مخاطر بلا تأمين

مخاطر بلا تأمين

المغرب اليوم -

مخاطر بلا تأمين

بقلم - توفيق بو عشرين

هل نعيش تحت سقف أزمة سياسية في المغرب منذ إعلان نتائج اقتراع السابع من أكتوبر؟ وجهنا هذا السؤال إلى أكثر من 60 شخصية، منهم وزراء وبرلمانيون وقادة حزبيون وفاعلون مدنيون وحقوقيون ومثقفون وصحافيون من كل الاتجاهات السياسية والفكرية التي تتحرك في البلاد… من أصل 60 شخصية، التي اتصلنا بها أثناء إعداد الملف الموجود في هذا العدد (من الصفحة 9 إلى الصفحة 13) حاملين سؤالا واحدا مفتوحا، لم يجب عن هذا السؤال سوى 22 مستجوبا، فيما امتنع الآخرون عن الجواب لاعتبارات مختلفة، لكن اللافت أن وزراء حكومة العثماني جميعهم فضلوا إغلاق أفواههم، وعدم الجواب حتى بالنفي بشأن وجود أزمة سياسية في البلد، وهذا يكشف درجة الحيرة التي تستبد بهذه الحكومة غير القادرة حتى عن الدفاع عن فريقها، ومشروعية العمل الذي تقوم به، وهذا مفهوم، وإن كان غير مقبول، فجميع الوزراء استمعوا إلى خطاب العرش الذي جردهم من «المشروعية» ولا يعرفون ما هو مصيرهم، لذلك يفضلون الانتظار، وعدم الإدلاء بأي كلمة قد تفهم أو تؤول ضدهم، ولهذا، قال الصحافي المخضرم، حميد برادة، في شهادته: «المشكل ليس في المخزن المتسلط، المشكل في المخازنية، من مسؤولي الأحزاب الذين يتقاعسون عن تحمل مسؤولياتهم، وينتظرون المبادرة من الأعلى».

الأزمة السياسية في عناوين مختصرة، «وكل واحد يكمل من راسو»، تتجلى في أن الدولة لم تقبل نتائج اقتراع السابع من أكتوبر، رغم أنها هي التي أشرفت عليها، وهي التي وضعت قواعد التنافس فيها، وهي التي دعمت حزبها. البلوكاج السياسي جمد نشاط مؤسسات الدولة لمدة ستة أشهر، والغرض كان هو منع بنكيران من تشكيل حكومة قوية. حراك الريف دخل شهره الـ11 دون وجود حل على الطاولة. حكومة العثماني ولدت من أغلبية مخدومة، ولم تقنع أحدا بمشروعيتها إلى الآن. الدولة دخلت في حرب مفتوحة مع شباط، والقصف أتى على ما بقي من حزب سيدي علال. حزب العدالة والتنمية تعرض لزلزال سياسي كبير، والآن جزء منه في الحكومة وجزء في المعارضة، وأصبح رهان مؤتمر المصباح هو التمديد لبنكيران الذي تعرض للإهانة. في السبعة أشهر الأولى من هذا العام لم تستقطب البلاد سوى 1,2 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية، وهذا رقم تستقبله مدينة صغيرة في إسبانيا أو البرتغال أو تركيا. حزب البام قطع رأسه وهو ضال الآن يبحث عن بوصلة ترشده. الملك نفسه طرح على شعبه سؤالا خطيرا في خطاب الجلوس على العرش، قال فيه: «ما الجدوى من وجود مؤسسات، وإجراء انتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء والولاة والعمال والسفراء والقناصلة، إذا كانوا هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر». انتهى الكلام في الأزمة، بتعبير بنكيران.

العثماني -كان الله في عونه- يبحر ضد التيار، ويتصرف وكأن الأزمة السياسية التي أتت به هو نفسه إلى رئاسة الحكومة سحابة صيف ومرت، وأنه سيعوض فقر السياسة في حكومته بسرعة الحركة في تدبير بعض الملفات، وتحسين الحكامة في الإدارة، والقيام ببعض الرتوش إلى أن تستعيد الحكومة عافيتها، لذلك، سيخرج يوم الثلاثاء إلى الإعلام لعرض شيء قريب من حصيلة 100 يوم من عمل الحكومة، مع أن الحصيلة الوحيدة التي يراها كل مبصر هي «الحصلة» التي يوجد فيها الجميع، نظاما ومجتمعا، أحزابا ونقابات، والثمن تؤديه الفئات الهشة من لحمها الحي.

الأزمة السياسية ليست جديدة على المغرب، لكن الجديد هذه المرة أن هامش المناورة ضاق، وصبر الناس ضاق، وأفق الأمل ضاق، ومصداقية الوسطاء السياسيين تبخرت مع ريح التلاعب باستقلالية الأحزاب، وتأجيل الإصلاحات الهيكلية للدولة، وإبعاد الدستور عن أن يكون وثيقة مرجعية في الحياة السياسية وخارطة الطريق للقرار العمومي، وإقفال قوس الربيع المغربي الذي أطل قبل ست سنوات، وأعطى المغاربة أملا في إصلاح هادئ من الداخل بلا زوابع ولا عواصف ولا دماء ولا فتنة.. وها نحن الآن نواجه غضب الشارع والأزمة الاجتماعية الخانقة واحتجاجات الشباب بقوات الحموشي والقانون الجنائي وزنازين التامك، فيما الحكومة عاجزة، والسياسة غائبة، والوسطاء الاجتماعيون «الله يجيب»، وفوق هذا تتعمد السلطة اقتباس خطاب المعارضة، وكأنها غير مسؤولة عن تدبير الشأن العام، والنتيجة تعطيل مسار النضج الديمقراطي، وتكريس الأزمة الاقتصادية، وفتح الاستقرار على مخاطر عالية لا تقبل أي شركة تأمين بتغطيتها.

البلاد في أزمة، والأخطر من هذه الأزمة عدم الاعتراف بها أو العجز عن رؤيتها والعجز عن استباق مآلاتها… وظيفة السياسي هي أن يرى الأخطار عن بعد، وإلا فإنه يصبح مثل ذلك الهائم في الصحراء الذي لا يبحث عن الماء حتى يشعر بالعطش.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخاطر بلا تأمين مخاطر بلا تأمين



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib