفعها إلى الديوان الملكي لم يكن ضمنها لحسن الداودي، وأن جهات أخرى طلبت من رئيس الحكومة ضم الأخير، المعروف بتناقضاته الحادة مع بنكيران، إلى الفريق الوزاري!)، هذا دون الحديث عن التقنوقراط الذين ملؤوا الحكومة، وكومندو أخنوش الذي استحوذ على الحقائب المهمة في التشكيلة الوزارية بشكل يفوق وزن حزبه الانتخابي، دعك من وزنه السياسي، فهذه قصة أخرى.. هكذا خرجت الحكومة من الخيمة مائلة.

ثانيا: أظهرت الحكومة ورئيسها عجزا كبيرا في إدارة أزمة الريف، ومنذ اللحظات الأولى لهذه الأزمة قبل العثماني أن يرجع إلى الخلف، وأن يترك وزير الداخلية يدير الملف بمعزل عن أي توجيه حكومي. وعندما احتاج لفتيت إلى غطاء لحملته الأمنية على الحراك السلمي، طرق باب فيلا رئيس الحكومة في سلا، ونادى تلفزة العرايشي، وأخرج من العثماني وقادة الأغلبية تصريحات تتهم الريفيين بالسعي إلى الانفصال والعمالة للخارج، وهو ما كان له مفعول سكب الزيت على النار. ثم بعد شهرين من هذا التصريح الذي جاء على لسانه ولسان رفاقه في الأغلبية، جاء العثماني إلى التلفزة، واعتبر أن هذا الأمر خاطئ، وما كان يجب أن يصدر عن الأغلبية، وقدم ما يشبه الاعتذار، ثم تحول من رئيس حكومة إلى وسيط ينقل رسائل التهدئة بين الدولة والشارع الريفي!

ثالثا: في التصريح الحكومي الذي قدمه أمام البرلمان، وعد العثماني باستكمال مسلسل رفع الدعم عن غاز البوتان، في محاولة لإعطاء الانطباع بأن حكومته تشكل استمرارا لحكومة بنكيران، وقبل أن ينشف المداد الذي كتب به هذا التصريح، خرج وزير الشؤون العامة للحكومة يتراجع عن وعد رئيسه، ويقول إن الحكومة ليس لديها أي تصور حول ما يجري في سوق الغاز، وإن رفع الدعم عن هذه المادة، التي تكلف الدولة 13 مليار درهم سنويا، غير وارد الآن، بل ذهب الداودي، في إطار منهجية «واش تتعرف العلم قال أعرف الزيادة فيه»، إلى حد القول إن الحكومة لا تعرف ما يجري في هذا القطاع، بمعنى أن الحكومة تختبئ وراء الجهل للهرب من أداء فاتورة إصلاح الدعم، الذي يستفيد منه ديناصورات المحروقات.

رابعا: منذ جاء إلى الحكومة، قبل ثلاثة أشهر، والعثماني يبشر تحرير الدرهم عن طريق تعويمه ضمن هامش صغير، وهو الأمر الذي أعلنه والي بنك المغرب، وكان يستعد قبل 10 أيام لتنظيم ندوة صحافية في بداية شهر غشت لإعطاء انطلاق عملية تحرير جزئية للدرهم، وبين عشية وضحاها، وبدون مقدمات ولا شرح ولا تفسير، خرج العثماني على شاشة القناتين الأولى والثانية، وأعلن تأجيل عملية تعويم الدرهم إلى أجل غير مسمى، بعدما تكبد احتياطي البلد من العملة الصعبة خسائر معتبرة، نتيجة المضاربات في السوق السوداء التي أطلقها قرار التعويم، قبل أن يتم التراجع عنه.

هذه نماذج فقط عن نوع التدبير السياسي والإداري والمالي لحكومة العثماني، وإلا فهناك نماذج أخرى كثيرة، كلها تتجمع لترسم حقائق واضحة لحكومة ضعيفة ومرتبكة وعاجزة عن تعبئة الرأي العام… السؤال الآن: هو إلى متى ستبقى هذه الحكومة صامدة في مقعدها؟ وما هي الكلفة السياسة لتسريحها؟ وما هو البديل عنها؟ وهل سيبقى العثماني متشبثا بالأوهام قبل أن تصدمه الحقائق، أم إنه سيتمرد على من يريدون له أن يلعب دور بنعرفة في مغرب الاستقلال، حتى دون أن يوافق عليه أو يكون ضمن حساباته؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يخرج العثماني من ورطته من يخرج العثماني من ورطته



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib