أوزين ليس غبيا ليستقيل

أوزين ليس غبيا ليستقيل

المغرب اليوم -

أوزين ليس غبيا ليستقيل

توفيق بوعشرين

هل الوزير محمد أوزين غبي حتى يستقيل من منصبه ويخرج من الجنة بإرادته؟ من يخرج من الوزارة في المغرب وهي توفر راتبا كبيرا، وسيارات كثيرة، ومنزلا فخما، وخدما وحشما وهيبة وحصانة وأبهة وأضواء واحتراما وخوفا حتى؟ من يجرؤ على الخروج من نعيم السلطة إلى قارعة النسيان؟ ثم لا تنسوا أن المنصب الوزاري فيه منافع أخرى أكبر من الراتب والامتيازات والأسفار، وتعويضات المهام في الداخل والخارج، وتكوين شبكة علاقات زبونية تنفع اليوم أو غدا.. المنصب الوزاري، في بلاد لا حساب فيها ولا عقاب، يمكن، في صفقة واحدة، أن ينقل الوزير من حال إلى حال، ومن الكفاف والعفاف إلى مصاف المليارديرات، وهناك عدة نماذج من الوزراء دخلوا إلى «جواهم» بعد أن اغتنوا في ظرف قياسي، وهم الآن لا يطلبون إلا «التيقار»، ويتمنون ألا تذكرهم وسائل الإعلام لا بالخير ولا بالشر…

السادة الذين يطالبون باستقالة الوزير «مول الكراطة».. هل لديكم أجوبة عن هذه الأسئلة؟ أوزين فعل المستحيل لكي يصل إلى الوزارة، وحزبه لا يعرف، منذ تأسيسه في أواخر الخمسينات، غير المشاركة في الحكومات المتعاقبة. وعندما ابتلي لسنوات قليلة بالمعارضة، كاد يختفي من المشهد السياسي، وبدأ زعماؤه في نهش لحم بعضهم البعض…

ثقافة الاستقالة من المنصب ليست ثقافة مغربية.. أوزين ليس الأول ولا الأخير الذي يعض على الوزارة بالنواجذ.. قبله مول الشوكولاطة فعل المستحيل لكي يبقى في منصبه، وانحنى للعاصفة حتى مرت، والآن أمامكم أنس العلمي، مدير إمبراطورية صندوق الإيداع والتدبير، لم تدفعه التهم الثقيلة التي وجهها إليه قاضي التحقيق إلى الاستقالة، وفضل أن يوزع وقته ما بين محاكم جرائم الأموال ومكتبه في «بلاس بيتري». وقبل هؤلاء نحج نور الدين بنسودة، الخازن العام للمملكة، في بلع فضيحة البريمات، وتشبث بالكرسي في وزارة المالية، وأصبحنا نحن المتهمين لأننا نشرنا وثائق بريمات غير قانونية تبادلها من تحت الطاولة مع صلاح الدين مزوار، الذي رجع إلى وزارة الخارجية «بالفور يا شيفور»، وقبل هؤلاء تورط بلخياط في فضيحة سيارة «الأودي»، ومرت الأمور بسلام… ذاكرة الناس قصيرة، والسياسة هي فن القفز فوق الحواجز، وهذه أكبر نعم غياب الديمقراطية في المغرب.. الرأي العام لا قيمة له.. «بوزبال» سينسى غدا كل هذه الحوادث، وجل الطبقة السياسية، وأغلبية الأحزاب لا تتوقع من الناخب معاقبتها غداً في صناديق الاقتراع، وهل عاقب الناخبون عباس الفاسي الذي خرج من فضيحة «النجاة» إلى الوزارة الأولى، حيث حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات مباشرة بعد فضيحة الضحك على ذقون المعطلين؟ أغلبية الأحزاب لا تحتاج إلى أصوات الناخبين.. إنها تدفع مقابل الحصول على أصوات «الرعاع» الذين يفضلون 200 درهم الآن على انتظار وعود قد تتحقق، وقد لا تتحقق، والذين لديهم ضمير؛ بعضهم يضغط على نفسه ويصوت لأحزاب لا تحكم، والكثيرون لا يصوتون لأحد، ويفضلون البقاء في منازلهم يوم الاقتراع…

لا يستقيل الوزراء عندنا مهما تورطوا في الفضائح للأسباب التالية:

أولا: لأن الخروج من الوزارة هو خروج من جنة الأرض. المنصب في المغرب يوفر امتيازات خيالية، خاصة للذين باعوا ضمائرهم، وهذا على عكس الدول الأوروبية، حيث المنصب لا يعطي سوى شرف خدمة الوطن والأمة، لهذا يخرج هناك المسؤولون بسهولة.

ثانيا: الوزراء وكبار المسؤولين لا يستقيلون من مناصبهم عندنا لأنهم يعرفون أن الفساد ضارب أطنابه في كل مكان، فلماذا يضحون هم لوحدهم؟ الفساد هو القاعدة والنظافة هي الاستثناء، أما في الغرب الديمقراطي فإن المسؤولين وأحزابهم لا يقدرون على تكلفة الفضيحة فيستقيلون.

ثالثا: الوزراء وكبار المسؤولين عندنا لا يقدمون استقالتهم من مناصبهم لأنهم يعرفون أن التصويت العقابي غير موجود، أو ضعيف، وأن الرأي العام مخدر، وإذا وجد فإنه لا يؤثر في الانتخابات، ولا في سمعة الأحزاب التي لا تهمها السمعة أصلا.. هي تتغذى على السماسرة والانتهازيين وبلطجية الانتخابات الذين يعرفون كيف يصطادون الأصوات بدون تعاقد سياسي أو برنامجي.

رابعا: المسؤولون لا يقدمون استقالتهم عندنا لأنهم يعرفون أن القضاء في بلادنا قط بلا مخالب ولا أسنان، وأنه مخلوق أليف لا يقدر على مد يد القانون إلى حضرة الكبار. السجن موجود للفقراء والبسطاء وللذين لا حماة لديهم في العرس.. الباقون كلهم محميون، أما في الغرب، فالمسؤولون يخرجون من الوزارات مخافة الدخول إلى المحاكم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوزين ليس غبيا ليستقيل أوزين ليس غبيا ليستقيل



GMT 19:50 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 19:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 19:46 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 19:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 19:39 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 19:33 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 19:30 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib