عقاقير للتخلص من ألم رأس اسمه بنكيران

عقاقير للتخلص من ألم رأس اسمه بنكيران

المغرب اليوم -

عقاقير للتخلص من ألم رأس اسمه بنكيران

بقلم : توفيق بو عشرين

وماذا بعد.. أكملت البلاد شهرها الخامس، ودخلت في الشهر السادس بدون حكومة ولا برلمان ولا مؤسسات. كل شيء معلق على شماعة اسمها «البلوكاج»، ظاهرها اختلاف الأحزاب السياسية بشأن تركيبة الأغلبية، وباطنها رفض الدولة نتائج اقتراع السابع من أكتوبر، لنسمِّ الأشياء بمسمياتها، ونبتعد عن لغة الخشب التي لم تعد تلقى رواجا لدى الرأي العام، الذي مل الحديث عن مسرحية البلوكاج، وجملة: «أنتظر من أخنوش أن يرد علي وبعدها سأرفع الأمر إلى صاحب الأمر»، كما يقول ويردد رئيس الحكومة مع وقف التنفيذ، عبد الإله بنكيران.

لقد خسرت البلاد آلاف مناصب الشغل طيلة سنة من توقف العمل الحكومي (ستة أشهر قبل الانتخابات وستة أشهر بعد الانتخابات)، وخسر اقتصاد البلاد مليارات من الدولارات من الاستثمارات الداخلية والخارجية، وأكثر من هذا جرى المساس بالصورة التي كانت لدى المغرب في الخارج، باعتباره استثناء من القاعدة العربية، وبلادا تجرب طريقا ثالثا للإصلاح الديمقراطي في ظل الاستقرار.

سمعت سفيرا مغربيا في أوروبا يقول: «دبلوماسيتنا في الخارج لا تبيع سوى صورة البلد المستقر الذي يسير على سكة التحول الديمقراطي بثبات وسلاسة، وإذا جرى المساس بهذه الصورة فإننا سنخسر الكثير الكثير».. من يسمع مزاميرك يا داود.

بدأت معالم واحد من السيناريوهات تنجلي لعلاج «صداع الراس» الذي تسبب فيه بنكيران للسلطة، عندما ركب على ظهر الشارع قبل خمس سنوات، وتحول إلى زعيم سياسي، بما له وما عليه.. سياسي ملكي نعم، لكن على طريقته.. محافظ، لكنه إصلاحي.. يعرف قواعد دار المخزن، لكنه يعرف أهمية الشارع.

السيناريو مبني على إعادة الانتخابات في أكتوبر أو نونبر المقبلين، والاشتغال بحكومة تصريف الأعمال هذه إلى غاية حلول موعد الانتخابات الجديدة، والغرض من تمطيط عمر البلوكاج هذا هو إصابة أربعة عصافير بحجر واحد؛ العصفور الأول هو إعطاء وقت كافٍ لأخنوش من أجل ترميم الآلة الانتخابية لحزبه، وإعادة استقطاب الأعيان إلى بيت الزرق، وهذا ما شرع فيه الملياردير منذ شهرين، حيث استقطب وجوها من عالم الرياضة والإدارة والتجارة وتربية الأبقار… وبدأ يتحدث عن عدد الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها كل واحد من هؤلاء، وهذا مؤشر دال على أن عين أخنوش على انتخابات قريبة، فالمعروف أن الآلة الانتخابية la machine électorale في المغرب لا تبنى على بعد خمس سنوات من الانتخابات، لأنها ستتعرض للتلف أمام المتغيرات الحاصلة في المشهد السياسي.

العصفور الثاني المستهدف من وراء تمطيط عمر البلوكاج هو ضرب التصويت السياسي الذي ظهر جليا في انتخابات 2011 و2015 و2016، والذي بدأ يؤشر على سلوك انتخابي عقلاني يربط بين الصوت والرأي، فكلما طال عمر مسرحية البلوكاج، تتصور السلطة أن الناس يملون من متابعة السياسة، ويقنطون من الأمل في خروج حكومة من صناديق الاقتراع، ولهذا، فإن إطالة عمر الأزمة السياسية هدفها إبعاد الطبقة الوسطى في المدن عن صناديق اقتراع لا تصلح لشيء، وإخلاء المجال للأعيان لكي يرجعوا لتجارة الصوت مقابل المال، خاصة في المدن التي صار عدد سكانها أكثر من عدد سكان البادية، والباقي يتكفل به نمط الاقتراع والعتبة والترحال السياسي ومساعدة السلطة.

العصفور الثالث المستهدف بحجر البلوكاج هو عبد الإله بنكيران، الذي سيجد نفسه أمام مؤتمر حزبه في الخريف المقبل مضطرا إما إلى التقاعد السياسي، أو تغيير قانون الحزب للحصول على ولاية ثالثة على رأس الحزب، وفي كل الأحوال فإن الأمر لن يخلو من ارتباك للحزب الأول بالمغرب، خاصة أن هناك أصواتا من داخل المصباح بدأت تردد، ولو على استحياء، أن بنكيران أصبح مشكلة، وأن أسلوبه في إدارة المرحلة صب الزيت على النار.

أما العصفور الرابع المستهدف بحجر البلوكاج فهو حزب الاستقلال، الذي يعيش على إيقاع «حرب أهلية» وهو على بعد أيام من مؤتمره العام، بعدما جرى إقصاؤه من احتمال دخول الحكومة، وطرد زعيمه شباط من خانة المشروعية التي يضفيها القصر على زعماء الأحزاب السياسية، ولهذا ستجري عملية اقتسام إرثه الانتخابي بين الأحرار والبام إذا جرت الانتخابات في هذه الظروف التي يعيشها حزب قضى 15 سنة في الحكومة، من سنة 1998 إلى سنة 2013، وأصبح بناؤه التنظيمي وثقافته السياسية مرتبطين بالمشاركة لا بالمعارضة.. بالمنافع لا بالتضحيات.

هكذا يبدو أن السيناريو المرتقب للتخلص من العدالة والتنمية يرتكز على دمج الأحرار مع الاتحاد الدستوري في حزب واحد قبل التوجه إلى الانتخابات، وهجرة ما بين 50 و60 برلمانيا من الجرار إلى الحمامة، بعدما صارت مقاعد الأصالة والمعاصرة مقاعد نائمة وغير قابلة للتداول في بورصة السياسة، علاوة على المال السياسي الذي سيلعب لعبته في الانتخابات المقبلة إن جرت، والغرض أن تصل الحمامة، بمباركة من السلطة، إلى المرتبة الأولى، وبعدها تكون العقدة قد حلت.

هذه الحسابات على الورق تبدو متماسكة، لكن، على أرض الواقع، ربما تظهر أشياء أخرى «تفعفعها»، وأولها موقف بنكيران وحزبه، وهل سيشارك في انتخابات يعرف إطارها السياسي ونتائجها المسبقة أم لا؟ وموقف الناخبين، وهل سيستفزهم هذا السيناريو فيتوجهون إلى صناديق الاقتراع بكثافة أكبر، ويعطوا أصواتهم للحزب المستهدف أم لا؟ أما أهم نقطة يجب استحضارها بخصوص هذا السيناريو فهي الكلفة السياسية لنجاحه وليس لفشله، ومدى قدرة أخنوش على مجابهة تحديات الخمس سنوات المقبلة بحزب لا يتوفر على قاعدة اجتماعية، وزعيم مثل رأس الأصلع أينما ضربته يسيل دمه.

المصدر : اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقاقير للتخلص من ألم رأس اسمه بنكيران عقاقير للتخلص من ألم رأس اسمه بنكيران



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 03:28 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

يستقبل الرجاء الكوديم والوداد يواجه الفتح

GMT 03:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تواركة يعمق جراح شباب المحمدية

GMT 08:39 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها

GMT 02:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تسعى لشراء قمح في ممارسة دولية

GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 00:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

دبي تعلن عن أكبر صفقة عقارية هذا العام بأكثر من 137 مليون دولار

GMT 15:58 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يسدد ديون الضمان الاجتماعي

GMT 06:55 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل بروتين لشعرك من "المواد الطبيعة"

GMT 01:31 2023 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

آرون رامسديل يتعرض للانتقادات في آرسنال

GMT 20:41 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

غرف نوم باللون التركواز

GMT 03:47 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

ثعلب وسنجاب بطلا أفضل صورة للحياة البرية لعام 2019

GMT 11:48 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

شخصيات في حياة أحمد زكي والعندليب

GMT 00:01 2013 الأحد ,09 حزيران / يونيو

فقمة القيثارة مخلوق غريب لايتوقف عن الأبتسام

GMT 12:14 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السعادة المؤجلة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib