انهض سي علال لترى ماذا يفعلون بحزبك

انهض سي علال لترى ماذا يفعلون بحزبك

المغرب اليوم -

انهض سي علال لترى ماذا يفعلون بحزبك

بقلم : توفيق بو عشرين

 عندما تسقط البقرة تكثر السكاكين.. هذه حكمة مغربية قديمة تنطبق اليوم على الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، المطلوب رأسه اليوم قبل الغد، لكن، ينسى المنخرطون بحماس في ضربه ليسقط قبل موعد المؤتمر، أنهم يقطعون في حزب الاستقلال أو ما بقي منه، وأن استقلاليين كثيرين أصبحوا يخجلون من ذكر انتمائهم إلى حزب «سي علال» من كثرة المهازل التي يشهدها أبو الأحزاب منذ مجيء عباس الفاسي إلى قيادته وصولا إلى أيام شباط هذه.
 
عباس الفاسي، الذي دخل في صمت القبور منذ خروجه من الوزارة الأولى، اجتمع بشباط في الليل وأسمعه كلاما حلوا، وفي النهار أصدر بيانا يتبرأ فيه من الأمين العام، ويدافع عن فواد عالي الهمة، ويعتبر أن خروج الاستقلال من حكومة بنكيران الأولى كان قرارا غير مفهوم. توقيت البيان ولغته وموضوعه كلها تظهر أن عباس يرفع يده عن شباط، ويتبرأ منه في توقيت حساس، ويقول للمخزن: «إذا أردتم قتله سياسيا فدمه حلال عليكم». حدث هذا يوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء خرج توفيق احجيرة ببيان ثانٍ يمشي في الاتجاه نفسه، وينتقد تصريحات الأمين العام التي اكتشف رئيس المجلس الوطني خطورتها متأخرا، أي بعد يومين من وقوفه خلف شباط والناطق الرسمي باسم الحزب هو يقرأ بيان الرد على وزارة الخارجية، ويرفض التطاول على مؤسسات الحزب وأمينه العام. لماذا بلع احجيرة لسانه في اجتماع اللجنة التنفيذية، ثم أطلق قلمه للتضامن مع موريتانيا ومهاجمة الأمين العام للحزب؟ هذا سؤال لا يحتاج إلى إجابة. هذا، ومازال المتابعون ينتظرون على أمل قراءة بيانات مماثلة بتوقيع ياسمينة بادو وكريم غلاب.
 
تعرض حزب الاستقلال منذ تأسيسه قبل 80 عاما لحروب شتى في زمني الاستعمار والاستقلال، لكنه بقي صامدا في وجه الإعصار حتى مات الزعماء الكبار، أو انسحب من بقي منهم، وجاء خلف ركبوا قطار الحزب وتخلوا عن مبادئه، فصار حزب علال الفاسي سلما للارتقاء الاجتماعي، ومصعدا للوصول إلى الكراسي، وجماعة ضغط تدافع عن مصالح صغيرة في حزب كبير.
 
الآن أبو الأحزاب لا يتعرض للضرب والتضييق، فهذا تحصيل حاصل. الحزب اليوم يتعرض للإهانة، والغرض هو تصفية ما بقي من تركته، وإعلان خبر وفاته في وسائل الإعلام الرسمية، حتى لا يعود صالحا لشيء، لا للمعارضة ولا للحكومة… كل هذا يجري بمشاركة بعض أبنائه، وتعاونهم على هذه المهمة التي عجز عنها المخزن، فتطوع أبناء الدار للقيام بها خوفا أو طمعا أو جهلا.
 
منذ انسحاب امحمد بوستة من رئاسة الحزب، وصعود عباس الفاسي مكان امحمد الدويري، الذي أخذه بوستة في يده إلى التقاعد القسري، والحزب يتعرض لمحاولة تجريف سياسي كبير، انتهت بسقوط الحزب في يد نقابي شعبوي مثل ما تسقط الثمرة الناضجة لوحدها من الشجرة. هكذا صنع شباط مؤسسات حزبية على المقاس، وقرب الأتباع، وأبعد كل ذي رأي أو تجربة أو شخصية، حتى أصبح الحزب يحكم من قبل ثلاث عائلات لا أكثر؛ الأولى عائلة شباط نفسه، والثانية عائلة ولد الرشيد في الصحراء، والثالثة عائلة قيوح في سوس، ثم راح الزعيم الجديد يتزحلق فوق موج السياسة بعقلية «السمسار» الذي يبيع ويشتري في كل شيء، وهمه الأول ماذا يربح وماذا يخسر، أما الباقي فمتروك لقانون العرض والطلب.
 
عندما كان شباط يعزف على لحن المخزن، ويرقص مع البام، ويخرج لسانه الطويل ضد بنكيران، ويبادل الدولة العميقة العشق، كان محميا ومقبولا، بل ويمثل نموذجا لباقي الأحزاب الأخرى (لا تنسوا أن لشكر صنع على قالب شباط، وأنهما معا كانا محط رهان سياسي لخلق خصوم شعبويين لبنكيران)، لكن كل شيء تغير عندما انقلب شباط 180 درجة بفعل إحساسه بالغبن، لأن الدور الذي عهد إليه كان صغيرا على مقاسه (أريد لشباط أن يلعب دور كومبارس في فيلم من بطولة البام). هنا انقلب كل شيء، وصار رأس شباط مطلوبا اليوم قبل الغد، وازداد الطلب على هذا الرأس عندما تصور بنكيران أنه سيدفئ كتفيه بحزب الحركة الوطنية، وسيجعل منه حليفا كبيرا اتقاء لمناورات أحزاب الإدارة.
 
الآن فقط صار شباط متهورا وغير مسؤول وشعبويا، وتلتقي تصريحاته مع خطط أعداء الوطن، أما عندما كان يملأ الدنيا صراخا وهو يشوش على التجربة الديمقراطية الهشة، فقد كان مناضلا للقرب ورجل المرحلة… في كل هذا المسلسل المدمر للأحزاب الوطنية نرى مستفيدا واحدا يرقص فوق الركام.. إنه الفراغ السياسي الذي تخرج الوحوش من رحمه.
 
أيها السادة، الديمقراطية هي دولة الأحزاب، ولا وجود لحكم قوي بأحزاب ضعيفة. الطريق طويلة، والحفر كثيرة، ولهذا يحتاج من يحكم إلى garde-fous للوقاية من مفاجآت الرحلة ومصاعب الطريق.

المصدر : صحيفة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انهض سي علال لترى ماذا يفعلون بحزبك انهض سي علال لترى ماذا يفعلون بحزبك



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 03:28 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

يستقبل الرجاء الكوديم والوداد يواجه الفتح

GMT 03:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تواركة يعمق جراح شباب المحمدية

GMT 08:39 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها

GMT 02:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تسعى لشراء قمح في ممارسة دولية

GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 00:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

دبي تعلن عن أكبر صفقة عقارية هذا العام بأكثر من 137 مليون دولار

GMT 15:58 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يسدد ديون الضمان الاجتماعي

GMT 06:55 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل بروتين لشعرك من "المواد الطبيعة"

GMT 01:31 2023 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

آرون رامسديل يتعرض للانتقادات في آرسنال

GMT 20:41 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

غرف نوم باللون التركواز
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib