الرابح الأكبر

الرابح الأكبر

المغرب اليوم -

الرابح الأكبر

بقلم : توفيق بو عشرين

لم يزعجني كثيرا دفن زعيم جبهة البوليساريو، محمد عبد العزيز، في بئر لحلو وسط المنطقة العازلة بين المغرب والجزائر. هو مغربي في النهاية، ومن حقه أن يدفن في تراب مغربي، ولو كان منطقة عازلة، ولو كان الكفن جزائريا، والحضور والمعزون مليشيات عسكرية… لكن ما يزعج المرء هي التصريحات الجزائرية التي تتهم المغرب بالمشاركة في مؤامرة دولية مع فرنسا لزعزعة استقرار الجزائر وتقسيمها، وأن رحيل عبد العزيز يجب أن يكون دافعا للشعب الصحراوي لكي ليواصل الكفاح من أجل الاستقلال إلى أن يحقق النصر، كما قال رمطان لعمامرة في تشييعه للراحل بتندوف.
أي نصر سيحققه خليفة محمد عبد العزيز بعدما عجز هذا الأخير عن تحقيق أي شيء منذ 40 سنة غير تعطيل مسيرة المغرب العربي، وضياع 5.1 من نسبة النمو في البلدان المغاربية الخمسة كل سنة، وصرف المليارات من الدولارات على التسلح، وإضعاف المغرب والجزائر في المجتمع الدولي، وإطالة أمد معاناة الصحراويين في مخيمات تندوف؟
وحدها الصدفة جعلت اسمين صحراويين يحضران في مشهدنا الإعلامي في يوم واحد؛ محمد عبد العزيز الذي أجر بندقيته للجزائر، وباع قضيته للعسكر هناك مقابل جمهورية وهمية، ومحمد باهي الذي رفض عرض الرئيس الجزائري، هواري بومدين، يوم وضع أمامه رئاسة جمهورية صحراوية في قصر المرادية، فرد عليه برسالة من باريس تحت عنوان: «لا تجعلوا لينين موظفا عند فرانكو»، قال فيها للرئيس الجزائري صانع الوهم الصحراوي: «اذهب أنت وربك فقاتلا إننا هاهنا قاعدون». باهي الذي رفض جمهورية على طبق من ذهب وسلاح وخيانة في الجزائر، لم يكن مواليا آنذاك للنظام، ولم يكن معجبا بحكم الحسن الثاني، ولا كان مستفيدا من شيء، وربما كانت معارضته أقوى للقصر من محمد عبد العزيز آنذاك، لكن «عروة الزمان باهي» كان يعرف الفرق بين معارضة الحكم وموالاة الوطن، بين الخلاف بين أهل الدار والتآمر مع الأجنبي ضدهم. لقد صرخ باهي في وجه جبهة البوليساريو قائلا: «الصحراء ليست بؤرة ثورية.. إنها بئر للثروة، فلا تسقطوا في هذا الفخ».
أن نسمع نعي العدو الأول للمغرب في قناة العيون التلفزية غير مصحوب بقاموس الحرب ولا كليشيهات السبعينات والثمانينات، دليل على أن العقل المغربي استوعب الدرس. الصحراويون أبناء هذا الوطن حتى وإن جار بعضهم عليه، وإن حقوق الصحراويين في إدارة إقليمهم تحت الراية المغربية مكفولة، والوطن غفور رحيم. في المقابل، لم نسمع في تندوف غير دق طبول الحرب، وتسخين الجبهة بالخطابات النارية التي ليس من وظيفتها إلا تنشيط الآلة الدعائية الجزائرية ضد المغرب، لأهداف داخلية أكثر من أي شيء آخر، فرمطان العمامرة دبلوماسي محترف، وهو يعرف أن أحدا لن يخرج منتصرا من هذا المأزق التاريخي، لا المغرب ولا الجزائر ولا البوليساريو. تحكي النكتة المراكشية أن زبونا دخل إلى مقهى مكتظ بالزبائن المتسمرين أمام التلفاز يتابعون الكلاسيكو بين البارصا والريال، فسأل زبونا آخر يبدو غير مهتم برحى هذه المعركة: «من الرابح من الفريقين؟»، فأجاب المراكشي: «إن الرابح هو صاحب المقهى».
أصحاب المقهى اليوم، في مواجهة المغرب والجزائر والبوليساريو، هم الأمريكيون والفرنسيون، وكل القوى التي يهمها أن يبقى الجرح مفتوحا في الجسد المغاربي، وأن تبقى الفرقة والشقاق الذي يدخلون منه لإبقاء المنطقة رهينة لأطماعهم وحساباتهم وخططهم… هذا هو النصر المؤكد الذي لم يتحدث عنه وزير خارجية الجارة البعيدة عن المغرب وعن منطق العصر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرابح الأكبر الرابح الأكبر



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

الرياض - المغرب اليوم

GMT 13:35 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيمان العاصي تكشف تفاصيل مشاركتها في حفل جوائز the best
المغرب اليوم - إيمان العاصي تكشف تفاصيل مشاركتها في حفل جوائز the best

GMT 16:08 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إنستغرام تتخلص من التحديث التلقائي المزعج عند فتح التطبيق

GMT 16:24 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 06:43 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أمزازي يؤكد أن الإحباط يحدّ من الرقي بمستوى الجامعات

GMT 20:23 2017 الإثنين ,20 شباط / فبراير

محمد برابح ينتقل إلى فريق نيميخين الهولندي

GMT 01:58 2020 الإثنين ,30 آذار/ مارس

علامة صغيرة تشير إنك مصاب بفيروس كورونا

GMT 06:32 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم في إطلالة جذابة باللون الأسود

GMT 01:51 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين زفاف تُناسب شكل جسم العروس وتُظهر جمالها

GMT 14:27 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

محمود الخطيب يُشعل حماس لاعبي "الأهلي" قبل مواجهة "الترجي"

GMT 06:12 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"إيتون Eaton- واشنطن" عنوان مميَّز للفنادق الفخمة

GMT 14:01 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حياة "غريس موغابي" المرفهة تتحول إلى أمر صعب للغاية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib